أصدرت محكمة القضاء الإداري بمحافظة الإسكندرية برئاسة المستشار محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، حكمًا قضى بإلزام وزارة الداخلية باستخراج بطاقة الرقم القومي، ل"مجهولي النسب"، بالتسمية الثلاثية الجزافية لخانة الأب وخانة الأم، التي يجريها طبيب الوحدة المختصة عند العثور على اللقطاء طالما لم يظهر الوالدين الحقيقيين، مع حظر التبني. وصدر الحكم برئاسة المستشار دكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين خالد شحاتة، ووائل المغاوري، نائبي رئيس مجلس الدولة، حيث قضى بإلغاء قرار وزارة الداخلية "مصلحة الأحوال المدنية" السلبي بالامتناع عن إصدار بطاقة الرقم القومي باسم إحدى طالبات الثانوية العامة بالبحيرة ، استنادًا إلى أنها مجهولة الأبوين, وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام وزارة الداخلية بإصدار بطاقة الرقم القومي لها بحسبان أن مجهولي الأبوين من حقهم دستوريًا الاعتراف بالشخصية القانونية، ولهم الحق في الاسم الجزافي، واستخراج بطاقة الرقم القومي، حرصًا على إنسانيتهم وحفاظًا على آدميتهم من التشرد والضياع، وألزمت الإدارة المصروفات. ومسبقًا، عثرت إحدى السيدات بالبحيرة على طفلة رضيعة ملقاة على الأرض مجهولة الأبوين، ثم ذهبت بها لقسم الشرطة وتعهدت برعايتها، وحدَّد طبيب الوحدة الصحية اسمًا ثلاثيًا جزافيًا في خانة الأب وخانة الأم طبقًا للقانون، وحصلت على شهادة ميلاد لها, وعندما وصلت للمرحلة الثانوية لجأت لوزارة الداخلية مصلحة الأحوال المدنية لاستخراج بطاقة الرقم القومي إلا أنَّ وزارة الداخلية طلبت من الطالبة البحث عن والديها المجهولين كشرط لحصولها على بطاقة الرقم القومي. وقالت المحكمة: "الإنسان هو محور الكون الذي تدور حوله كل الأشياء والمسخرة له في كل الأزمنة والأمكنة لذلك اهتم المشرِّع المصري بحقوق الطفل مجهول الوالدين فلم يحرمه من عنايته ورعايته، فعامله نفس المعاملة التي يعامل بها الطفل معلوم الوالدين, فجعل له الحق في الاسم طبقًا للبيانات التي يدلي بها المبلغ وعلى مسؤوليته عدا إثبات اسمى الوالدين أو أحدهما الحقيقيين، فيكون ذلك بناءً على طلب كتابي ممن يرغب منهما بحسبان أنه يحظر التبني, وفي حالة عدم التوصل إلى معرفة الوالدين أو أحدهما للطفل حديث الولادة مجهول الوالدين فإن المشرع منحه رغم ذلك الحق في الاسم واللقب عن طريق إلزام طبيب الصحة المختص بتقدير سن الطفل وتحديد نوعه وتسميته رباعيًا تسمية جزافية حتى لا يحرم الطفل مجهول الابوين من حقه الطبيعي في الشخصية القانونية سبيلاً للاعتراف بأدميته كإنسان, وفي ذلك بناء لبنة اجتماعية لصرح مجتمع صحيح يقوم على بث روح التسامح والاندماج للأطفال مجهولي النسب والاحتفاظ لهم بهويتهم الإنسانية لمواجهة ما أطبقت عليهم الحياة ظلمًا وظلامًا نتيجة تصرفات غير انسانية بتخلى ابائهم عن الاعتراف بهم أيًا كانت الأسباب والظروف". وأضافت المحكمة أنَّ الطفلة المذكورة استقبلت دنياها وهي مجهولة الأبوين وقد عثرت عليها المدعية, واتخذت كافة الإجراءات القانونية للإبلاغ عن واقعة العثور عليها وحررت محضرًا بذلك في قسم الشرطة المختص وضع لها طبيب الوحدة الطبية المختص مع المدعية اسمًا ثلاثيًا جزافيًا لكل من خانة الاب وخانة الام طبقا للقانون المصرى , وبناء على ذلك صدرت لها شهادة الميلاد متضمنة هذه البيانات, ولم يثبت من الاوراق عكس تلك البيانات ولم يظهر لها أحد أبويها حتى الآن, وقد أخذتها المدعية منذ العثور عليها حديثة الولادة واحتضنتها من غدر الزمان فأحسنت تربيتها ورعايتها حتى بلغت الطفلة اشدها وتخطت سن السادسة عشرة ,وعندما تقدمت الطفلة باستخراج بطاقة الرقم القومى فوجئت بان مصلحة الاحوال المدنية بوزراة الداخلية بالبحيرة امتنعت عن إصدار تلك البطاقة بحجة ضرورة إحضار الابوين المجهولين, رغم علم وزارة الداخلية بأنها طفلة مجهولة الأبوين , ولم تأخذها بها رحمة أو شفقة بل ظل العدوان على إنسانيتها وأدميتها شهور عددًا , وما كان يجب على وزارة الداخلية التي تقوم على خدمة الشعب أن تنال من حق الطفلة فى التعبير الإنساني عن كونها مخلوقة تعيش على الأرض, وما كان ينبغى أن تؤذي مشاعرالطفلة ومشاعر من قامت على رعايتها. وأشادت العديد من منظمات المجتمع المدني والمؤسسات والجمعيات التي تقوم على رعاية الأيتام ومجهولي الأبوين بحكم المحكمة، ووصفته أنه يمثل صفحة مضيئة في طريق حياة مجهولي الأبوين والأيتام يعبر عن فكر مستنير يحفظ لتلك الفئات حقوقهم الدستورية كآدميين ويمنحهم الشخصية القانونية التي تمكنهم من الاندماج في المجتمع.