القوة العربية المشتركة، مصطلح أصبح الشاغل لوسائل الإعلام العربية في أعقاب إعلان المملكة العربية السعودية قيادة تحالف عربي ضد الحوثيين في اليمن، وكان في فبراير الماضي أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي دعوة بتكوين قوة عربية مشتركة لمواجهة التهديدات الأمنية التي تواجهها المنطقة، وهو ما وافقت عليه بالفعل وزراء خارجية الدول العربية على هامش اجتماع القمة العربية السادسة والعشرين المنعقده بشرم الشيخ. وهناك تساؤلات عديدة تدور حول إمكانية تطبيق تلك المبادرة، في ظل بيئة إقليمية منقسمة المحاور، وصراعات داخلية متأججة في دول كاليمن والعراق وسوريا وليبيا. لماذا القوات المشتركة؟ تمر منطقة الشرق الأوسط بعدة متغيرات تفرض على دولها واقع مختلف يدفعها للتفكير في قوة عربية مشتركة بغرض حماية أمنها القومي في المقام الأول. وتتمثل أبرز هذه المتغيرات في التهديدات المتزايدة على الأمن القومي العربي في ضوء انتشار الجماعات المتطرفة في المنطقة، بالاضافة لتزايد حدة الصراعات الداخلية في بعض الدول التي سقطت أنظمتها مع ثورات الربيع العربي، بالاضافة للنفوذ الايراني والتركي المتزايد في المنطقة. هناك دافع أخر يمثل تعدي حجم المخاطر والتهديات لحجم وقدرات الدول منفردة، وتتسم تهديدات الأمن في المنطقة اليوم بكونها عابرة للحدود، بحيث ترتبط بشبكة علاقات ممتدة، يصعب أن تسيطر عليها دولة عربية بمفردها، وهو ما يتطلب ان تكون القوة العربية المشتركة قوة حماية من جهة وردع من جهة أخرى. كما يجب ان يوضع في الاعتبار شرعية الدور العربي الموحد الذي يعد بمثابة غطاًء شرعيًّا لمواجهة أي تهديدات لأمنها دون الاعتماد على الدور الغربي للسيطرة على هذه التهديدات، أو التورط الفردي بها، وإن كان آخرون يرى أن أي تدخل عسكري لهذه القوة يجب أن يحصل على موافقة مجلس الأمن. ستمثل تلك القوة الذراع العسكرية للجامعة العربية، ويصبح التدخل اليوم تأصيلا لفكرة الدفاع العربي المشترك، ضد العدوان علي أي دولة عربية، خاصة في ضوء ميثاق الجامعة العربية الذي ينص على حماية أمن واستقرار الدول العربية، واللجوء للجامعة لحل النزاعات بينهم، كما أن هذه القوة تأتي تنفيذًا لاتفاقية الدفاع العربي المشترك لعام 1950. أبعاد التحالف العربي لاقت دعوة تشكيل قوات عربية مشتركة قبول معظم قادة الدول العربية بشكل مبدئي، ولكن حتى الآن ليس هناك رؤية واضحة حول الدول ذاتها التي ستشارك بقوة عسكرية، وبين الدول التي ستكون متضامنه بالموقف فقط، وهل ستكون القوات المشتركة، تحالفاً دائم أم غطاء مؤقت، وفي كل الحالات ستكون تلك الخطوة هامة تفعيلا لمعاهدة الدفاع العربي المشترك التي تم توقيعها في عام 1950. الأمر الأخر سيتعلق بمناقشة الفكرة داخل القاعات المغلقة، وليس جامعة الدول العربية فقط، فمازالت الفكرة تحيطها بعض التحفظات من بعض الدول، بسبب الصراعات البينية العربية العربية، فعلى سبيل المثال تحفظت قطر على تفهم الجامعة العربية للضربة الجوية المصرية لتنظيمات الإرهاب في شرقي ليبيا ردًّا على مقتل 21 مصريًّا على يد تنظيم "داعش". ماذا يمنع تكوين القوات المشتركة؟ هناك العديد من العوائق السياسية التي تواجه تشكيل قوات عربية مشتركة، يتمثل أبرزها في الخلافات العربية في بعض المواقف والقضايا التي تتعلق بقضايا المنطقة أو الخلافات حول حدود أدوار الدول العربية إقليميا. يأتى العائق الثاني ليرتبط بمصالح الدول الغربية خاصة التي تسعى لحماية مصالح إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، والتي ستزداد مخاوفها بالفعل من التحرك العربي الموحد وتكوين قوة دفاعية عربية مشتركة.