يبدو أن محاكمة مبارك ستدخل مفترقا تاريخيا جديدا، بقرار المحكمة، أمس، باستدعاء قيادات ثقيلة الوزن والمكانة، عملت إلى جوار الرئيس «المخلوع»، خلال الثمانية عشر يوما التى غيرت شكل مصر، من 25 يناير إلى 11 فبراير الماضيين. رئيس المحكمة المستشار أحمد رفعت، استجاب إلى طلبات المحامين عن المتهمين، وأيضا عن أسر الشهداء والمصابين، وقرر سماع شهادة كل من المشير حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الأحد المقبل، ويوم الإثنين سيخصص لرئيس الأركان ونائب رئيس المجلس العسكرى، الفريق سامى عنان، فيما تستمع المحكمة لشهادات كل من: نائب رئيس الجمهورية السابق عمر سليمان، ووزير الداخلية الحالى منصور عيسوى، والسابق محمود وجدى، أيام الثلاثاء، والأربعاء، والخميس على التوالى. الجلسات الخمس ستكون «سرية»، ما يفتح الباب واسعا أمام التكهنات، وربما الشائعات، عما دار خلالها، وما أدلى به المسؤولون الكبار، من أقوال، وأيضا المفاجآت المتوقع تفجيرها فى تلك الجلسات، والتى ربما تشهد تحولا دراميا فى مسار المحاكمة، بظهور «شاهد ملك» يدين أيا من المتهمين، يتوقع كثيرون أنه ربما يكون عمر سليمان أو محمود وجدى. ورغم إعلان المحكمة أن السرية لضمان مقتضيات الأمن القومى، يقول مراقبون إن أوضاع مصر الآن، وغليان شعبها، وضبابية الصورة الراهنة، كانت تفترض وتفرض أن تكون الجلسات علنية، حيث يحق للمصريين معرفة ماذا جرى فى بلادهم، وما دار بين الرئيس المخلوع ورجاله فى أدق لحظات مصر.
كانت وقائع الجلسة الرابعة لمحاكمة الرئيس السابق مبارك ونجليه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى ومساعديه فى قضية قتل المتظاهرين والاستيلاء على المال العام وإهداره وتصدير الغاز لإسرائيل قد بدأت فى العاشرة وعشر دقائق حيث كانت البداية كالعادة بدخول العادلى إلى القفص، وتبعه مساعدوه عدلى فايد وحسن عبد الرحمن وإسماعيل الشاعر وبعدهم أسامة المراسى وعمر الفرماوى، بعدها بدقيقتين دخل علاء وجمال، ونظرا إلى المكان الذى فيه مبارك على سريره وتحدثا معا بإشارات تشير إلى وضع السرير، وخرج علاء، وبعدها بدقيقة عاد مرة أخرى بصحبة أحد أفراد القوات المسحلة، وشخص مدنى يسحبون سرير مبارك.
فى العاشرة وخمس وعشرين دقيقة بدأت الجلسة بأن نادى المستشار أحمد رفعت على حسنى مبارك فرد بصوت خفيض «موجود» بعدها طلب المدعون بالحق المدنى الحديث، وطالبوا برؤية المتهمين جيدا، ووجه أحد المدعين بالحق المدنى حديثه للمحكمة قائلا إنه يرفض حضور المحامين الكويتيين للدفاع عن مبارك حفاظا على كرامة مصر والثورة.
مشادة حدثت بين المدعين بالحق المدنى لإصرارهم على الوقوف أمام هيئة المحكمة، فقال المستشار أحمد رفعت لن نبدأ الجلسة إلا إذا هدأ الجميع، واستقروا فى أماكنهم «المظهر الحضارى لمصر» وكررها ثلاث مرات، ثم نادت المحكمة على المتهمين، فرد مبارك للمرة الثانية «موجود» وعلاء «موجود حضرتك» وجمال «موجود» أما العادلى وفريقه فللمرة الثانية كان ردهم جميعا على المحكمة بكلمة «أفندم».
عضو لجنة الدفاع عن أسر الشهداء محمد الدماطى طالب المحكمة بحماية هيئة الدفاع عن أصحاب الحقوق المدنية وحماية أسر الشهداء، موجها كلامه للمحكمة «أنتم علمتم بما حدث فى الجلسة الماضية، داخل وخارج المحكمة، ونحن نؤكد أن فلول النظام القديم تستعين ببعض القيادات الشرطية للعودة من جديد، والمحكمة منوط بها حمايتنا داخل وخارج القاعة، لأنه لا يمكن لهؤلاء الذين سفكوا دماء الشعب أن يُتركوا ليسفكوه مرة أخرى»
علاء مبارك الذى كان ينظر إلى الأرض فى انكسار شديد فى مؤخرة القفص، منذ بداية حديث الدماطى، ضحك عندما سمع طلب استدعاء والدته، بعدها بدأ المدعون بالحق المدنى إبداء طلباتهم التى كان أهمها استدعاء عصام شرف رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية.