مأساة حقيقية تشهدها دور السينما بمدينة الإسكندرية، فالمدينة التي شهدت أول عرض سينمائي في مصر عام 1896، وأول دار سينما عام 1897، وعايشت أول تصوير للقطات سينمائية في ذات العام، وأخرجت للعلن أول ستوديو سينمائي مصري عام 1907، وأول مجلة سينمائية عام 1919، تتخلص الآن من سينماتها، التراثية والتاريخية، وريادتها في هذا المجال، سواء بالهدم، أو بتحويل عدد منها إلى مولات تجارية، في ظل غياب المسئولين بالمدينة. خلال ال10 سنوات الأخيرة فقط، تم هدم أكثر من ثلاثين دار سينما، بمختلف أنحاء الإسكندرية، بعضها امتد عمره لعقود طويلة، وخاصةً في منطقة محطة الرمل، التي لها خصوصيتها التاريخية في نشر الثقافة والفنون بالمدينة، حيث استحوذت على النصيب الأكبر من السينمات، والتي شيد أغلبها "أجانب". وفي مطلع العام الماضي، تفاجأ السكندريين، ببلودزر الهدم يهدم سينما "ريالتوا"، بمنطقة محطة الرمل، والتي كانت أحد أهم دور السينما ليس في مصر فحسب، ولكن بالعالم، نظراً لتاريخ إنشائها، والذي يمتد لأكثر من 100 عام، بهدف إنشاء مول تجاري ضخم مكانها، لصالح إحدى شركات المقاولات الخليجية، العاملة بمصر. وعلى مقربة منها، وبشارع فؤاد، وبالتحديد في الجهة المقابلة من مسرح سيد درويش "أوبرا الإسكندرية"، قرر مالكي سينما "فؤاد"، تحويلها إلى قاعة أفراح، يقول محمد راضي، حارس بالقاعة "عملت بالسينما لعقود طويلة، وشاهدت نجوم كثيرين من الزمن الجميل، من بينهم أحمد رمزي، وفريد شوقي، وكان هذا هو العصر الذهبي للسينما والفن، لكن في الوقت الأخير لم تعد السينما تدر الدخل الكافي لأصحابها، خاصةً مع الركود، مُعلقاً على تحويلها لقاعة أفراح قائلاً "مالهم ومن حكم في ماله ما ظلم"، وفي الجهة المقابلة من "فؤاد"، أغلقت سينما "بلازا" بالجنازير، تمهيداً لهدمها، في مشهد تعبيري يعلن انتهاء عصر الفن، وبداية عصر المقاولات. ورصدت "التحرير" عدداً كبيراً من السينمات، التي أغلقت أبوابها في ال10 سنوات الأخيرة بالإسكندرية، ومن أبرزها سينما النصر الصيفي في الدخيلة، وسينما المنتزه الصيفي، مروراً بسينما الهلال ب"القباري"، وسينما الجمهورية ب"راغب"، وسينما ستار ب"محطة مصر"، وسينما التتويج، وريتس، والهمبرا، والكوزمو، والشرق، وبارك، وماجيستيك ب"المنشية" ومحطة الرمل، وسينما قيس، وسينما ليلى ب"باكوس"، وسينما سبورتنج، ولاجيتيه، وأوديون، وغيرها من سينمات الدرجة الثانية، والثالثة، وقد هُدمت جميع هذه السينمات، وتحولت إلى عمارات، أو مولات، أو إلى ورش، ومخازن.