سارة «بنت الشرقية» تحدت المستحيل وحصدت المركز الأول في الثانوية التجارية    قنا.. خمسيني يرتكب جريمة بشعة تهز قرية المحارزة: ذبح والدته وفصل رأسها عن جسدها    وزير العمل يستقبل وفدًا من الشركة الروسية العاملة في مشروع الضبعة    دموع حزبية على صندوق الانتخابات    المناهج والحصص والمواد المضافة للمجموع.. قرارات عاجلة من التعليم بشأن العام الجديد    رئيس جامعة المنوفية يشهد عددًا من الاجتماعات الأكاديمية الهامة بجامعة لويفيل الأمريكية    أقباط مصر يحتفلون بمرور 1608 عاما على رحيل القديس الأنبا بيشوي (صور)    سعر الذهب المعلن بموقع البورصة المصرية 15 يوليو 2025    بعد موافقة برلمان العصابة …مراكز حقوقية تحذر السيسي من التصديق على تعديلات قانون الإيجار القديم    للبيع بالمزاد العلني.. طرح أراضٍ سكنية غرب طريق الأوتوستراد -تفاصيل    رئيس الوزراء يتابع إجراءات تنفيذ الخطة الاستراتيجية لتحلية مياه البحر    التربية على النظرة النقدية    إيران تعلن استعدادها لاستئناف المحادثات النووية مع واشنطن "على أساس الاحترام المتبادل"    نائبة يونانية: المفوضية الأوروبية تُعطي الحكومة اليونانية الضوء الأخضر لقانون هجرة مثير للجدل    السوداني: القضاء العراقي مستقل ولا يخضع لتهديد    أحمد شريف : الانتقال للزمالك كان حلماً من أحلامي منذ الصغر    النيجيرى إسحاق سافيور ينضم للاتحاد السكندري    القضاء الإداري: تأييد إدراج 6 مرشحين لانتخابات الشيوخ.. وترك الخصومة في طعنين    كوارث الانقلاب… حريق بمستشفى قنا وانهيار بلكونة منزل بالغربية وحوادث بالإقليمى وشبين القناطر ومشاجرة بكلية التكنولوجيا بالفيوم    عاجل- ارتفاع درجات الحرارة غدًا وأمطار رعدية متوقعة على بعض مناطق جنوب مصر    سماع دوي انفجار داخل محطة وقود برمسيس.. ومصدر يكشف التفاصيل    تامر حسني يتصدر التريند بعد طرح ألبومه الجديد «لينا معاد».. والجمهور يُقيم الأغاني    أبرزهم أمير كرارة وهنا الزاهد.. نجوم الفن يتوافدون على العرض الخاص لفيلم الشاطر    "حصان وبحر وشلال".. رنا رئيس تستمتع بإجازة الصيف أمام أحد الشواطئ    ب«الحجاب».. ياسمين عبدالعزيز تشارك كواليس زيارتها لمسجد الشيخ زايد الكبير (فيديو)    الشيخ خالد الجندي: وصف وجه النبي صلى الله عليه وسلم    ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟.. أمين الفتوى يفجر مفاجأة    هل يصل ثواب ختم القرآن كاملًا للمتوفى؟.. أمين الفتوى يجيب    ما الفرق بين المتوكل والمتواكل؟.. محمود الهواري يجيب    محافظ الجيزة: "100 يوم صحة" تستهدف إيصال الخدمات الصحية لكافة المواطنين    متحدث الصحة يكشف تفاصيل مبادرة "100 يوم صحة".. ماذا تقدم؟    هل القيء الصباحي علامة على جرثومة المعدة؟    بيت الزكاة والصدقات يقدم الدعم ل 5000 طفل بقرى محافظة الشرقية    الاتحاد العماني يعلن التعاقد مع كيروش لقيادة المنتخب الأول    انفوجراف | شروط ومستندات التقديم للتدريب الصيفي بالبنك المركزي المصري    120 مليون سنويا.. خالد الغندور يكشف انتقال حمدي فتحي إلى بيراميدز    مستشفى سوهاج العام تحصل على المركز الثانى فى إجراء جراحات العظام    جمهور رحمة محسن يطالب بالدعاء لها بعد تداول صورتها داخل المستشفى    بهدف تطوير الخدمة الثقافية والتحول الرقمى.. جولة فى موقع وزارة الثقافة الجديد    لليوم الثالث.. انتظام أعمال تصحيح الشهادة الثانوية الأزهرية بالقليوبية    برينتفورد يضم جوردان هندرسون في صفقة انتقال حر لمدة عامين    خمسة لاعبين إيطاليين على أعتاب تغيير أنديتهم قبل كأس العالم 2026    بحافلة متعطلة.. إسرائيل تلجئ نازحا من طولكرم إلى مأوى من حديد    "الأونروا": ارتفاع معدلات سوء التغذية في قطاع غزة    اليوم نظر محاكمة عامل متهم بقتل زوجته فى الطالبية    زوجة تلاحق زوجها بدعوى حبس بعد طلبه تخفيض نفقات طفلتها    برج السرطان.. حظك اليوم الثلاثاء 15 يوليو: احذر    إلهام شاهين عن صورة لها بالذكاء الاصطناعي: زمن الرقى والشياكة والأنوثة    كل ما تريد معرفته عن كأس العالم للأندية 2029    قوات الاحتلال تعتقل أكثر من 32 فلسطينيا من الضفة الغربية    نيسان تعتزم إغلاق مصنعها الرئيسي في أوباما بحلول مارس 2028 لخفض التكاليف    الصحة: بدء تدريب العاملين المدنيين بوزارة الداخلية على استخدام أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    القومي لحقوق الإنسان ينظم ورشة عمل حول مقترح قانون الأحوال الشخصية الجديد    ثنائي بيراميدز ينضم إلى معسكر الفريق في تركيا    تعرّف على عقوبة إصدار شهادة تصديق إلكتروني دون ترخيص وفقًا للقانون    محامي المُعتدى عليه بواقعة شهاب سائق التوك توك: الطفل اعترف بالواقعة وهدفنا الردع وتقويم سلوكه    محمد حمدي: هذه أسباب عدم نجاحي مع الزمالك    الحكم محمد الحنفي يعلن اعتزاله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شباب يؤرخ بالصوت والصورة:
وقائع اختفاء دار للسينما!
نشر في آخر ساعة يوم 30 - 04 - 2013

الجمهور أمام شباك تذاكر سينما ريالتو صورة تعود لمنتصف القرن الماضى
في غفلة من الزمن.. وفي ظل الفوضي التي تعيشها البلاد يعبث الفساد بتاريخنا ليمحو في لحظة مبني ثقافيا وأثريا لكن شباب الإسكندرية حاولوا التصدي وقاموا بالتسجيل بالصوت والصورة للمشاهد المؤسفة لمحو سينما ريالتو.. وكأنه نفس المشهد السينمائي الحزين.. في فيلمه الرائع (سينما باراديزو الجديدة (8891 Nuovo Cinema Paradiso" يصور لنا المخرج الإيطالي »جيوزبي تورنَتوري« كيف ارتبطت طفولة بطله بسينما القرية التي ولد بها، سينما باراديزو (بالإيطالية: الجنّة)، وكيف تشكل وجدانه بين جدرانها العالية. في الفيلم، يعود البطل بعد ثلاثين عاما لقريته ليشهد وقائع هدم سينما باراديزو بنفسه، بعد أن تقرر استبدالها بموقف للسيارات. في مشهد بالغ الصدق، يلتف أهل القرية حول دار السينما العتيقة، يعلو صوت التفجير مدويا، ثم تتهاوي الجدران وسط سحابة كثيفة من الغبار. ومع الجدران التي لوحتها الشمس لعقود طويلة تتهاوي كذلك الذكريات والأحلام.
يحكي ويدون الدكتور محمد عادل دسوقي ويقول وكأنه نفس المشهد. اليوم في الإسكندرية، المدينة التي شهدت أول عرض سينمائي في مصر (1896) وأول دار سينما (1897) وأول تصوير للقطات سينمائية (1897) وأول ستوديو سينمائي مصري (1907) وأول مجلة سينمائية (1919) تهدم واحدة من دور السينما التاريخية. خطوة جديدة في سباقنا المحموم نحو محو تاريخنا وذاكرتنا.
من جديد، تفقد الإسكندرية دار سينما أخري. واليوم كان الدور علي سينما »ريالتو«.
»ريالتو«.. 36 شارع صفية زغلول، محطة الرمل. عنوان طالما قصده سكان الإسكندرية لعقود طويلة لمشاهدة الأفلام الجديدة.. 666 مقعدا بالصالة، 439 بلكون، و20 لوج، أي 1205 نوافذ كانت تفتح يوميا للخيال والسعادة والذكريات، ثلاث أو أربع مرات كل يوم، طوال العام.
موقع سينما ريالتو (1938)
نعم، بالفعل أطاح البلدوزر اليوم بما تبقي من مبني السينما، لكن، في حقيقة الأمر، أن اختفاء »ريالتو« بدأ قبل اليوم بكثير. فمثلها مثل آلاف الأبنية التاريخية في الإسكندرية، تُركت عمدا فريسة للإهمال والإضافات والتشويهات وفشل الإدارة والقوانين، قبل أن تظهر فجأة إحدي شركات "الاستثمار العقاري" لتشتريها وتهدمها وتستبدلها بما تيسر لها من مبانٍ دميمة تقضي علي ما بقي من ملامح المدينة، وتزيد من اختناق شوارعها. في حالتنا هذه، أعلنت شركة الاستثمار العقاري أنها ستقوم "بتطوير" السينما. وضعوا لافتة كبيرة تقول "ريالتو تولد من جديد!" (Rialto Re-born) وبالطبع لكي تولد من جديد، كان لابد من قتلها أولا!
طالع الآن موقع الشركة الذي سيخبرك، بلغة انجليزية ركيكة، عن »ريالتو مول« والذي سيضم "اختيارات متنوعة من الأزياء المتميزة، والمستلزمات المنزلية، والمحلات الحديثة، بما في ذلك سينما متعددة الشاشات، ومجموعة مطاعمfood court) ) عالمية مثيرة للإعجاب، ومساحات تجارية للبنوك، تقع بميدان محطة الرمل". هل سيتحمل شارع صفية زغلول كل هذا؟!
بدأ الهدم الفعلي منذ نحو شهر. واتبعت الشركة المذكورة أسلوبا شديد المراوغة، فقد أعلنوا أنهم سيطورون المبني، وبالفعل أزالوا أجزاءه من الداخل فقط وتركوا واجهاته، فظننا أنهم سيكتفون بتقسيم المبني من الداخل فقط، وهو أسلوب متعارف عليه في التعامل مع بعض حالات المباني التاريخية. وقد جري بالفعل تقسيم دور سينما شهيرة من قبل بالإسكندرية إلي قاعات أصغر، مثلما حدث في سينمات مترو وأمير ورويال وإن تفاوتت جودة التعامل المعماري في كل حالة.
في هذا الفيلم القصير، سجل محمد نبيل وغادة عصام وسارة سويدان كيف "تولد ريالتو من جديد!". في اللقطات المتلاحقة، نستطيع أن نري الصالة الرئيسية بزخارفها المميزة والسلم الذي كان يؤدي إلي "البلكون" بينما يواصل عمال الهدم مهمتهم بإخلاص لكن الشركة المذكورة باغتت الجميع وأطاحت بالمبني بالكامل، بلا أي مقدمات. والمبني للأسف لم يدرج بقائمة التراث الحالية. كان مدرجا فقط بقائمة التراث التي أعدت في 1999 ولم تعد سارية اليوم.
هدمت ريالتو وهي ليست السينما الأولي، ولن تكون الأخيرة. اقرأ معي ما كتبه الأديب إبراهيم عبد المجيد عن سينمات الإسكندرية في إحدي مقالاته في 2006:
في نهاية الصيف الماضي وأنا أمشي في شارع فؤاد لاحظت إغلاق سينما فؤاد وسينما بلازا. ثم في زيارة تالية لاحظت حركة في سينما فؤاد لإعدادها لتكون "مسرح أفراح" وعرفت أن ذلك سيحدث أيضا مع سينما بلازا. وانقبض قلبي كما حدث من قبل مع كل سينما يتم إغلاقها في الإسكندرية. من زمان وأنا أعرف أن هدم السينمات في كل البلاد العربية عملية مخططة، ليست عشوائية أبدا، وراءها بعض رجال الأعمال الجشعين الذين أرادوا الاستفادة من المكان لبناء عمارات أو أنشطة تجارية أكثر ربحا، والأهم أن وراءها أفكارا رجعية تري فن السينما حراما لا نعرف نحن مصدر تحريمه. هؤلاء الذين فعلوا ذلك لم يعرفوا بالطبع أن شخصا مثلي سوف يتألم لسبب شخصي جدا هو أنه في هذه السينمات تلقي أول دروسه في التخيل وقيمته. وأنهم حرموا طوائف الشعب من أجمل متعة احتفالية، فرؤية الأفلام في السينما أمتع وأعظم من رؤيتها في التليفزيون، لأنه في السينما أنت تشاهد الفيلم ضمن طقس احتفالي كبير يشاركك فيه مئات الناس, وضمن صمت جليل يليق بالفن، وضمن توحيد عميق مع الجماعة من النظارة (...) كم دارا للسينما تم هدمها في الإسكندرية؟ أكثر من ثلاثين دار. ابتداء من سينما النصر الصيفي في الدخيلة زمان إلي سينما المنتزه الصيفي مرورا بسينما الهلال بالقباري، وسينما الجمهورية براغب وسينما ستار بمحطة مصر وسينما التتويج وريتس والهمبرا والكوزمو والشرق وبارك وماجيستيك بالمنشية ومحطة الرمل، وسينما قيس وسينما ليلي بباكوس وسينما سبورتنج ولاجيتيه وأوديون وغيرها من سينمات الدرجة الثانية والثالثة. هدمت هذه السينمات وتحولت إلي عمارات أو مولات أو تحولت إلي ورش ومخازن.."
في النهاية، لابد من إلقاء الضوء علي شباب سجل بالكلمة والصورة مدونة وقائع اختفاء سينما ريالتو وهم رنا المحلاوي وجهاد عصام وشهاب الدين مصطفي والذين قاموا بتسجيل لحظات الهدم ..وأعرب الشباب أنه لن يتوقف أبدا عن التذكير بأهمية تراث الإسكندرية العمراني، سواء لأسباب تاريخية وثقافية بالغة الأهمية لارتباطه بهوية سكان المدينة وذاكرتهم الجمعية وعلاقتهم التبادلية معها، أو لأسباب اقتصادية وسياحية حيث تعتمد مدن العالم علي ما تملك من ملامح تاريخية باعتبارها مقومات تسويقية جاذبة للسياحة تدر عليها ملايين الدولارات سنويا، أو لأسباب نفعية ووظيفية بحتة حيث لم تعد الإسكندرية تتحمل أي مزيد من الإضافات والكثافات مع مرافقها المتهالكة .. ووداعا سينما ريالتو.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.