بدأت صناعة السينما في مصر بعد أول عرض سينمائي تم بالقرب من شاطيء البحر بالإسكندرية في حي المنشية، وتحتفظ الإسكندرية بمكانة خاصة للغاية في تاريخ السينما حينما نتحدث عن دور العرض السينمائية في مصر، ففي الإسكندرية وحسب اجماع أغلب مصادر الباحثين الذين وثقوا لتاريخ السينما في مصر كان أول عرض سينمائي لفيلم في قاعة «طوسون» بالمنشية في عام 1896، وهو العرض الأول ربما في الشرق الأوسط لفيلم سينمائي، وكانت قاعة «طوسون» تعرض أفلاماً قصيرة صامتة لا تتجاوز عدة دقائق ضمن برنامج لا تتجاوز مدته 30 دقيقة، وكان سعر التذكرة وقتها 4 قروش للكبير وقرشين للطفل الصغير، وهو ثمن باهظ للغاية بمعايير تلك الأيام، ولكن سحر البدعة الجديدة وجد الجمهور الذي أقبل عليها ولم ينقطع عنها حتي الآن، ومنذ ذلك العرض الأول توالي إنشاء قاعات ودور العرض خاصة مع توفر الأفلام القصيرة التي كان يحضرها الأجانب معهم من الخارج وعلي الأغلب من فرنسا، واهتمت الجاليات الأجنبية وبشكل خاص العاملين بمهنة التصوير الفوتوغرافي ببناء دور عرض سينمائية لأغراض تجارية مما حقق جماهيرية كبيرة للسينما، وكانت أهم الجاليات التي أنشأت دور عرض بالإسكندرية من أبناء الجاليات الايطالية واليونانية وأيضاً اللبنانية، وتم افتتاح أول دار عرض سينمائي مخصصة لعرض الأفلام بالإسكندرية وهي «سينما توجراف لوميير» في شارع محطة مصر في 30 يناير عام 1897 بعد حوالي عام من عرض أول فيلم، ومنذ ذلك التاريخ توالي بناء دور العرض وظهرت أفلام مصورة في مصر توثق بعض المناسبات الخاصة في المدينة، ومازال الأمر حتي الآن وأن اختلفت الصورة كثيراً عن الماضي، فلم تعد دور العرض بناء مستقلاً يبني بغرض عرض الأفلام، وانما هو جزء من منظومة الترفيه في المولات والأسواق التجارية والأماكن المخصصة للتنزه، وانتقل عرش دور العرض من سينمات وسط البلد مثل «مترو» و«أمير» و«ستراند» و«رويال» و«ركس» إلي قاعات سينما المولات في أطراف المدينة ويتركز أهمها في حي سموحة بمدخل الإسكندرية ومنها قاعات رينسانس بمول زهران، وقاعات عثمان جروب، وقاعات عرض سينما بلكس بجرين بلازا التي تعد الأكثر شهرة بين أوساط الشباب والعائلات نظراً لانها تقع في مكان بعيد عن زحام وسط المدينة. تنازلت دور العرض الكبيرة عن رصانتها وشكلها المعماري وسياستها في عرض الأفلام، وانقسمت كل دار عرض منها من قاعة واحدة ضخمة إلي مجموعة من قاعات العرض الصغيرة مواكبة للشكل العام لدور العرض المعاصرة، ولم يعد هناك فرق كبير بين قاعات المولات ودور العرض الكبيرة التي انقسمت إلي قاعات مصغرة بعد التجديدات التي أجرتها في الأعوام السابقة، وفي حين نجحت قاعات عرض مثل «أمير و«مترو» وأيضاً «رويال» و«ريو» الصيفي والشتوي و«ريالتو» و«فريال» في الحفاظ علي جمهور وسط البلد لم تنجح دور عرض أخري ومنها دور عرض الدرجة الثانية في الصمود فأغلق بعضها لأجل غير مسمي، وهدم البعض الآخر مثل قاعتي سينما «لاجيتيه» و«ريفييرا» بالابراهيمية، حيث تحولت الأولي إلي مول تجاري بلا قاعات سينمائية، والثانية تمت تسويتها بالأرض تمهيداً لتحويلها إلي برج سكني، في حين تحولت قاعات أخري إلي قاعات للافراح مثل قاعة سينما الأنفوشي، وكثير من أحياء الإسكندرية يمكن الوصول اليها بوصفة سهلة للغاية إذا طلبت من السائق الوصول إلي سينما الحي، ولكن في أغلب الأحيان ستجد هذه السينما أرضا مهدمة ومسورة في انتظار انشاء برج سكني مكانها.