ما زال بيننا مَن يستغرب ممارسات الإخوان وتفرعاتهم الإرهابية التى أصبحت لا تُخفى على أحد، وكذلك تستعصى على كل محاولات التجميل باسم الدين، أو التبرير. فمع كل تفجير يستهدف حياة الإنسان المصرى، أو برج الكهرباء الذى يضىء ظلام ليله ويمكّنه من استخدام أدوات العصر الحالى، أو وضع متفجرات فى وسائل النقل العام، وسيلة الطبقات محدودة ومهدودة الدخل، فى الانتقال إلى مقاصدها، أو إلقاء قنابل على الكبارى والطرق السريعة، وكل ما يتفتق عنه ذهن مجموعة اتسم تاريخها بالإرهاب منذ نشأتها الأولى بالاتفاق مع بريطانيا وبمباركتها وتشجيعها. يستغرب المواطن الذى انخدع فى هذه الجماعة عقودًا عديدة، ويطرح على نفسه العديد من الأسئلة، أبرزها: لماذا لا يلجؤون إلى الحوار بدلاً من القتل والحرق والتدمير والسعى المحموم إلى اقتلاع الهوية المصرية وتشويهها، والإصرار على تصحير الوطن، بمحو ذاكرته الثقافية والحضارية؟ وجريمة داعش فى العراق، ومشاهد الهمجية التى لم يسبق لها نظير على مر التاريخ بتحطيم آثار متحف الموصل، لا تزال ماثلة فى الأذهان وسبب إدماء القلوب مع تساقط الدموع من عيون فجعتها تصرفات جماعة وحشية، سطت على الدين الحنيف بمخطط سوف تتكشَّف تفاصيله يومًا، أرجو أن يكون قريبًا بإذن الله، لإعطاء صورة ملوَّثة عن الإسلام والمسلمين.. ويبدو التساؤل عن عدم اعتماد الحوار بدلاً من الإرهاب مستغربًا فى حد ذاته. فجماعة الإخوان لم تنتظر طويلاً لتكشف عن برنامجها للحكم، ولم تنجح رغم موروثها الهائل من القدرة على الخداع والتضليل والاتجار باسم الدين، فى إخفاء ارتباطها الموثق بالخيانة، بالمشروع المعادى للوطن العربى عمومًا ولمصر بصفة خاصة، وهو مشروع تفتيت الوطن، الكبير والصغير، إلى دويلات عرقية وطائفية. وعندما داهمتها وداهمت مَن ولاها ثورة الثلاثين من يونيو، فقدت هذه الجماعة حتى ورقة التوت التى كانت تستر بها نيَّاتها الخبيثة، وعلى رأسها: فرّق تسُد. ويحفل تاريخ هذه الجماعة بمنهجها الذى تنفرد به فى مواجهة الخلاف أو الاختلاف، فقد لجأت إلى العنف والإرهاب منذ ثلاثينيات القرن الماضى، و هدأت بعدما تعرَّضت لعقاب شديد. وعاودت الجماعة الكرَّة مع الزعيم جمال عبد الناصر، فلقَّنها دروسًا لا ولن تنساها، لدرجة أن هتافًا شقّ عنان السماء، إبان الثورة، وقبل انتخاب الرئيس السيسى، يقول: لو عبد الناصر عايش كان لبّسهم طرح وغوايش! ، أى أن هذه الجماعة لا تعرف لغة الحوار، ولم تستخدمها طوال تاريخها. وأعتقد أن ذلك اتضح جليًّا ودون أى لبس إبان اعتصام رابعة والتهديدات بالإرهاب والقتل والتفجير والترويع، كانت العبارات الحصرية التى وردت على ألسنة قادتها فى توجهيها إلى المصريين. وعلى ضوء هذه التجارب التى عشناها على مرّ الأجيال، والتى أسفرت تمامًا عن وجهها بعد تجربة حكمهم المريرة، يندهش المصريون عندما يخرج عليهم بعض الوجوه، تفصّل و.. تفسّر.. أمل الرئيس الأمريكى باراك أوباما، بإجراء مصالحة؟! مع الجماعة التى لا تزال تحرق وتفجّر وتقتل، لأنها لا تعرف منهجًا آخر.