تحتل السلطة التشريعية درجة كبيرة جدًا من الأهمية في النظام السياسي للدولة المصرية على مر العصور، وباختلاف أشكال وأنماط نظم الحكم، وربما بلغت هذه الأهمية ذروتها في انتخابات مجلس الشعب 2010 المعروفة إعلاميًا وشعبيًا ببرلمان أحمد عز؛ حيث كان لها دورًا كبيرًا في تحريك وترجمة حالة الغضب الشعبي من حالة الجمود إلى حالة المشاركة الفعالة والإيجابية والتي تحوّلت إلى ثورة شعبية امتدت آثارها وموجاتها طوال الفترة من 2011 وحتى هذه اللحظة، وقد تمتد لسنوات أخرى مقبلة. نظرًا لهذه الأهمية يخصص للسلطة التشريعية فصلًا بأكمله في باب نظام الحكم بالدساتير المصرية المتعاقبة، إلّا أن دستور 2014 كان أكثر هذه الدساتير اهتمامًا بالسلطة التشريعية التي اختصها بفصل كامل في باب نظام الحكم، ثم عاد ليتناولها في الأحكام الانتقالية ويختصها بالعديد من التكليفات والمهام. فقد نص الدستور في المادة رقم (235) منه على الآتى "يصدر مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بعد العمل بهذا الدستور قانونًا لتنظيم بناء وترميم الكنائس، بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية." ونصت المادة (239) من الدستور على "يلتزم مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور بإصدار قانون للعدال الانتقالية يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة، واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا وذلك وفقاً للمعايير الدولية"، ورغم نص المادتين سالفتي الذكر على إلزام البرلمان بإصدار هذه القوانين، لم تحدد أي جزاء أو عقوبة أو على أقل تقدير التنبيه على ما قد يترتب على عدم الالتزام أو الإخلال بهذه النصوص. فعلى عكس المادة 156 التي حددت نصًا صريحًا؛ بتحديد ما يتربت على عدم مناقشة وإقرار القوانين التي أصدرت في غياب مجلس النواب، والذي يترتب عليه زوال من نتج عنها من أثر ما لم يقرر المجلس اعتماد نفاذ هذه القوانين خلال الفترة السابقة، أو تسوية ما تربت عليها من آثار. أي أن المادة قد حذرت مجلس النواب من عواقب عدم الالتزام بتنفيذ نص المادة فى المدة المذكورة، وبالضرورة سيلتزم البرلمان بتنفيذ نص المادة (156) حرفيًا؛ نظرًا لاشتمال هذه القوانين على نجموعة القوانين المنظمة للانتخابات والتي يتم تأسيس مجلس النواب على أساسها - كقانون مباشرة الحقوق السياسية، وقانون مجلس النواب، وقانون تقسيم الدوائر الانتخابية – وزوال ما نتج عنها من أثر معناه زوال البرلمان نفسه، وهو ما يثير التساؤل حول مصير البرلمان: إذا لم يلتزم بالمدة المحددة لإصدار القوانين المنصوص عليها فى المادتين 235 و239. يقول الفقيه القانون، الدكتور شوي السيد، إن البرلمان المواد السابقة ملزمة للبرلمان دون الحاجة إلى النص على الجزاء، كما ما حدث في المادة 156، وأن تنفيذ أحكام الدستور ليس اختيارًا أمام البرلمان؛ باعتبار أن مواد الدستور أوامر مباشراة من الشعب نتيجة استفتاءه عليه، ولا يجوز للبرلمان تجاوز المدد المحددة دون إصدار القوانين المنصوص عليها، وإلّا اعتبر ذلك انتهاكًا لأحكام الدستور. أضاف السيد، ل"ويكيليكس البرلمان" أنه إذا تجاوز مجلس النواب المقبل دور الانعقاد الأول دون إصدار قانوني العدالة الانتقالية وبناء وترميم الكنائس؛ فإنه قد يتم اتهام البرلمان بانتهاك أحكام الدستور، وهو ما يترتب عليه وجوب حل البرلمان. بينما قلل الدكتور محمود كبيش، عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة، من الأثر القانوني المترتب على تجاوز مجلس النواب المقبل، للمدد الزمنية المحددة لإصدار هذه القوانين؛ باعتبار أن هذه المواد تعتبر تنظيمية وإرشادية أكثر من كونها إلزامية، واصفًا إياها بأنها مسامير سياسية إن صح أو جاز التعبير. أضاف كبيش، أن الهدف من هذه المواد، حث البرلمان على سرعة إصدار هذه القوانين، ولفت نظر المشرع إلى الأهمية المجتمعية لها.