أصدرت محكمة القضاء الإداري، اليوم الثلاثاء، حكمًا بوقف قرار اللجنة العليا للانتخابات؛ بدعوة الناخبين للتصويت بانتخابات مجلس النواب المقبل، على خلفية حكم المحكمة الدستورية العليا، الأحد الماضي، بعدم دستورية المادة الثالثة من قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، ما ترتب عليه وقف إجراءات انتخابات مجلس النواب، وتعديل قانون تقسيم الدوائر في ضوء حيثيات الحكم وملاحظاته "الدستورية" لإعادة صياغة المادة الثالثة. مما لا شك فيه أن تلك الإجراءات زادت بشكل كبير من عملية الارتباك السياسي الذي شهدتها الحياة الحزبية والسياسية طيلة السنوات الماضية، ورغم ذلك التخبط إلّا أن لا أحد ينكر أن الخريطة السياسية أصًبحت مفتوحة ومكشوفة أمام الجميع، خاصة أن حكم تأجيل الانتخابات جاء عقب تقديم الأحزاب والتحالفات والمستقلين أوراق ترشحهم. أثبت الواقع انتهازية الأحزاب السياسية، التي لم تهتم بإدارة موقف سياسي انتخابي، بقدر اهتمامها بالحصول على نسبة التمثيل في المجلس، حتى لو كان ذلك على حساب الثورة المصرية؛ فسعت لضم العديد من الشخصيات المحسوبة على النظام القديم، وتصارعت فيما بينها لتحدث حالة من التفتت في القوائم الانتخابية، أدى إلى تكوين مجموعة من القوائم المدنية في مواجهة قائمة واحدة تخص تيار الإسلام السياسي. كما أثبت الواقع أيضًا حالة من الفتور شابت التقدم لخوض هذه الانتخابا، وكذلك تراجع أعداد المرشحين مقارنة بانتخابات البرلمان عام 2011 - 2012، والتي خاضها 10251 مرشحًا، بينما بلغت الحصيلة النهائية لأعداد المتقدمين للانتخابات المقبلة ما يقرب من 7500 مرشح على الدوائر الفردية والقوائم مجتمعين. الجدير بالذكر أن ذلك التأجيل سيعيد رسم الخريطة البرلمانية مرة أخرى، خاصة عند الانتهاء من تعديل القوانين الخاصة بالبرلمان، وإعادة فتح باب الترشيح، ومع وجود بعد المتغيرات السياسية والقانونية التي يمكن حدوثها. المقاطعون وطريق العودة سيكون تعديل قانون تقسيم الانتخابات أحد البوابات الجديدة لعودة بعض الأحزاب المقاطعة للعملية الانتخابية، بسبب اعتراضها على القانون بشكله الحالي، وعلى رأسها حزب الدستور الذي ترأسه الدكتورة هالة شكر الله، والذي اتخذ قرارًا بمقاطعة الانتخابات في فبرارير الماضي؛ اعتراضًا على المناخ السياسي العام وقوانين الانتخابات، مشددًا على رفض الحكومة المطالب المتكررة بتعديل هذا القانون من أجل بناء حياة سياسية تقوم على التعددية الحزبية، وتداول السلطة. حزبا الدستور والتحالف الشعبي الاشتراكي وغيرهما من الأحزاب المقاطعة التي تتخذ الاتجاه الثوري، رغم ضعف قدرتهم المالية والشعبية، إلّا أن مشاركتهم في العملية الانتخابية، ستزيد من المنافسة الانتخابية بشكل كبير، ومما لا شك فيه أن فرصة تلك الأحزاب في العملية الانتخابية ستزداد، خاصة بعد الانفراجة في أزمة المحبوسين احتياطيًا والإفراج عن 120 منهم بشكل مبدئي، وهو مطلب من مطالبي تلك الأحزاب. حزب النور ودعاوى الحل لقد أثبت حزب النور السلفي، أنه ليس بمفردة بعدما دفع بعدد مرشحين تجاوز ال 400 مرشح، في تحرك يسعى به للسيطرة على البرلمان المقبل، رغم تكراره لأحاديث جماعة الإخوان المسلمين في السابق؛ بأن الحزب لا يسعى إلى السيطرة على المجلس، لكن الواقع قد أثبت عكس ذلك، وعلى كل حال فالدستور والقانون حتى الآن يمنحان حزب النور صاحب الخليفة السلفية الترشح بأي عدد من الأعضاء لأي انتخابات. لكن سيصبح يوم 18 أبريل المقبل، يومًا فاصلًا في الخريطة البرلمانية، وهو اليوم الذي حددته المحكمة الإدارية العليا، للفصل في الدعوى التي أقامها المحاميان رزق الملا وأحمد الشنديدي، للمطالبة بتجميد نشاط وحل حزب النور السلفي، واختصم مقيما الدعوى رئيس حزب النور، ورئيس لجنة شؤون الأحزاب؛ بسبب ما وصفاه بإنشاء الحزب على أساس ديني، وفي حالة تجميد نشاط الحزب سيصبح النور خارج المعادلة السياسية برمتها. التحالفات الانتخابية.. حدث ولا حرج يبدو أن الصداع السياسي سيستمر لمدة أكبر في المشهد الانتخابي، فبعدما تصارعت التحالفات على تكوين القوائم، ثم تقاربت وتباعدت وتفتت في النهاية؛ متبادلة الاتهامات فيما بينها، بات عليهم مرة أخرى أن يجلسوا على نفس المنضدة، ليعيدوا ما سبق من جديد. تحالف الوفد المصري بدأ في محاولة لترتيب أوراقه والحديث إعلاميًا مرة أخرى عن أن التحالف مستمر وسينسحب بمرشحيه من قائمة "في حب مصر" لتشكيل قائمة جديدة، وهو الأمر الذي وإن حدث سيصاحبه تغيير في كلا القائمتين، أمّا تحالف الجبهة المصرية سيحاول جاهدًا الانتهاء من باقي قوائمة، على افتراض ثبات القوائم الحالية المكتملة وعدم هروب أحد مرشحيه لقائمة أخرى، ومن المؤكد ستكتمل قوائم "في حب مصر" إذا قررت الأحزاب الماقطعة المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة. عودة الإخوان سيكون من الصعب دمج جماعة الإخوان في المجتمع المصري، وسيصبح أمر مشاركتها في الانتخابات البرلمانية المقبلو، غير واردة، بسبب نهجها المتطرف في التعامل مع الأحداث، بمزيد من العنف والقتل، وإثارة أفرادها للأزمات داخل المجتمع، ورفضها أيضًا الوصول إلى نقطة تصالح والاندماج بين طوائف الشعب المصري المختلفة. العمل على دمج جماعة الإخوان في المشهد السياسي الراهن، مسألة بعيدة المنال، بسبب عدم قدرة قيادات الجماعة إدراك خسارتها لتعاطف المصريين وغضبهم، وهو ما يعني أنها ستحتاج لوقت طويل لتدارك أخطائها، والاعتراف بحقيقة الوضع وتقبل بشروط العمل السياسي، وفقًا للخارطة التي وضعها الشعب، وهو الأمر الذي يحتاج لسنوات لتحقيقه.