الشيخ عاشور، نائب مجلس الشعب عن دائرة الجمرك بالإسكندرية في عهد الرئيس السادات، معارضته لجمال عبد الناصر أدت إلي اعتقاله، وعقب خروجه انتخب عضوا لمجلس الشعب، إلا أن انفعاله أثناء مناقشة استجواب للشيخ الشعراوي- وزير الأوقاف آنذاك- أدي إلي إسقاط عضويته. الشيخ عاشور لم يكن مجرد نائب لمجلس الشعب، وإنما كان سلسلة من الحكايات المتمردة.. مرة عن قصد، ومرات بالصدفة البحتة. معتقل عبد الناصر ونائب سقطت عضويته أثناء استجواب للشيخ الشعراوي معتقل ناصر بعد الإطاحة بمحمد نجيب وتولى جمال عبدالناصر رئاسة الجمهورية، قرر تكوين حزب يضم كل الأطياف – الاتحاد الاشتراكي- حزب واحد لكل الناس، وجمع المئات من كل الأطياف في قاعة اجتماعات جامعة القاهرة، وشرح كل أفكاره، ثم طلب أن يستمع لآراء المثقفين وغير المثقفين، فلم يتكلم سوى خالد محمد خالد، المفكر الإسلامي، وقام وقتها بمعارضة عبدالناصر بأسلوب هادئ عاقل متزن، شارحاً تاريخ الدول ذات الحزب الواحد مثل روسيا وغيرها. مما شجع أحد شيوخ الأزهر الشيخ عاشور محمد نصر فوقف بعد خالد، وهاجم عبدالناصر بشدة، وضمن ما قاله: لقد انتخبناك رئيساً للجمهورية وليس سيداً علينا، قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم: خادم القوم سيدهم . وكان نتيجة هذا الاجتماع هو جلوس خالد محمد خالد في منزله لا يغادره، أما الشيخ عاشور الذى هاجم عبدالناصر بشدة فقد اختفى تماماً بعد الاجتماع مباشرة، سنوات وسنوات لم يعرف أحد أين الشيخ عاشور حتي خرج في عهد الرئيس السادات. عاشور مهاجمًا وزير الأوقاف في مجلس 1976 حاول النائب عادل عيد طيلة عام كامل أن يقدم استجوابا في مجلس الشعب للشيخ شعراوي عن انحرافات محمد توفيق عويضة لكن تصرفات رئيس المجلس - سيد مرعي آنذاك- كانت تعرقل ذلك من جلسة إلى أخرى، وفى جلسة 30/12/77 حضر الشيخ شعراوي وأبدى استعداده لمناقشة الاستجواب لكن المجلس أجل ذلك إلى جلسة 22/1/78 ، وفى ذلك اليوم لم يحضر الشيخ شعراوي ووقف حلمي عبد الآخر يعتذر عنه لأنه سافر إلى السعودية في مهمة عملية تستغرق أربعة أسابيع. ثم تحددت جلسة 28/2/78 لنظر الاستجواب، وفاجأ الشيخ شعراوي المجلس بطلب تأجيل الاستجواب أسبوعين حتى تتمكن النيابة الإدارية من إنجاز تحقيقاتها، ونجح الشيخ شعراوي في تأجيل الاستجواب ثلاثة أسابيع. وفى يوم 15/3/1978 أحالت النيابة الإدارية توفيق عويضة إلى المحكمة التأديبية العليا وفى يوم 20/3 بدأ الاستجواب بالتحدث عن ظاهرة توفيق عويضة وليس عن مجرد انحرافاته. وبدأت الجلسة بتحدث أحمد عيد عن انحرافات عادل عويضة ومنحه موظفي الجهاز المركزي للمحاسبات مكافآت مقابل عملهم عنده في المساء، وتوالى المتحدثون في محاولة مستمرة لتشتيت أفكار عيد. واخيرًا، طلب رئيس المجلس منه أن يواصل، إلا أن الشيخ عاشور محمد نصر قام قائلا : لدي كلمة تتعلق باللائحة، ورفض رئيس المجلس السماح له بالحديث فهتف مرة أخرى :لائحة .. لائحة .. ورفض رئيس المجلس، فصاح الشيخ عاشور: إنني من هذا المكان أطلب أن يحضر السيد رئيس الجمهورية جلسة خاصة ليسمع من ممثلي الشعب المخالفات التي تحدث في هذا المجلس . وغضب رئيس المجلس وقال موجها حديثة لمجلسي الجلسة: لن يثبت هذا الكلام في المضبطة فلم يسمح للعضو بالكلام. واستنكر الشيخ عاشور كلام رئيس المجلس فقال له الرئيس: ما هذا يا شيخ عاشور؟ هل أول نشاط لك في هذا المجلس منذ عام ونصف تبدأه بهذه الصورة . جاء دور الشيخ شعراوي ليرد على الاستجواب فكان همه الأول الدفاع عن الرئيس السادات . راح فضيلة الشيخ يشيد بأنور السادات ويمدح في جمال عبد الناصر، ودوت القاعة بالتصفيق والتهليل للشيخ الجليل، فاندفع يقول: والذي نفسي بيده لو كان لي من الأمر شيء لحكمت الرجل الذي رفعنا تلك الرفعة وانتشلنا مما كنا فيه إلى قمة من لا يسأل عما يفعل . وصفق الجميع داخل جلسة مجلس الشعب، باستثناء الشيخ عاشور أزعجته تصريحات الشعراوي، فصرخ وسط القاعة مفيش حد فوق المساءلة لنرع الله . خبز وزير التموين وبعد واقعه الشيخ شعراوي بأسبوعين في أبريل 1987 افتتحت جلسة مجلس الشعب بالنائب مصطفى كامل مراد رئيس حزب الأحرار يتحدث عن سوء حالة رغيف الخبز، وإذا بأحد الأشخاص يدخل حاملا سلة بها أرغفة من الخبز الجيد الناصع البياض ووقف النائب محمد عبد الشافى يقول إن هذا الخبز من تأليف وزير التموين. حدث هرج ومرج من أعضاء حزب الأغلبية ووقف الشيخ عاشور المعارض ليتحدث فطلب منه سيد مرعى رئيس المجلس الجلوس فورا. هنا رد الشيخ عاشور بانفعال شديد: أنا خارج ، فرد عليه مرعى مع السلامة ، فهم عاشور بالخروج قائلا ده مش مجلس الشعب ..ده مسرح مجلس الشعب . فأعلن رئيس المجلس إحالة عاشور إلى اللجنة التشريعية لإهانته المجلس قائلا: ليتفضل الشيخ عاشور خارج الجلسة ، ووافق الأعضاء على الإحالة، فهتف الشيخ يسقط أنور السادات ، ورد أعضاء الأغلبية يعيش أنور السادات .. يسقط كل المذبذبين" . مطالبين بمحاسبته على ما قاله وإسقاط عضويته، وفقد مرعى السيطرة على الجلسة قائلا: عضو شاذ لا يجوز أن ينتمى لمؤسسة دستورية ، فاستنكر الدكتور حلمى مراد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد الذى ينتمى إليه عاشور هذا الوصف واصفا ما فعله بأنه تصرف فردى، وأفاض علوى حافظ في مدح السادات واستنكر عبدالفتاح حسن ما صدر عن الشيخ عاشور. اجتمعت اللجنة التشريعية في اليوم التالي لمناقشة تقرير اللجنة التشريعية إسقاط العضوية عن النائب الوفدى الشيخ عاشور، وأرفق التقرير بموافقة خُمس الأعضاء منهم بعض رموز الوفد والمعارضة مثل النائب عادل عيد. حاول الشيخ عاشور تبرير انفعاله بمعاناة الناس وسوء المعيشة وأنه يسكن المساكن الشعبية سيئة المرافق، إلا أن اللجنة أعلنت إسقاط العضوية عنه ليعتزل عاشور العمل السياسي.