حكى لى المعتقَل السابق محمد طارق أنه عندما تم اعتقاله فى أحداث 9 مارس الشهيرة بميدان التحرير، تم اقتياده إلى «س 28» نيابات عسكرية، وتمت كلبشة يديه من الخلف، ووُضع أمام منضدة كبيرة ومعه مجموعة ممن تم اعتقالهم بالميدان يومها، المنضدة عليها أسلحة بيضاء وزجاجات مولوتوف، وعدد من الأسلحة النارية الخفيفة، وتم تصوريهم بالفيديو والفوتوغرافيا، طارق يعمل حاليا صحفيا فى جريدة «الوطن»، وقتها كان لا يزال يعمل فى موقع «الدستور الأصلى»، بعد اغتيال جريدة «الدستور»، وقتها تدخل بعض من الصحفيين الكبار الذين توسطوا للإفراج عن طارق، تحدثوا مع أعضاء بالمجلس العسكرى، وأُفرج عن طارق بالفعل، لكن رفاقه لا يعلم عنهم شيئا حتى الآن، ربما كانوا ضمن المحكوم عليهم حاليا. كم مرة تكررت تلك التمثيلية؟ لا يعلم أحد، لدينا عدد كبير من المعتقلين لدى العسكر، يقال إن عددهم يتراوح بين 12 و15 ألف معتقل، يقول عنهم العسكر إنهم بلطجية، هم حقا بلطجية، فالصور موجودة والفيديوهات أيضا موجودة، أشخاص يجلسون أمام ما ضُبط معهم من أسلحة، فالمشهد مكتمل الأركان، ولدينا من الضباط الإعلاميين الذين يحملون من الخبرة ما تمكنهم من قلب كل الحقائق، وإقناع القارئ والمشاهد بأن هؤلاء الذين يظهرون فى الفيديوهات بلطجية حقا. الشرطة المدنية تعتمد على هذا الأسلوب طوال الوقت، فالأحراز التى من المفترض أن تُعدم لا تُعدَم كلها فى الحقيقة ويحتفظ عدد من الضباط بجزء منها فى درج مكتبه، يضعه لأى شخص يريد معاقبته، لعل أشهر تلك الحوادث، ما فعله المتهمون فى قضية قتل الشهيد خالد سعيد، عندما وضعوا حرزا للشهيد فى فمه بعدما قتلوه ضربا. فى أثناء خطاب الرئيس محمد مرسى بجامعة القاهرة، بدا واضحا على السيدة قرينته التأثر، بالطبع كانت تسترجع الذكريات، وقت أن كان زوجها معتقلا، هو اليوم أصبح رئيسا للجمهورية، تتذكر وقت أن كان أمن الدولة يعتقل أحد أبنائها، والألم الذى كان يسيطر عليها، اعتُقل أحمد ابنها الأكبر ثلاث مرات، بتهمة الانضمام إلى جماعة محظورة، جماعة الإخوان المسلمين. الأهم الآن أن تنقل الست أم أحمد إحساسها ذلك إلى الرئيس الجديد، ربما نسى هو إحساسه بظلم السجن، والسجان، ربما نسى ظلمة الزنزانة، ربما انشغل بالكرسى الجالس عليه، بالطبع لا نريد أن تدخل السيدة إلى عالم السياسة، فلم نُشفَ بعد من تدخل زوجات الرؤساء السابقين حتى الآن، نريدها فقط أن تذكّره بدموعها على اعتقال ابنها وزوجها فى الماضى، تنقل له وجع القلب، وطعم اللقمة المرة، ربما يتذكر الرئيس أن هناك أسرا لا تعرف معنى الحياة منذ ما يقرب من عام ونصف العام، ربما يتذكر أن هناك ما يقرب من 12 ألف أم يبكين كل ليلة على فراق أبنائهن، ربما يتذكر تلك الآهات فيسرع فى إصدار قرار بالعفو عن المحاكَمين عسكريا من المدنيين، أو على الأقل أن يعيد محاكمتهم أمام محاكم مدنية.