مر حزب النور، منذ تأسيسه بعدة مراحل، أولها مرحلة إثبات الذات، وبدأت بعد التأسيس وحتى وصول الإخوان إلى السلطة في 30 يونيو 2012، ثم بدأ في مرحلة تقديم نفسه كبديل للإخوان بعد تصاعد الغضب الشعبي ضد الجماعة وأخذت قياداته تلتقي منظمات دولية كبديل للإخوان، إلى درجة أن وفدًا من الحزب ذهب إلى واشنطن وعرض نفسه على الإدارة الأمريكية كبديل. الأمر الذي يؤكد أنه حزب براجماتي يعمل على الانتهازية السياسية، ثم مرحلة ما بعد 3 يوليو والتخطيط للسيطرة على البرلمان، والدليل أن ممثليه بلجنة الخمسين ساهموا بقوة في إقرار نظام الحكم في الدستور الجديد، الذي يعتمد على تقاسم السلطة بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة والبرلمان. حزب النور أقوى من نصوص الدستور عندما تم إقرار الدستور الذي يحظر قيام الأحزاب الدينية، فهذا يعنى أن الرأي العام المصري قد توافق على هذا الأمر، وأن على السلطة التي أقسمت على احترام الدستور، تنفيذ ما توافقت عليه الأمة المصرية بمنع هذه الأحزاب التي ترسخ للانقسام والشقاق بين المصريين، فإذا لم تلتزم السلطة بذلك فهي تنقض عقدها مع الأمة، وبالتالي فإن صدور قرار بحل الأحزاب الدينية وحظرها لا يحتاج لضغط ولا حشد ، فليس على السلطة إلا تطبيق الدستور دون حاجة لضغط شعبي أو حكم قضائي. حزب النور لن يُحل لأنه يؤدى خدمات عديدة للدولة إذا كان الدستور يمنع قيام الأحزاب على أساس ديني، لكن يظل حزب النور قائمًا رغم أنف الجميع.. فهل هو حزب فوق الدستور؟ الإجابة على هذا السؤال لها شقان أحدهما قانوني والأخر سياسي. يأتي الشق القانوني، في تلاعب حزب النور بأوراقه وعن طريق تعاون بعض المصريين المسيحيين لينفى عن نفسه صفة الحزب الديني وبذلك أصبح محصنًا من أي إجراء قانوني وبالتالي لايمكن اصطياده إلا من خلال الدعاية الانتخابية التي يستخدم فيها الشعارات الدينية وهذا ما يتجنبه ولن يقع فيه. أما الشق السياسي فحزب النور يؤدي الكثير من الخدمات للنظام فهو الذي يرسل رسالة للإسلاميين أن النظام ليس ضد كل الإسلاميين ولكن ضد الإخوان فقط لا غير، كما أن حزب النور هو العصا التي يلوح بها النظام للعلمانيين وغير المسلمين إذا تعدوا حدود المسموح به. وبما أننا على أبواب الانتخابات، فإن حزب النور يلعب دور هام في حشد القوى الشعبية من أجل التصويت، وتظهر طوابير الانتخابات أمام اللجان وتكون الرسالة للعالم نحن نظام يحظي برضا المصريين. ومع فتح باب الترشيح، ظهرت الأسماء السيئة والأسوأ والأشد سوءًا ممن سيخوضون الانتخابات من الفاسدين والجاهلين وسيكون رد الفعل المعتاد نحن مقاطعين للانتخابات ولن نصوت لهؤلاء المنافقين والخائنين للوطن.. وهنا يظهر دور حزب النور، عندما تخرج علينا الأبواق أننا بذلك نساعد في تسليم الدولة للإسلاميين المتطرفين الإرهابيين، فإما أن تذهبوا مكرهين للتصويت للصوص وهواة السياسة، أو ينجح السلفيين بسبب قدرتهم على حشد أنصارهم، وبالتالي نجد أنفسنا مجبرين على النزول والتصويت لشخص ربما ليس أهلاً لثقتنا، ولكننا في الوقت ذاته لا نريد أن يهيمن السلفيون على أغلبية البرلمان فتضيع البلاد. انتهازية حزب النور والاستخفاف بعقول المصريين أعلن قيادات حزب النور مرارًا وتكرارًا أنهم لا يرون مشكلة في ترشح مسيحي لرئاسة حزب النور، فى الوقت ذاته يرفض حزب النور تولي مسيحي رئاسة البلاد ويرى أنها أمر ديني محسوم، والعجيب أنهم يحاولون اليوم ضم مسيحيين لعضوية حزب النور لإيهام المصريين، حكومة وشعبًا، أنهم حزب مدني لا ديني، متلاعبين بدستور مصر وذكاء المصريين. فإذا سلمنا أن الوطن أكثر أهمية بالنسبة لهم من الحزب إلا أن تاريخهم السياسي يخبرنا بعكس ذلك، فنجدهم رفضوا القيام لتحية العلم المصري ورفضوا احترام النشيد القومي المصري، بينما وقفوا لتحية العلم الأمريكي وللسلام الوطني الأمريكي بالسفارة الأمريكية. حزب النور يسعي للسيطرة على البرلمان حزب النور يعتبر البرلمان القادم معركة حياة أو موت، لأنهم يدركون أن أغلبية البرلمان وتشكيل الحكومة طوق النجاة بالنسبة إليهم من مواجهة مصير الإخوان، وبالتالى مستقبل حزب النور في مصر مرهون بأمرين، الأول النجاح في تشكيل الحكومة بعد الحصول على أغلبية البرلمان، وهو ما قد يقود مصر إلى مصير الدول الفاشلة، من حيث اضطراب الأمن وانهيار الاقتصاد بما يعزز فرص حدوث ثورة ثالثة. أما السيناريو الثاني، الأقرب إلى التطبيق فهو عدم حصول السلفيين على الأغلبية وضياع حلمهم في تشكيل الحكومة، وقيام الدولة بحل الحزب تطبيقًا للدستور، مما سيدفع التيار السلفي وعناصره إلى إعلان الحرب على الدولة واعتناق الفكر التكفيري والاعتذار للإخوان عن تعاونهم مع ثورة 30 يونيو.