إن الحمد لله نستغفره ونتوب إليه مما حدث وسيحدث من أهوال. أما بعد.. فلقد أنعم الله علينا بأن خرج من بيننا قوم يرفعون رايات سوداء عليها لفظ الجلالة، ويسعون لإقامة دولة للإسلام تمتد من العراق إلى الشام، وتتطلع إلى التوسع فتطول مصر وكل الأمصار التى يعيش فيها الإسلام ولا يرونه فاعلًا أو متبعًا. وقد قام هؤلاء بمحاربة وقتل كل من يرونهم عدوًّا لهم، لا يؤمن بدينهم ولا يتبع ملتهم، ولا يرفع رايتهم، بل وزادوا فى ذلك بالتمثيل بالجثث وإحياء أفكار عاشت قبل زمننا بأكثر من ألف سنة، فأباحوا سبى النساء والتعامل معهن باعتبارهن سبايا الحروب، وخيروا من هو على غير دينهم بأن يدخل دعوتهم فيأمن أو يقتل على مرأى من أهله. وقد وصل هؤلاء إلى حد أنهم يبثون مقاطع فيديو بجودة عالية توضح قيامهم بذبح ضحاياهم بسكين حاد أو إلقائهم من أعلى أو رجمهم بالحجارة. وأخيرًا حرقهم أحياءً، ليس محاولة لبث الرعب فى قلوب أعدائهم فقط، وإنما إحياءً لما يعتقدون أنها الشريعة الحق التى هجرها المسلمون فى زمننا البائس هذا. أما وقد بلغ الهول مداه، فقد وجب علينا أن نشكر الله على نعمة هذا التنظيم وهذه الدولة الصاعدة المعروفة باسم ذى دلالة هو داعش . أما الحمد، فهو أولًا، لأن الله أمرنا بحمده فى السراء والضراء، فى النكبات والانتصارات، فى الأفراح والأهوال. وثانيًا، لأنه بظهور داعش فى قلب بلادنا وجب علينا أن نعترف بالحقيقة التى نهيل عليها التراب منذ أكثر من 1400 سنة، بل ونحرقها كحرق هؤلاء القتلة لأسراهم.. إننا أيها الإخوة، نخشى مواجهة الحقيقة التى تقول بأن تاريخنا الإسلامى ملىء بأهوال وجرائم واقتتال، تقف إلى جوارها أهوال داعش فى موضع التلميذ أمام الأستاذ. نشعر بالفزع والرعب مما تفعله داعش ، لا لأننا نرى ما يفعلونه من جرائم باسم الدين، ولكننا لم نرد مقتلة الإمام الحسين وهى الهول ذاته والنكبة التى ضربت الدعوة وقسمت أهلها واستمرت آثارها حتى يومنا هذا. لم نر أول الخلفاء الراشدين، وهو يأمر بحرق أحدهم قبل أن يعتذر عن فعلته هذه، لكن بعدما أصبحت قابلة للاستدعاء بعد ألف عام وأكثر. لم نر ولهذا لم نشعر بالرعب، رغم أن أهوالا أكثر من ذلك حدثت. الحمد لله على نعمة داعش التى يجب أن تجعلنا نقف أمام مرآة التاريخ لنر حجم الدم الذى سال على يد المسلمين وهم يدافعون زورًا عن الدين على مر العصور. أيها الإخوة. اشكروا الله على نعمته، ومثلما أنعم الله على مصر وأهلها بأن أخرج جماعة الإخوان من الظلام إلى النور، فعرف الناس ما هم فاعلون بالأوطان إذا احتلوها، فإن الله بكرمه، ينعم علينا وعلى دينه الإسلامى العظيم بأن أخرج سفاحى داعش من الظلام إلى النور، لعلنا نعرف أن أولى طرق دحرهم هو أن نعرف حقا أى إسلام نريد. وذلك لن يحدث إلا بعد أن تكون لدينا شجاعة معرفة ومواجهة الخطايا والجرائم والأهوال التى وقع فيها أهل الإسلام، وقادته منذ بواكير الدعوة وحتى يومنا هذا. قوموا إلى صلاتكم لعل الله يرحمنا، فهو وحده الأمل والملاذ. نص الخطبة التى يتمنى المرء أن يقولها الخطباء فى صلاة الجمعة اليوم.