هل آخر الطريق سراب أم ممتد بلا نهاية؟ هذا الإحساس يراودنى وأنا أكتب هذا المقال الأخير مؤقتًا إلى أن أستعيد أنفاسى وتجد أفكارى الضالة طريقها وتنتعش أحاسيسى قبل أن يصيبها الخمود وأعود إلى هذا الركن فى هذه الصفحة مرة أخرى، ويظل التأرجح بين اليقين والشك، هل سترحّب بعودتى أو تغلق الأبواب والنوافذ فى وجهى؟ يخطر فى بالى قبل أن أخطو نحو النهاية المحتملة، نهايات الأفلام حين كانت كلمة «النهاية» فى نهاية الفيلم إعلانًا صريحًا مكتوبًا على الشاشة يعلن نهاية الأحداث. ثم تطوَّرت المسائل إلى كلمة «نهاية» دون حرفَى الألف واللام، لتصبح نهاية مفتوحة كما يشار إليها نقديًّا، وتطورت مرة أخرى للاستغناء عن كلمة النهاية أو نهاية والاعتماد على مفردات اللغة السينمائية، مثل ابتعاد الكاميرا تدريجيًّا عن الشخصية أو المكان، أو ابتعاد الشخصية مثلًا عن الكاميرا، وهناك ارتفاع الكاميرا لتطل على الشخصية أو شخصيات أو حدث، وهناك أيضًا أن تتحوَّل الشاشة إلى سواد وظهور عناوين الفيلم. كل هذه وسائل تعبّر أو توحى بنهاية الفيلم. بالمثل الأغانى الحديثة التى تنتهى باختفاء تدريجى لصوت المغنى أو الكورال مع تكرار كلمات الأغنية. أحيانًا نفاجأ بالنهاية الصدمة فى الأفلام دون أى تمهيد، تنقطع الأحداث فجأة ويحل الظلام على الشاشة، ثم تتصاعد العناوين. قد يستوعب البعض هذه النهاية وقد ينفر منها البعض الآخر، فهى إما ذو مغزى أو مجرد نزوة إبداعية، لتصبح النهاية الصدمة بمثابة نقطة فى نهاية جملة. أشبه هذه النهايات بنهايات العلاقات، فهناك المواجهة الصريحة لإنهاء العلاقة أو غير المباشرة بسبل التلميح أو الابتعاد التدريجى، ثم الاختفاء المفاجئ. كل هذه النهايات الطبيعية أو المصنوعة تنبع من واقع إيماننا بأن لحياة كل منا نهاية وحتى إذا تحرَّرت إبداعاتنا من كل القيود الدرامية المعروفة فمصيرها نهاية ما سواء على الورق أو على الشاشة. فالأحداث دائمًا تقودنا إلى نهاية حتمية. الطريف كيف كتابة مقال أخير يقودنى إلى التجوُّل فى عالم النهايات، ومَن يتجرَّأ بعنوان مقال أو كتاب أو مسرحية أو فيلم بإضافة جملة مثل ... بلا نهاية فهو يخدع نفسه ويخدعنا جميعًا ويسحبنا إلى عالم الخيال الذى لا يعترف بالنهاية.. وإلى اللقاء حتى أعود إلى بداية جديدة.