الهروب من جحيم الحرب وويلاتها، حلم أضحى بعيد المنال لعشرات الآلاف من المواطنين السوريين.. وكأن بلادهم التي لطالما رحبت لهم ولزوارها، أبت الآن إلا وأن تضن وتضيق عليهم.. من واقع مرير وسط القنابل والنيران والمنازل المتصدعة والمتهدمة، إلى خيمة من آلاف الخيم التي لا تثمن ولا تحمي من برد الشتاء القارص.. "كف على كف" هو التعبير الوحيد الذي يجسد حالة السوريين الذين تلقوا مؤخرا صدمة جديدة بشأن لجوئهم إلى الشقيقة لبنان أو الجزائر.. تركوا بيوتهم وتجارتهم وأعمالهم وكذلك ذكريات الآباء والأجداد، راضين بخيمة في الطل، إلا أن هذا كله لم يشفع لهم، فكان قرار بيروت بفرض تأشيرة دخول على السوريين القادمين إليها، وقرار الجزائر المماثل أيضا.. وكأن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، فقد تزامن فرض القيود على دخول السوريين لأي من دول الجوار وباقي الدول العربية، اشتداد الصراع ودخول طرف ثالث فيه ألا وهو تنظيم الدولة "داعش"، فأضحى السوريون المغلوبون على أمرهم ضحية صراع ثلاثي أطرافه نظام الأسد والمعارضة وداعش، ومن فوقهم التحالف الدولي الذي يضرب فيدمر بلا تفرقة بحجة "القضاء على الإرهاب".. لبنان تبدأ تقييد دخول السوريين إليها دخل قرار فرض تأشيرة دخول على السوريين القادمين إلى لبنان، حيز التنفيذ، اعتبارا من الاثنين الماضي 7 يناير 2015، في إجراء هو الأول من نوعه في تاريخ البلدين. ويهدف هذا الإجراء إلى الحد من أعداد اللاجئين السوريين الذين يتدفقون على لبنان، الذي يأوي أكثر من مليون سوري، فروا من بلادهم مع بدء الأزمة المستمرة منذ أربع سنوات. وقال مسؤول في الأمن العام: "بدأ السوريون يملؤون الأوراق المطلوبة منهم لدى وصولهم للمعابر الحدودية أو المطار"، وكان السوريون يدخلون إلى لبنان، بحرية تامة، دون إذن حكومي مسبق، ويعملون أو يقيمون فيه من دون أي قيود. لكن تدفق أكثر من مليون لاجئ إلى لبنان بسبب النزاع الذي اندلع في منتصف مارس 2011، شكل عبئا كبيرا على البلد ذي التركيبة السياسية والطائفية الهشة والموارد الاقتصادية المحدودة، وبالكاد يتجاوز عدد سكانه الأربعة ملايين. وقال متحدث باسم الأمن العام: "لدينا مشكلة اسمها مليون ونصف مليون سوري، وليس هناك من حل سحري لها"، مضيفا أن "المعايير الجديدة تشكل خطوة أولى على طريق حل أزمة اللاجئين". وقال مستشار وزير الداخلية خليل جبارة: "آن الأوان لتنظيم مسألة دخول السوريين للبنان، لا بل تأخر الأمر كثيرا"، مضيفا أن "هذا الوجود يشكل عبئا أمنيا واقتصاديا واجتماعيا كبيرا على لبنان، وضغطا على بناه التحتية لم يعد يستطيع تحمله". "هيومن رايتس ووتش" تدين رفض الأردن دخول اللاجئين السوريين إلى أراضيها من جانبها، أدانت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، رفض السلطات الأردنية السماح بدخول الفارين من النزاع السوري إلى أراضيها، واصفة إياه ب"المخالفة للقانون الدولي"، فيما دعت المشرعين الأردنيين إلى إلغاء أو تعديل قوانين تفرض قيودًا على حرية التعبير في البلاد. وأوضح التقرير الذي نشر على موقع المنظمة الإلكتروني في التاسع من ديسمبر الماضي أن "الأردن استقبل واستضاف مئات الآلاف من اللاجئين الهاربين من النزاع في سوريا خلال عام 2013، وإن كانت السلطات قد منعت دخول البعض وقيدت دخول آخرين". وأضاف أن "السلطات الأردنية لم تسمح لجميع الفارين من النزاع السوري بالدخول، وتحديداً منعت اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين المقيمين في سوريا من الدخول – في خرق للقانون الدولي – وكذا الذكور غير المتزوجين في سن القتال، ومن ليست لديهم وثائق ثبوتية رسمية. وأشار التقرير إلى أنه "في أواخر مايو، من العام الماضي، تراجع عدد اللاجئين السوريين الوافدين يومياً من أكثر من 1500 إلى 300 شخص أو أقل، وأفاد اللاجئون بأن المسؤولين الأردنيين أغلقوا الحدود أو فرضوا قيوداً مشددة على دخول اللاجئين"، وأشار إلى أن المسؤولين الأردنيين أرجعوا هذا التراجع "إلى اشتداد القتال بين الحكومة السورية وقوات المعارضة التي أعاقت وصول اللاجئين إلى الحدود". الجزائر تصد اللاجئين السوريين أيضًا تناقلت وسائل إعلام جزائرية معلومات تؤكد بأن البلاد بدأت في تطبيق قرار فرض التأشيرة على السوريين الراغبين في دخول أراضيها لأسباب أمنية. وذكرت أن القرار اتخذته وزارة الخارجية بعد تزايد أعداد المهاجرين السوريين غير الشرعيين، الذين تم ضبطهم على حدود الجزائر البرية مع كل من تونس وليبيا. وأثارت هذه الأنباء قلق الجالية السورية في الجزائر، ورأت أن الخطوة لا تعكس طبيعة العلاقات التاريخية والأخوية التي تربط الشعبين. ورغم عدم صدور أي تصريح رسمي من وزارة الخارجية يؤكد أو ينفي صحة هده المعلومات، فإن الناطق الرسمي للجنة دعم الثورة السورية بالجزائر عدنان بوش أكد للجزيرة نت صحة هذه المعلومات. وأضاف أن القرار اتخذته الجزائر في شهر نوفمبر الماضي ودخل حيز التنفيذ مع مطلع يناير الحالي. لجنة الإنقاذ الدولية تستنكر قيود دول الجوار على دخول اللاجئين أعلنت كل من لجنة الإنقاذ الدولية ومجلس اللاجئين النرويجي أن دول الجوار لسوريا تفرض قيودا على دخول اللاجئين السوريين إلى أراضيها لعدم قدرتها على استيعاب المزيد منهم. وطالبت المنظمتان المجتمع الدولي بتحمل جزء من العبء. قالت وكالتا إغاثة كبيرتان يوم الخميس 13 نوفمبر الماضي، إن دول الجوار لسوريا – لبنان وتركيا والأردن والعراق – تقلص بشدة من أعداد السوريين الذين تسمح لهم بالدخول لعدم قدرتها على استيعاب المزيد من اللاجئين. وقالت لجنة الإنقاذ الدولية ومجلس اللاجئين النرويجي إن عدد اللاجئين الذين تمكنوا من الفرار من الحرب الأهلية السورية انخفض بنسبة 88 في المئة في أكتوبر، مقارنة بالمتوسط الشهري لعام 2013 حيث انخفض إلى 18453 لاجئا من 150 ألف لاجئ.