تحقيق- أميرة الجمال: بعد دعوة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بضرورة القيام بثورة دينية في مصر، وقيامه بتكريم بعض رموز المؤسسات الدينية لتشجيعهم علي القيام بعملهم نحو تطوير الخطاب الديني والتجديد، وغيرها، أعلنت المؤسسات الدينية أنها ستستجيب لدعوة رئيس الجمهورية، كل حسب اختصاصه وطريقته في الوصول للناس. وما بين الاستجابة للمبادرة والقدرة على القيام بهذه الثورة الدينية لكي تحقق أهدافها نستعرض في تلك السطور رأي المؤسسات الدينية ورأي المتابعين لدعوة السيسي، وبالتالي تكون الثورة الدينية بين التطبيق والتشكيك. ففي الأزهر قال عباس شومان، وكيل الأزهر: إن شيخ الأزهر وجه فور انتهاء خطاب الرئيس، بتنفيذ ما جاء فيه، مشيرًا إلى أن الأزهر بدأ بالفعل خطوات تصحيحه بدأها بإصلاح مناهج التعليم قبل سنة، وإصلاح الخطاب الدعوي، الذي أوشك من الانتهاء من خلال المناهج المطورة لمرحلة التعليم ما قبل الجامعي. وأشار شومان في تصريحات ل"التحرير"، وكذلك متابعة تنفيذ قطاع الوعظ بالأزهر لتبنى توصيات مؤتمر الأزهر الأخير لمكافحة التطرف والإرهاب، والتي كلف شيخ الأزهر أمين عام مجمع البحوث الإسلامية بمتابعة تبنى الوعاظ لها بعد انتهاء المؤتمر بيوم واحد. وقام وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة بعقد اجتماعًا عقب الاحتفال لإعلانه الاستجابة لدعوة السيسي، وعقد صالون ثقافي يناقش تجديد الخطاب الديني وتصحيح المفاهيم ومحاربة التشدد، يعقد أسبوعيًا، وأوضح الوزير في بيان للوزارة أن الوزارة لن تتواني في الاستجابة لدعوة الرئيس السيسي ومحاربة الإرهاب والتطرف. ومن جهته أعلن الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية، تبني دار الإفتاء المصرية للدعوة التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي لتجديد الخطاب الديني في احتفال مصر بالمولد النبوى. وأكد نجم في تصريحات خاصة ل"التحرير"، أن الدار سوف تشهد تطورًا كبيرًا في المرحلة القادمة بهدف تحقيق أعلى درجات التواصل الفعال مع جميع المتعاملين مع دار الإفتاء من عموم المسلمين في مصر والوطن العربي والعالم، مضيفًا أن الدكتور شوقي علام، مفتى الجمهورية استجاب لدعوة الرئيس السيسى بإصدار توجيهاته للعاملين في جميع قطاعات دار الإفتاء بالسعى لتقديم مزيد من الخدمات الشرعية والإفتائية بصورة عصرية تناسب الواقع المعيش. وأضاف مستشار مفتي الجمهورية أن الدار سوف تواكب التطور التكنولوجي الهائل وتسعى في العام الجديد لاستخدام كافة الوسائل للتواصل مع طالبي الفتوى والرأي الشرعي دون قيود، ولذلك فإن دار الإفتاء ستتوسع خلال العام الجديد في استخدام الفضاء الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي والاستفادة من التقنيات الحديثة في إطلاق أول قناة لدار الإفتاء على موقع "يوتيوب" على الهواء مباشرة. وأضاف أن دار الإفتاء ستبدأ مع بداية عام 2015 في مشروع قومي يهدف إلى تصحيح صورة الإسلام بالخارج عبر عدة وسائل من أهمها إرسال قوافل من علماء دار الإفتاء المصرية للقيام بجولات خارجية تجوب الخمس قارات لنشر الفكر الصحيح، وتوضيح العديد من المفاهيم التي يستغلها المتطرفون وأعداء الإسلام في تشويه صورة الإسلام والمسلمين لدى الغرب. وعن قدرة المؤسسات الدينية على تحقيق الثورة الدينية المرجوة، قال الدكتور سعد هلالي المفكر الاسلامي والأستاذ بجامعة الأزهر في تصريحات خاصة ل"التحرير"،: أولاً يجب أن ندرك أن الثورة التي طالب بها السيسي، هي ثورة لكل الأزهريين وليس بعضهم، لافتًا إلى أن الثورة لصالح الدين الذي حرر الإنسان من العبودية، والثورة هي فكر وتصحيح لآراء وتفسيرات الناس يظنوا أنها نصوص مقدسة، فالثورة الدينية يجب أن توضح الرأي الفقهي الذي هو منسوب لقائله، وأن هذا الرأي ليس من النصوص المقدسة، وأن هذا التفسير وهذه الشروح يجب أن يحكم عليها البشر بالعقل، مضيفًا:"وبالتالي يجب على المتلقي للفتاوي أن يقوم بتحكيم عقلي وليس بتسليم ديني"، مطالبًا بتصحيح الفكر القديم الذي يسير في الشارع وهو أن الفتوي إذا خرجت من أي مؤسسة دينية أو علماء كأنها خرجت من الله، فهذا كل الخطأ، وليعلم الجميع أن كل الفتاوي ينطبق عليها قول الامام الشافعي، رأي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب. وقال هلالي:"كما إن هناك ثورة دينية هناك انقلاب على الدين الذي يتحقق بقيام من ينصبون أنفسهم أوصياء على الدين ويمنع حق الفكر لسائر الناس، هؤلاء المنقلبون سيحاولون تفريغ الثورة الدينية التى طالب السيسي بها عن مضمونها ويحاولوا أن يظهروا بعض التغييرات في خطابهم الديني الذي يمكنهم من البقاء والسيطرة على المجتمع بالوصاية الدينية وكأنهم هم المسئولون عن التغيير و ليس الناس والحقيقة أن التغيير من جميع الناس". ولخص هلالي رأيه قائلا "ان الانقلاب في الفكر الديني هو أن يبقي الخطاب الديني أن يقول لك أنا الصواب وانت الخطأ وأنا حق وأنت باطل، والثورة الدينية يجب أن يكون رأي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب". وقال منسق الحركة الشعبية لاستقلال الأزهر عبد الغني هندي، إن هناك نقطتين مهمتين تتعلق بالثورة الدينية المرجوة، هي الوسائل والمنهجية، مشيرًا إلى أن المجتمع يعاني من الوسائل والكيفية التى توصل المعرفة والمعلومات الدينية، مضيفًا "والوسائل هي النقطة الهامة التى تحتاج لثورة حقيقية، لمحاربة التشدد والفكر المضلل الموجود في الشارع من خلال المنابر ووسائل الاعلام والمواقع الالكترونية"، موضحا أن المؤسسة الدينية في العصر الحالي لازالت تعتمد علي الطريقة البدائية وهي تلقين الوعظ دون الوسائل الأخري بالاضافة إلى انعزالهم عن المجتمع. أما الجانب المنهجي قال هندي:"ولا يجب أن نتعامل مع الجانب المنهجي على أنه يجب أن يتغير كله.. فهذا لا يصح ووقتها ستكون دعوة للهدم لا للبناء"، مشيرا إلي المرحلة الجديدة تحتاج إلى تجديد في تناول المناهج الأزهرية من خلال شراح جدد للمناهج بشكل حديث، يكونوا علماء مشهود لهم، وألا يتم هذا التطوير بأطر فردية ويجب أن يتم وفق أطر مؤسسية".