الزميلة المحترمة فاطمة ناعوت تحاكم بتهمة ازدراء الأديان، وهى تهمة بنيت على قانون لست أدرى من اقترحه ولماذا؟! ثم إنه قانون يظهر حين يريد البعض ويختفى عندما يتجاهلونه. وهو فى الوقت ذاته قانون بلا ملامح، وبلا شكل واضح... فمن سيقرّر حالة ازدراء الأديان، من حالة مناقشة بعض الأمور المتعلقة بالدين، وهى نفس الأمور، التى سيطرحها غير المسلمين على المسلمين. فلو أن من يتصوّرون أنهم أصنام العصور الحديثة، غير قادرين على الرد على مثل هذه الأمور، وسلاحهم الوحيد هو لعبة الاتهام بازدراء الأديان للربح، فهم إذن أعجز من أن يوصفوا بالدعاة، والأفضل لهم أن يقبعوا فى بيوتهم، ويرحموا الإسلام منهم. ثم أين كان قانون ازدراء الأديان، عندما كان شيوخ التطرّف يظهرون على شاشات الفضائيات، متهمين الإخوة المسيحيين بأنهم كفار؟! أليس هذا ازدراء للدين المسيحى، أم أن القانون هو قانون ازدراء الدين الإسلامى وحده؟! أليس هذا فى حد ذاته ازدراء للأديان، التى تعترف بها الدولة؟! أم أن القانون هو وسيلة لتكميم أفواه كل من يناقش أو يطرح سؤالا؟! عندما كان الأندلس منارة العلم والفكر فى أوروبا والعالم، كان فيه من يصدر كتبا إلحادية صريحة، ومن يصدر كتبا تعارضه، وتثبت له أن الله سبحانه وتعالى موجود، وكان الأندلس دولة قوية مرهوبة الجانب، ذات بأس وشدة. ثم بدأت مرحلة التطرّف والاتهام بازدراء الأديان، ومعها ضعفت الدولة وتفكّكت، وضعفت وانحل تماسكها، حتى سقطت وبادت... ولم نتعلّم نحن الدرس... الدين أيها السادة ليس هشا كما تتصوّرون، بحيث تتشنّجون كلما تصوّرتم أن أحدا قد مسّه، فلماذا إذن يشعرنا المتأسلمون أنهم أكثر من لا يثقون فى الدين، الذى يدّعون أنهم المدافعون عنه؟! لماذا؟! لو أنكم تؤمنون حقا بالدين، الذين تدّعون أنكم فرسانه، لما كنتم بهذا الضعف، فى مواجهة كل من يناقش أمرا فيه أو منه. القوى بالإيمان هو المستعد لإثبات قوة منطقه بالحكمة والموعظة الحسنة، أما ضعيف الإيمان هش المنطق، جاهل الأصول، فسلاحه هو القوة والفظة وغلظة القلب، ولهذا ينفض الناس من حولهم، وينفرون منهم... ولكنهم جهلاء مغيّبون لا يفقهون... للأسف... هذا القانون مؤسف أيها السادة، ولا مثيل له فى أى نظام متحضّر، لا يواجه الفكر إلا بالفكر. أما الدول التى ما زالت فى قاع سلم الحضارة، فهى التى لا تجد سبيلا لمواجهة الفكر إلا بالقهر والقوة والقانون... أيا كان ما قالته الزميلة المحترمة فاطمة ناعوت فهو فكر، عجزتم عن الرد عليه بالفكر والحكمة، فلجأتم إلى سياسة لى الذراع، التى من ضعف فكركم ليس لديكم سواها... للأسف أيها السادة، أنتم أسوأ محام لأشرف قضية... محام جاهل بالقانون، ملم بالبلطجة... وفى هذه القضية بالذات، وأيا كان الحكم فيها، فقد خسرتم... واحسبوها... لو أنكم تجيدون فك الخط.