حسب التقارير الصحفية المنشورة، فإن عائلات مركز السادات رحبت بترشح أحمد عز عن دائرتهم فى الانتخابات البرلمانية القادمة، وتقول التقارير إن عز كان يقوم بتجهيز الفتيات الفقيرات المقبلات على الزواج، وإنه خصص أوتوبيسات لنقل الموظفين والطلاب إلى شبين الكوم، كما أنه يعالج المرضى الفقراء ويصرف لهم الدواء مجانا، بجانب أنه قام بتوظيف عدد غير قليل من أبناء الدائرة فى مصانعه. إن صدقت هذه التقارير ولم تكن للترويج له، فإن أحمد عز سيفوز بالمقعد، ولن يبالى أهالى السادات -الذين تركتهم الحكومة بلا خدمات- بأنه أفسد الحياة السياسية وأسهم فى تزوير انتخابات برلمان 2010، الذى كان من أسباب الثورة على نظام مبارك، ولن يهتموا أيضا بأنه صدر ضده حكم قضائى بات من محكمة النقض يؤكد ضلوعه فى عمليات احتكار للحديد. نعم الحكم كان بالغرامة بل وخفضها من 100 مليون جنيه حسب حكم محكمة الاستئناف إلى 10 ملايين جنيه، ولكنه فى النهاية هو حكم بالإدانة، ولولا أن قانون مباشرة الحقوق السياسية حدد الجرائم الماسة بالشرف، التى تمنع من ارتكبها من الترشح ولم يضع فيها جرائم الاحتكار، ولا عقوبات الغرامات، لكان من الممكن منعه من الترشح، إذ إن قانون العقوبات لم يحدد ما الجرائم الماسة بالشرف وتركها للمحاكم والقضاة يفسرونها كما يرونها، وقد فسرتها محكمة النقض بأنها الجريمة التى تمس سمعة مرتكبها وتجعله محتقرا بين الناس، وتدخل ضمنها أيضا التلاعب بقوت الشعب، وهو ما كان سينطبق على جريمة الاحتكار وأحمد عز لولا قانون ممارسة الحقوق السياسية الذى تغافل عنها، وهكذا وجد عز الطريق ممهدا أمامه للترشح والنجاح، عز ليس شخصا واحدا بل نموذجان سيشكلان معظم أعضاء البرلمان القادم. الأول: نائب المصالح وهو من رجال الأعمال والأثرياء، الذين سينفقون أموالا ضخمة من أجل السيطرة على البرلمان، وإصدار قوانين لصالحهم، ولا ننسى أن كل رموز مبارك حصلوا على براءات فى الاتهامات التى وجهت إليهم، لأنهم تمت محاكمتهم بقوانين هم الذين وضعوها وفصلوها على مقاسهم. النموذج الثانى: هو نائب الخدمات الذى يحصل على أصوات الناخبين من خلال تقديمه الخدمات التى تقاعست عنها الحكومة. فى كل دائرة يوجد الأخوان عز، الأول يبحث عن مصالحه الخاصة والضيقة وهو يجيد تحويل نصوص القوانين لكى تخدم أعماله التجارية، والثانى يعتمد على العصبيات القبلية، وعلى ما يقدمه من خدمات، وهو أيضا يبحث عن مصالحه، لكنه يختلف عن النموذج الأول فى أنه لا يعرف شيئا عن مهام البرلمانى، ليست له قدرة على التشريع ومناقشة مشروعات القوانين، لا يعرف ممارسة الرقابة على الحكومة وأدائها، وكل ما يهمه هو التعرف على الوزراء والمسؤولين والتودد إليهم من أجل الخدمات التى يريد تقديمها لأهالى الدائرة، وهو مثل أبو الهول لا يشارك فى المناقشات، وإذا تكلم فإنه يتحدث عن مشكلات الدائرة مثل إنشاء كوبرى أو محطة صرف صحى أو مستودع أنابيب بوتاجاز أو رصف طريق، أما فى القضايا الكبرى والعامة فإنه يرفع شعار لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم، ويصوت بالموافقة والرفض حسب اتجاه الحكومة أو حسب من يقوده من أصحاب النفوذ والمال، هذا العضو الموقر هو الذى سيختار رئيس الحكومة، والذى ستصدر من خلاله أهم القوانين التى تحدد مستقبل الوطن، وسيناقش ويقر أو يرفض كل القوانين التى أصدرها الرئيس فى غيبة البرلمان، مثل قوانين تنظيم المظاهرات، وعدم الطعن على تعاقدات الحكومة، وأيضا سيكون من مهامه تعديل عدد غير قليل من القوانين الحالية لكى تتطابق مع الدستور، وعدد آخر من التشريعات المهمة مثل منع التمييز وبناء الكنائس والخدمة العامة. بين نموذج عز الأول الفاسد نائب المصالح وعز الثانى نائب الخدمات، ستكون أغلبية البرلمان، ومعهم مجموعة من المنتمين للتيارات الإسلامية مثل السلفيين، ومن سيتسللون من المتعاطفين مع الإخوان، وهكذا تضيع الثورة تماما وتنتهى كل الأحلام فى مستقبل أفضل، ونعود إلى برلمانات مبارك. أتمنى أن تكون رؤيتى خاطئة، وأن يعى الشعب خطورة الأمر وأن يسقط عز وكل عز.