أزمة ستواجه مجلس النواب القادم فى أول 15 يومًا لانعقاده، وعلى التحالفات الانتخابية والأحزاب السياسية والمرشحين للانتخابات البرلمانية دراسة هذه المعضلة ومحاولة تحرّى حل مناسب لها، وهذا ما اجتهدت فيه مطروحًا للنقاش العام. تنصّ المادة 156 من الدستور على الآتى: إذا حدث فى غير دور انعقاد مجلس النواب ما يوجب الإسراع فى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، يدعو رئيس الجمهورية المجلس إلى انعقاد طارئ لعرض الأمر عليه، وإذا كان مجلس النواب غير قائم يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يومًا من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرّها المجلس زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها فى الفترة السابقة أو تسوية ما ترتّب عليها من آثار . ولأن المشرّع الدستورى (لجنة الخمسين) التى يشرف كاتب المقال بعضويته بها، كانت تكتب هذه المادة للحالة العامة فإن المدة الطبيعية التى تقضيها البلاد بعد حل أى برلمان لأى سبب من الأسباب الواردة فى الدستور لا تزيد على ستين يومًا، يدعو خلالها الرئيس إلى إجراء انتخابات جديدة وفقًا لنصوص الدستور، ولأن الحالة المصرية الحالية حالة متفردة، حيث أُسقط دستور 1971 ثم دستور الإخوان 2012، وحُلّ برلمانان، برلمان 2010 وبرلمان 2011، فإن المدة التى قضتها البلاد دون برلمان طويلة للغاية، وبالتالى فإن عدد القوانين والقرارات بقوانين صدرت خلال هذه الفترات الانتقالية كبيرة جدًّا وتصل إلى 240 قرارًا وقانونًا بسحب علمى، ولأن المشرّع الدستورى (لجنة الخمسين) قد وضع المادة 156 كضمانة دستورية كى لا ينفرد رئيس الجمهورية بالتشريع ويصدر تشريعات فى غيبة نواب الشعب المنتخبين، إلا أنها فى الحالة الحالية ستؤدّى بنصّها الحالى إلى إلغاء معظم ال240 قرارًا وقانونًا، لأنه بالتأكيد سيفشل البرلمان فى مناقشتها جميعًا خلال مدة ال15 يومًا المنصوص عليها فى المادة، خصوصًا أن المجلس يجب أن يصدر لائحة داخلية جديدة فور انتخابه، لأن اللائحة القديمة تخالف الدستور الجديد ومصممة على الدستور القديم.. ما العمل؟! الحل من وجهة نظرى أن يتفق مجلس النواب القادم على المبدأ الآتى، أن المجلس سيقسّم ال240 قرارًا وقانونًا إلى فئتين، الفئة الأولى هى القرارات والقوانين التى ترى الأغلبية البرلمانية أن تبقى كما هى، وبالتالى سيوافق المجلس عليها مباشرة ولن تأخذ وقتًا، والفئة الثانية هى القرارات والقوانين التى يرى المجلس أنها بحاجة إلى تعديل، والحل هو أن يوافق المجلس عليها أولا، ثم يدرجها فى أجندته التشريعية ليتم تعديلها خلال دور الانعقاد الأول، فيصبح لديه متسع من الوقت لدراسة وتمحيص التعديل، وحسب أولوية تعديل أى منها فى لجنة الشؤون التشريعية والدستورية، وموافقة المجلس عليها فى الشكل، لضمان عدم الخلل الدستورى فيها، لأنها ستصبح فى حكم العدم إذا لم يتم اللحاق بمناقشتها خلال ال15 يومًا الأولى، هنا يفلت المجلس من قيد ال15 يومًا، ويأخذ وقته فى دراسة لائحة جديدة أولًا، ثم يبحث تعديل ما يشاء من هذه القوانين خلال دور الانعقاد الأول.. هذا اجتهادى، وليوفِّق الله الجميع!