مع بداية العد التنازلي لموعد الانتخابات البرلمانية؛ يزداد التنافس في الدعاية الانتخابية بين المرشحين، وتتفنن حملة كل مرشح في إبراز ملامح قوته من خلال الدعاية المختلفة، والتي تشمل في كل حال من الأحوال اللافتات واللوحات، والمنشورات وصور المرشح، ومع اقتراب موعد الانتخابات القادمة، والتي من المتوقع أن تُجرى في مارس القادم، اخترق «ويكليكس البرلمان» عملية تصنيع الدعاية الانتخابية المطبوعة، وخطوات نشرها في الشارع. فراشة المؤتمر الانتخابي تصل ل200 ألف جنيه في اليوم ومن الغريب في الأمر أن العاملين في مجال الدعاية، هم المحركين الأساسيين للمرشح، وهم من أكثر المستفيدين من العملية الانتخابية، في الفترة الأخيرة؛ خاصة في ضوء عدم استقرار أي نظام سياسي، وتعدد الانتخابات والاستفتاءات. الخطّاط واليُفط القماش زمن لن يعود.. على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان؛ كانت الدعاية الانتخابية بصفة خاصة هي موسم للخطاطين ومحلات بيع القماش، وكان الأمر لا يحتاج سوى خطاط ماهر، ومجموعة ألوان و توب بفته ، حتى تخرج لافته تحمل اسم وشعار المرشح، إلا أنه مع السنوات الأولى من القرن الثاني والعشرين، بدأت عملية الكتابة على اللافتات تتحول من الكتابة بخط اليد على القماش، إلى الطباعة المميكنة على خامة البانر البلاستيك، ليختفي بعد ذلك العاملين بتلك المهنة بشكل كبير من المشهد الانتخابي. كنا بنكسب كويس، والمتر كان سعره 6 جنيه، والمرشح لازم يحجز قبل موسم الانتخابات، ويدفع الفلوس مقدم، ومالناش علاقة يكسب، ولا يخسر، والعامل اللي كان بيساعدني كان بيطلع في موسم الانتخابات مش بأقل من 5 آلاف جنيه، لكن النهاردة معظمنا اضطر يغير نشاطه، علشان الشغل بقي يوم آه وعشرة لا .. هذا ما لخصه عم محمد القشاش أحد الخطاطين بمنطقة عرب المعادي، عن الكتابة على اللافتات القماش البفته ، والذي ما زال متمسكًا بمهنته رغم عدم رواجها، ويصف القشّاش الذي يعمل في تلك المهنه منذ أكثر من 30 عامًا، أن بداية انهيار الكتابة على اللافتات القماش، بدأت منذ عام 2005، بالتزامن مع انتخابات مجلس الشعب وانتخابات رئاسة مبارك، حيث كانت أغلبية الدعاية باللافتات البلاستيك، خاصة من قبل حملة الرئيس الأسبق حسني مبارك. ويستطرد القشاش: كنت بخرج في الموسم ب20 ألف جنيه مكسب، وغير كده كان في شغل طوال السنة، سواء واحد عاوز يعمل إعلان افتتاح لمحل، أو غيره، إنما حاليًا محدش بيجي غير قليل، وعادة بيكون من حي شعبي . انتعاش في سوق الطباعة في المقابل يشهد سوق الطباعة المميكنة رواجًا كبيرًا، خاصة مع تزامن الانتخابات البرلمانية مع بعض المناسبات التي تهم الأقباط والمسلمين، كالمولد النبوي الشريف، وعيد الميلاد المجيد، وهو بالتأكيد ما جعل البعض يتسابق من الآن لحجز الدعاية المطلوبة قبل موسم الانتخابات. ويكشف هشام الملّاح مدير التسويق بمطابع الملاح ل ويكليكس برلمان عن الاشتعال المبكر لحرب الدعاية الانتخابية، ويؤكد أن موسم الانتخابات قد بدء بالفعل، وهناك إقبال كبير على الدعاية المطبوعة خاصة بالتزامن مع عيد الميلاد والمولد النبوي الشريف، مشيرًا إلى أن المرشحين بدءوا التعاقد من الآن على أشكال وأسعار الدعاية. ويوضح الملّاح أن أكثر المطبوعات التي يطلبها المرشحون هي البنرات، والفلاير، والصور المطبوعة، والملصقات التي تحمل اسم المرشح . وعن أسعار وسائل الدعاية المختلفة، يقول الملاح الأسعار تختلف حسب الكمية المطلوبة، والخامات المستخدمة من حيث السماكة والجرامات، على سبيل المثال سعر متر البنر للكميات الكبيرة، يتراوح ما بين 12 و13 جنيه، أما في الكميّات الصغيرة، فسعر المتر لا يقل عن 15 جنيها . كما اختلفت الدعاية باللافتات كثيرًا قبل وبعد ثورة يناير من حيث الكميات والشعارات، ويقول الملاح: موسم انتخابات 2012 في فترة الإخوان، كان من أكثر المواسم رواجًا، وكان حجم المطبوعات المطلوب يفوق قدرة المطابع على الإنتاج، حيث شهد مجال الطباعة طلبًا غير مسبوق على طباعة اللافتات، و البوسترات . وحول استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في الدعاية الانتخابية وتأثيرها على سوق الطباعة، يقول الملاح إن مواقع التواصل الاجتماعي تعمل على التسويق السياسي للمرشحين، وهذا لا يغني المرشح عن اللجوء للدعاية المطبوعة التي يوجهها للناخب مباشرةً في الشارع . من جهة أخري، يقول أحمد سيد -مدير تسويق شركة السلام للطباعة والنشر- إن الشعارات الانتخابية هي أبرز ما تم تغييره في السنوات الماضية، حيث كان قبل الثورة الشعار المطلوب دومًا من المرشحين هو على مبادئ الحزب الوطني ، و نبايع الرئيس مبارك ، أما بعد الثورة كانت شعارات الثورة مستمرة ، و العدالة الاجتماعية هي الشعارات الأكثر طلبًا من المرشحين، والآن يطلب المرشحين أن نضع شعارات تحيا مصر ، أو مصر هتفضل غاليه علينا ، وهكذا.. ويوضح سيد أن الطلب يكون بشكل كبير على البنرات خلال فترة الدعاية الانتخابية، والتي غالبًا تبدأ قبل الانتخابات بشهرين أو ثلاثة، ويضيف أن الفلاير والملصقات، تستخدم بكثافة في الأيام القليله قبل عملية الانتخابات، وتبدأ أسعار طباعتها وزن ال 70 جراما ب 300 جنيه لكل ألف فلاير أو ملصق، والملصقات حجم A4 يتراوح سعر طباعتها ما بين 400 إلى 700 جنيهًا. ويؤكد سيد أن تلك الفترة تعد موسم للعاملين في مجال الطباعة والانتخابات بصفة عامة، بدأ من عمال الطباعة، ومستوريدي الخامات، ومصممي الجرافيك، حتى مديري الحملات الانتخابية الذين يحصلون في بعض الأحيان على عمولة تصل إلى 15% نتيجة التعامل مع مطابع بعينها. ويشير سيد أن حجم الدعاية لكل مرشح تتوقف على إمكانياته المادية، ويتراوح ما يطلبه المرشح من عدد لافتات ما بين 300 إلى 1000 لافتة خلال موسم الانتخابات، وهو بالمناسبة لا يحتاج إلى وقت كبير في الطباعة نظرًا للمكينات الحديثة في الطباعة. محلات الفراشة شوادر متحركة لخدمة المرشحين بجوار أحد محلاته بحي القلعه، يجلس الحاج محمد إمام، وبرغم حلول منتصف الليل، إلا أن العمل لديه كان ما زال في بدايته، نظرًا لمسؤليته عن إقامة عدة شوادر لمحلات بيع حلوى المولد، وتحدث الحاج إمام عن موسم الانتخابات قائلاً احنا الحمد لله شغالين من زمان في المهنة، وسمعتنا بقت معروفه للكل، وبرغم إن السنة كلها فيها شغل كويس، لكن موسم الانتخابات حاجه تانية خالص، وأي حاجة يطلبها المرشح مجابة، وكل مرشح على حسب إمكانياته . ويستكمل الحاج إمام حديثة، عن مطالب المرشحين المختلفة بالقول مؤتمرات المرشحين بتتكلف من 1000 جنيه ل 100 و200 ألف جنيه، حسب المطلوب، مثلا ال100 كرسي الخشب ب 50 جنيه، وال100 المنجد ب150 جنيه، وتلبيسة الكرسي ب2 جنيه، أما البوابات ودي بتطلب أكتر في الأيام الأخيرة من الانتخابات، بتكون بالمقاس البوابة الصغيرة ب 50 جنيه، والكبيرة من 100 إلى 200 جنيه في اليوم، وهي بتكون عبارة عن عروق خشب يتم وضع اللافتات عليها، أما السجاد والأنوار أسعارهم بتكون في المتوسط، يعني ال100 لمبه ب20 جنيه في اليوم، والكشاف الكبير ب10 ج في اليوم. ويوضح الحاج محمد أن المرشح مُلزم بدفع مصاريف الفراشة بالكامل قبل التعاقد، كذلك دفع مبلغ تأمين، تحسبًا لسرقة أو تكسير ألواح الخشب أو الإضاءة أو خلافه من قبل المرشحين المنافسين، كما يوضح أن المرشح هو من يقوم بالتنسيق مع رئاسة الحي حتى لا يتم إزالة البوابات أو إلغاء المؤتمرات الجماهيرية.