بإعداد برامج قوية واقعية تتضمن الحل لعديد من المشكلات والقضايا التى تؤرق الناس؟ بمشروعات قوانين تلبى الفجوات والشروخ وانعدام العدالة فى قوانيننا ونظامنا التشريعى؟ بحملة منظمة بين للناس تشرح وتحاور وتجادل وترد على أسئلتهم، تشرح برامج وخطط الأحزاب لانتشال البلد من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية؟ بشباب واعٍ معد للعمل فى الأحياء والقرى لتقديم برامج وخطط حزبه أو تياره السياسى؟ هذا الكلام الذى نكرره مع كل انتخابات هو ما نتمناه يوما من أحزاب تنشط وتستعد لانتخابات برلمانية بعد ثورتين وإسقاط رئيسين ولا نقول نظامين . لكن المأمول شىء وما نجده منهم شىء آخر. أحزابنا -بل قل كل تنظيماتنا السياسية- فى ما يتعلق بالانتخابات -أى انتخابات- لا تفقه إلا شيئا واحدا التربيطات أى الشلل، بجانب المال والمصالح. كيف استعدت الأحزاب؟ طوال الأشهر الماضية ومنذ انتهاء الانتخابات الرئاسية، ولا يشغل تياراتنا السياسية وأحزابنا إلا التربيط مع أشخاص وعائلات ورجال أعمال، كلٌّ حسب ثقله. فتطرح أسماء قديمة ويقولون إن كلا منها جدير بقيادة قائمة فى الانتخابات.. على أساس إن أيا منهم يستطيع أن يفاجئنا فى المجلس، على اعتبار أنهم قد نجحوا سابقا فآل المآل إلى ما نحن فيه! أما الشىء الأهم الذى يشغل البال فهو التمويل، ودور رجال الأعمال فى اللعبة الانتخابية. الهم الأكبر لرجال المال هو حماية أنفسهم ومصالحهم بالمناصب والعلاقات السياسية. سيمولون الانتخابات، فينفقون الملايين لشراء الأصوات والرشاوى الانتخابية. ملايين لو أنفقوها فى مشروعات تنمية ودعم قطاعات كالصحة والتعليم، لحازوا من التأييد أضعاف ما يحصلون عليه. إذن لا حاجة إلى أحزابنا لخطاب سياسى أو حملات انتخابية للمنافسة فى الانتخابات، فقط توزيع للأدوار والعلاقات بالقرب من السلطة، وعود بخدمات مباشرة للبعض كأننا بصدد انتخابات محليات ، وتوزيع المواد التموينية والمال على الفقراء. ينفذ إعلامنا خطة محكمة لإلهاء الناس وشغلهم بأى شىء إلا السياسة، والمدهش هو التنسيق العالى بين رجال أعمالنا وتوجه قنواتهم الفضائية فى تلك الحملات رغم تضارب توجهاتهم السياسية أحيانا . النتيجة واحدة، لا يجب أن يسأل الناس أو ينشغلوا بالأحزاب وبرامجهم، ولا بمرشحيهم وخطتهم لإنقاذ البلد. لا يجب أن يخرج حديث الناس اليوم عن حكايات الجن والعفاريت وكيف تحدت المذيعات الأشاوس للعفاريت العفاريت اللى ركبت نص مذيعينا ، بجانب ذلك قصص الشذوذ الجنسى الذى يصورون كيف ينتشر بشراسة فى المجتمع، ولا يتفوق على سرعة انتشاره إلا الإلحاد والكفر؟! هذا ما يُقدم إلى العامة، فشلت أحزابنا بل لم تسع أساسا لجذبهم وراء برامج وقضايا حقيقية للبلد، فراحوا بقنواتهم الإعلامية يحركوننا تجاه القوى الخفية. وأصبح ثالوث السحر والجنس والإلحاد هو الهم والقضية بديلا لثالوث الفقر والجهل والمرض، وهكذا استبدلت بقضايانا أخرى ونحن على أبواب الانتخابات. ما المتبقى من برامج وحملات أحزابنا لتنفيذه فى الأسابيع القليلة القادمة قبل الانتخابات؟ ترى هل فى جعبتهم جديدا؟ أم لا يملكون إلا شراء الأصوات فى المناطق الفقيرة والمهمشة، وصوت سلاح وسطوة العائلات الكبرى والقبائل لحسم الأمر فى القرى والنجوع؟ أرجوكم فاجئونا وخيبوا ظننا ولو مرة واحدة!