الحق .. العدل .. الخير ..الحب .. الود .. الأمانة .. العفة .. التقوى ..الأسرة .. الوحدة .. التراحم ... كل هذه المصطلحات وأكثر منها غاب عنا لعام كامل بعد يوم الحادى عشر من فبراير 2011 وبعد أن عاش المصريون متلاحمين لثمانية عشر يوما وبعد ان احتفلوا واحتفوا بالهلال والصليب والوحدة بدأ مسلسل من التفرقة ، اليوم عدنا لنغمة مسلم ومسيحى ..إسلامى وليبرالى ويسارى ،، لم يُطبق فقه الدعوة الذى تعلمناه لسنوات وسنوات لم يستغل الدعاة تلك الصحوة لتحويلها لخدمة الدين والمجتمع ، لم نسمع داعية يخبرنا بأننا ينبغى أن نتقى الله فى أقوالنا وأفعالنا وأن ننهى الوساطة والرشوة أو نسمع أخر يدفعنا إلى المشى فى حوائج الناس وعدم استغلالهم بل لم نسمع من يعيد إلينا أن تبسمك فى وجه أخيك صدقة بل أصبحت البسمة ورائها مصلحة أو ورائها دعوة لكى تعطى صاحبها صوتك الإنتخابى ، صار السلام لمصلحة وحاجة فى النفس ، لم نسمع احدا يحدثنا عن حسن الخلق ؛ فجأة وبلا أدنى مقدمات خرج المارد من قمقمه ولم يعد يشغله سوى السياسة ، السياسة ولا شىء غيرها ، تذهب إلى صلاة الجمعة فتجد الخطيب يتحدث عن التعديلات الدستورية ومرة يتحدث عن مجلس الشعب ومرة عن وجوب انتخاب الإسلاميين ، لم نعد نستمع إلى دين وأصبحنا نستمع إلى ما يهوى الداعية وما تميل إليه نفسه ، اصبحت السياسة هى ما تشكل فتاوى الدعاة فتسمعه يفتى بعدم الخروج على المجلس العسكرى ومرة يفتى بحرمة الإضراب ولم نسمع هؤلاء يفتون بحرمة سحل المتظاهرين والإستخدام غيرالاّدمى للقنابل المسيلة للدموع والخرطوش والمطاط والقنابل التى تستخدم فى الحروب الكيماوية ولم نسمع احد يحدثنا عن حرمة الدماء والأعراض وجرم إنتهاكها حتى ولو كانت لظالم وهكذا أصبح وقود الفتوى هو الأحداث السياسية وفجأة بعد أن كانت السياسة عمل يجرم المنشغلون به أصبحت هى الهم الأوحد والشاغل ونسينا كافة القضايا والأزمات بل حتى لقد تجاهلنا حتى أبسط حقوق الإنسان وهى الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، فمن يختلف معك فى الرأى الاّن لا يدعى بالحكمة وإنما بالتصفيق والتهليل ضده هكذا أصبحت الدعوة فى تلك الأيام لتتحول فى عام كان لابد أن تكون فى قمة تألقها وتعيد مجدا حقيقيا غاب فى وسط الأفلام السافلة والأغانى الهابطة ليميز الله الخبيث من الطيب ونتقرب إلى الناس بالحكمة ؛ بل تحولنا الى تجاهل دعوات الود والتسامح والتعايش مع الاّخرين من أبناء الوطن وساهمنا فى إشعال الفتنة لمرات ومرات .. فما كان من هؤلاء إلا أن جعلوا السياسة هى وقود كل شىء وليتخوف البعض من لغة المصالح التى طفت على السطح .. إن الهم الشاغل الاّن هو الإصلاح من فوق رغم أن ما تعلمناه فى فن الدعوة أن الإصلاح والتغيير يبدأ من القاعدة والثورات فقط هى التى تستأصل الرؤوس وتقطعها أما فيما عدا هذا فنحن نعمل على القاعدة العريضة ولله در عمربن الخطاب حينما قال (( تفقهوا قبل أن تسودوا )) فأى فقه تعلمناه !! وأين فقه الحال والواقع !! وأين ((خاطبوا الناس على قدر عقولهم أتحبون ان يكذب الله ورسوله ))!! وأين المتخصصون فى كل المجالات وأين المهتمون بالشئون السياسية والإقتصادية والإجتماعية ، أصبح الجميع يتكلم فيما يدرى وفيما لايدرى وأهملوا القاعدة الشرعية من قال لا أدرى فقد أفتى .. يخرج علينا فضيلة الشيخ محمد حسان بمبادرة لجمع مبلغ يوازى المعونات الأمريكية لمصر وهذا فعل يحمد عليه ولنستمر فيه ، ولكن هلا أوضح الشيخ أن المعونات أغلبها عسكرية وان مصر لا تستطيع أن تصنع سلاحا واحدا من أى نوع وهلا تنامى إلى علم الشيخ أن أخر محاولة تصنيع للسلاح كانت فى عهد المشير أبو غزالة وبعدها تم نفيه وتجاهله وأن فى عهد المشير طنطاوى تحولت مصانع الإنتاج الحربى لتصنع الملاعق والإستانلس والألمونيا والأدوات المنزلية ، هلا قال كلمة حق فى وجه المجلس ورجاله لقتلهم التصنيع هم ومبارك ؟!! وهلا زأر فى وجههم كيف تستعينون بأمريكا فى تدريب جنودنا وماذا كان يفعل عنان أثناء الثورة هناك ؟! وهل يجهل الشيخ أن مبارك كان رجل أمريكا الأول فى المنطقة فكيف تتخلص منه وتساعد فى ثورة ضده ثم تطلب ود الإخوان والسلفيين وتجلس معهم أى طغيان لأمريكا لتشعل ثورة ثم تحاول إخمادها !! أفلا يتدبرون ، أفلا يعقلون ، أفلا يقرأون التاريخ ،، أنا مع أن يصير قوت المصريين من أيديهم وأن يكون تصنيعهم من أيديهم وحينها لنملأ الدنيا توعدا لأمريكا التى قتلت المسلمين فى باكستان وأفغانستان والعراق ، ولروسيا والإتحاد السوقيتى السابق الذى قتل المسلمين فى البوسنا والهرسك والشيشان ، واسمعوا إلى قوله عز وجل { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون{ . كل ما أرجوه أن نركز على المجتمع واللعب على التغيير وعلى الثورات الداخلية أكثر من التركيز على الفوز بأصوات الناس ، أن تكف جميع التيارات بلا إستثناء عن تسيس كل شىء وعن تطويعه لمصالح أحزابهم ليفوزوا بالناس من حولهم وكل ما أرجوه أن من ينطق بشىء يكون أعلم به من الاّخر لا أن يصير كونك رجل دين يعطيك الحق فى أن تفتى فى كل شىء وبلا خطوط حمراء ، فلا أحد أكبر من العلم ولا احد يملك كل العلم ، فهذا ماحدث وصلنا إلى هذا المستوى من التدنى فى عام كان من المفترض أن يكون عامل تاريخيا فى حياة المصريين إلى عام كارثى نستيقظ كل يومين فيه على كارثة تملأ الأجواء وتهز أركان الدولة ..فهذه هى مصر اتقوا الله فيها واعملوا لله ثم لوطنكم (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون ) صدق الله العظيم ...