هذا آخر مقال فى 2014 وأحدث مقال منذ بداية النشر فى «التحرير» فى يوليو 2011 ويحمل رقم 173. وما زلت أتعجب كل أسبوع مع كل مقال ينشر لى كأنه معجزة من لحظة التفكير فيه أمام صفحة ناصعة البياض إلى أن تتزاحم الكلمات لتصنع مقالا فى حدود مساحة متاحة، أحاول فيها أن أتطرق إلى شىء ما قد يخطر على بالى. ربما لولا هذا الحيز من الحرية ما استطعت الاستمرارية من أسبوع إلى أسبوع لأصل إلى هذا العدد من المقالات التى سينشر بعضها قريبًا فى كتاب يحمل ذات العنوان مخرج على الطريق . العنوان أصلا مرادف لعنوان طائر على الطريق ، الفيلم الذى أخرجته فى الثمانينيات بطولة أحمد زكى، فرؤيتى للمخرج أنه بالفعل على الطريق يتنقل من تجربة حياتية إلى أخرى قد تتحول إحداها إلى فيلم أو مجرد مشهد فى فيلم، أو على الأقل فكرة مقال. وإذا كانت الأعوام لها بدايات ونهايات فطريق المخرج بلا نهاية، إلى أن يلفظ نفسه الأخير، إلا أنه أحيانًا يتوقف عند الإشارة الحمراء ليلقى نظرة إلى الخلف، مستعيدًا إنجازاته وإحباطاته قبل أن يعود وينظر أمامه ويخطو نحو عام جديد. ومؤكد أن عرض فيلم وتصوير فيلم جديد هو إنجاز من العيار الثقيل فى حياة أى مخرج، ولكن هذا لا يمحو أحزان فقدان الأحبة، خصة من شاركه المشوار حتى إن غادروه، فهم من افتقدهم مع كل فيلم جديد، افتقد رأيهم ونقدهم وشفافيتهم. أتذكر ما كتبه الناقد والصديق الراحل سامى السلامونى عنى وعن فيلمى القصير البطيخة (1972) مصرى حتى النخاع ولو كان سامى لا يزال بيننا اليوم لتعجب أن بعد أكثر من أربعين عاما اعترفت الدولة من بعده بمصريتى. إذا كان هذا المقال يحمل رقمًا والعام الجديد يحمل رقمًا، وعمر كل منا يحمل رقمًا، فهى مجرد أرقام لفهرست التاريخ الذى عشناه. والمتوقع من محترفى المقالات أن يختتموا عامهم بتقييمهم لما هو من وجهة نظرهم أحسن فيلم ومسرحية وأغنية وكتاب، ولكنى سأهرب من هذا الموال المعتاد والكليشيه الممل، لأنى على يقين أن ما هو أحسن لا يزال يلوح لنا فى الأفق، وسأظل متفائلًا أنه فى الطريق إلينا، الفيلم الذى سيسلب قلوبنا والمسرحية التى ستهز وجداننا والأغنية التى ستطرب أرواحنا والكتاب الذى سيثير عقولنا، فالكل سيشع بالأمل إلى الأحسن دائمًا، وكل عام أنتم طيبون.