تتصارع الأحزاب المدنية على المقاعد المخصصة للقوائم، وتختلف بشدة فى ما بينها حول هذه المقاعد، والخلاف يدور بالأساس حول حصة كل منها من هذه المقاعد، فالأحزاب المدنية تريد أن تبنى القوائم على أساس المحاصصة الحزبية، وكل حزب يرى فى نفسه الأقوى والأكبر والذى يستحق النصيب الأكبر فى القوائم. وإذا نظرنا إلى القوائم المحتمل تشكيلها فى الانتخابات القادمة فسوف نجد أولا القائمة التى يسعى إلى تشكيلها رئيس الوزراء الأسبق الدكتور كمال الجنزورى ومعه حتى الآن حزب المصريين الأحرار ، وهى قائمة تعتمد بالأساس على اختيار شخصيات عامة ورجال دولة سابقين وخبرات فى المجالات المختلفة. وهناك ثانيا قائمة الوفد المصرى التى تتكون من أحزاب: الوفد، الديمقراطى الاجتماعى، الإصلاح والتنمية، المحافظين. وهناك ثالثا قائمة العدالة الاجتماعية. ورابعا قائمة 25-30 ، وبقاياها التى يعمل اليسار المصرى على تشكيلها تحت مسمى التحالف الديمقراطى ، وهناك الجبهة المصرية التى تضم حزبى الحركة الوطنية و المؤتمر ، وجبهة مصر بلدى واللتان يمكن أن تشكلان معًا قائمة تنافس بقوة القوائم الأخرى. وأخيرا هناك القائمة التى يمكن أن تشكلها أحزاب الإسلام السياسى. ما يهمنا هنا هو حالة التوتر التى تسود علاقة الأحزاب المدنية على خلفية التنافس وربما الصراع على المقاعد المخصصة للقوائم والتى تعوق حتى الآن دخول هذه الأحزاب فى تفاهمات أو تنسيق حول المقاعد الفردية وهى الأهم، فالمقاعد المخصصة للقوائم هى 20٪ من مقاعد البرلمان القادم، أى 120 مقعدا، منها 78 مقعدا للفئات الضعيفة التى منحها الدستور تمييزا إيجابيا فى البرلمان القادم فقط، وهى المرأة، والشباب، وذوو الاحتياجات الخاصة، والأقباط والمصريون فى الخارج. إذن أمام الأحزاب المتنافسة 42 مقعدا فقط لا غير تتنافس عليها بل وتتصارع وتعرقل الدخول فى نقاش جدى وحقيقى حول التنسيق فى ما بينها على 420 مقعدا أو 80٪ من مقاعد البرلمان القادم. من هنا ترتكب الأحزاب المدنية جريمة فى حق مصر وثورة 30 يونيو بدخولها فى صراع على 42 مقعدا ولا تدخل فى تنسيق حول 420 مقعدا، تفعل ذلك وهى تعلم تماما أن البرلمان القادم هو أخطر برلمان فى تاريخ مصر الحديث لأنه البرلمان الذى سوف يستكمل بناء خارطة الطريق التى وُضعت فى الثالث من يوليو 2013، وهو الذى سيشكل الحكومة بالتفاهم مع الرئيس أو بمفرده، وهو الذى سيراجع كل القرارات والمراسيم التى صدرت عن رأس السلطة التنفيذية منذ حل البرلمان السابق، وهو الذى سيساعد الرئيس على تنفيذ رؤيته وبرنامجه، وهو القادر أيضا على إفشال الرئيس. وفى تقديرى أن عجز الأحزاب المدنية عن التوصل إلى تفاهم حول القوائم ومن ثم عدم التنسيق فى ما بينها على المقاعد المخصصة للفردية سوف يصب فى مصلحة النواب المستقلين الذين ينتمون إلى الحزب الوطنى المنحل والذين لهم قواعد قوية لا سيما فى الصعيد والدلتا، وفى هذه الحالة فإن هذه الكتلة يمكن أن تشكل معًا تحالفا كبيرا تحت قبة البرلمان ومن ثم تكون الأكبر وبالتالى تكون لها الكلمة العليا فى تشكيل الحكومة الجديدة وتفرض شروطها على باقى التكتلات، وبذلك نعود إلى صيغة جديدة من صيغ الحزب الكبير أو المهيمن الذى سيكون دوره عرقلة مسيرة التحول الديمقراطى فى البلاد ويفرض قواعد اللعبة بعد ذلك على الجميع.