أحال مجلس الدولة مشروع قانون تقسيم الدوائر الانتخابية للحكومة، مؤكدا وجود ملاحظات بشأن مدى دستورية القانون، وهو الأمر الذى يعنى أن القانون سوف يصدر بشكله الحالى، ومن ثم تجربة الانتخابات البرلمانية القادمة بموجبه. يأتى هذا التطور ليقدم مؤشرا إيجابيا على أننا نسير باتجاه تنفيذ الحلقة الأخيرة من خارطة الطريق، ومن ثم استكمال بناء مؤسسات الدولة على النحو الذى يساعد مصر كثيرا على الصعيدين الداخلى والخارجى. فعلى الصعيد الداخلى سيكون لدينا برلمان جديد، يتولى سلطة التشريع فى البلاد، ويتولى مع الرئيس تشكيل الحكومة الجديدة، ويقوم خلال خمسة عشر يوما بمراجعة كل القوانين التى صدرت تترأس السلطة التنفيذية منذ حل البرلمان السابق. أما على الصعيد الخارجى فانتخاب البرلمان الجديد ينهى أى حديث عن النظام القائم، من منطلق أن الرئيس يجمع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وأن هناك تعمدا فى تأخير الانتخابات البرلمانية كى يمارس الرئيس سلطة التشريع. ورغم كل هذه الاعتبارات تعالت أصوات بعض قادة الأحزاب المدنية معترضة على قانون تقسيم الدوائر، منهم من خرج علينا بالقول إن القانون غير مريح ، ولا أجد فى الحقيقة تفسيرا لكلمة غير مريح هذه فى وصف القوانين والتشريعات. منهم من قال إن القانون نص على إجراء الانتخابات عبر نظام القوائم بنسبة 20٪ والفردى بنسبة 80٪، وأن هذه النسبة غير مقبولة، رغم أننا نعرف مسبقا أن هذه النسبة قد جرى طرحها وتأكيدها، وأنها متوافقة مع المادة الدستورية التى تقول بإجراء الانتخابات بأى من النظامين الفردى أو القائمة أو الجمع بينهما بأى نسبة من النسب. هناك من قادة الأحزاب المدنية من ذهب إلى القول بأن القائمة المطلقة تهدر ما يقرب من نصف الأصوات، وتحرمهم من أن يكون لهم ممثلون فى البرلمان، والحقيقة أن اللجوء إلى نظام القائمة المطلقة كان ضرورة حتمية، من أجل تمثيل الفئات الضعيفة فى المجتمع، التى نص عليها الدستور من شباب ومرأة وأقباط وذوى احتياجات خاصة ومصريين فى الخارج، فلا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال القائمة المطلقة، كما أن الحديث عن نظام قائمة المطلقة بأنه يهدر قرابة نصف الأصوات، على أساس أن القائمة التى تحصل على 50٪ زائد واحد من الأصوات تحصد كل المقاعد، ومن يحصل على أقل من 50٪ يخرج خالى الوفاض، فإننا نقول إن النظام الفردى يقوم على نفس القاعدة أيضا، فالمرشح الفردى الذى يحصل على 50٪ زائد واحد من الأصوات يحصل على المقعد، ومن يحصل على أقل من ذلك يخرج خالى الوفاض. مؤكد أن الجدل والسجالات الذى تخوضه قيادات بعض الأحزاب المدنية حول قانون تقسيم الدوائر الانتخابية هو جدل عقيم لا جدوى من ورائه، فالمفترض أن تستعد الأحزاب جيدا لهذه الانتخابات، وتركز على بناء تحالفات واسعة ولا تتوقف أمام الصراع حول القوائم التى تمثل 20٪ فقط من مقاعد البرلمان القادم، أى 120 مقعدا منها 78 مقعدا للفئات الضعيفة فى المجتمع، ومن ثم فما هو متاح لرموز الأحزاب والشخصيات العامة هو 42 مقعدا على مستوى الجمهورية، فى حين أن هناك 420 مقعدا وفق الانتخابات الفردية بإمكان الأحزاب أن تنسق بشأنها فى ما بينها.