تتصدر أنباء الاجتماعات المتتالية التى تعقدها الأحزاب المدنية المصرية والائتلافات المختلفة مع بعضها البعض، نشرات الأخبار وتغطيات الصحف ومواقع التواصل الاجتماعى، فكل يوم هناك عشرات الاجتماعات التى تعقدها هذه الأحزاب معًا، فتسمع عن اجتماعات لأحزاب الوفد المصرى والجبهة وتيار الاستقلال والتيار الديمقراطى وحزب المصريين الأحرار، اجتماعات ماراثونية داخل الأحزاب وفى ما بينها. جاء وقت تصدرت اجتماعات هذه الأحزاب مع السيد عمرو موسى، واليوم تتصدر المشهد أنباء اجتماعات هذه الأحزاب مع الدكتور كمال الجنزورى، فلا يمر يوم دون أن تسمع عن اجتماع أو أكثر من هذه الاجتماعات. كان يمكن التعامل مع هذه الاجتماعات على أنها دليل حيوية فى الحياة الحزبية المصرية، وأن هناك جهودًا تبذل من أجل تشكيل تحالفات أو حتى ائتلافات انتخابية تخص الانتخابات البرلمانية القادمة التى ستجرى مطلع العام القادم، ولكن الحقيقة غير ذلك، فهذه الاجتماعات تدور فى أغلبها على اقتسام المقاعد المخصصة للقوائم والبالغة 120 مقعدًا، أى 20٪ من إجمالى مقاعد البرلمان. اجتماعات ماراثونية تعقد من قبل الأحزاب والائتلافات المختلفة للتباحث فى مسألة اقتسام هذه المقاعد، وقت طويل ضاع ويضيع فى التفاوض على حصص الأحزاب المختلفة من المقاعد المخصصة للقوائم. حزب الوفد يعلن أنه يريد الحصة الكبرى، وأنه بحكم التاريخ والوزن لا بد أن يحصل على النصيب الأكبر من بين كل الأحزاب، وأحزاب الجبهة المصرية قدمت للدكتور كمال الجنزورى قائمة بمئة وعشرين مرشحًا للاختيار من بينهم، وعندما طلب منها الدكتور الجنزورى تقديم 24 مرشحًا، هددوا بالانسحاب من قائمة الجنزورى، وقالوا إن تجمعهم يضم عشرة كيانات من أحزاب ونقابات، فكيف يكون نصيب الكيان الواحد أقل من ثلاثة مقاعد؟ يتصارعون على مقاعد القائمة، وهم يعلمون أنها لا تشكل سوى20٪ من مقاعد البرلمان القادم، يتصارعون على مقاعد القائمة، وهم يعلمون أن 78 من بين ال120، محددون سلفًا من المرأة، والأقباط، والعمال والفلاحين، والشباب، وذوى الاحتياجات الخاصة والمصريين فى الخارج، إذن هم يتصارعون على 32 مقعدًا فقط يفترض أنها مخصصة للشخصيات العامة. يفعلون ذلك ويصلون إلى طريق مسدود فى مفاوضاتهم حول توزيع مقاعد القوائم، ويتجاهلون التوافق حول 80٪ من المقاعد وهى المخصصة للفردى. يطالب رؤساء الأحزاب بحصة أكبر لأحزابهم من المقاعد المخصصة للقوائم، وهناك مثلا رئيس حزب الوفد يؤكد أن حزبه لا بد أن يكون الأول بين الأحزاب فى القوائم. مثل هذه التصرفات الصغيرة من قادة الأحزاب السياسية المدنية هى التى تجعل الرأى العام المصرى يتشكك فى وزن وثقل، بل وجدية هذه الأحزاب. مثل هذه التصرفات الصغيرة هى التى تزيد المخاوف من عودة تيار الإسلام السياسى، ليحصل على حصة كبيرة من البرلمان القادم، فصغيرة للغاية القضايا التى تثيرها هذه الأحزاب، والتى تختلف بشأنها وتطلق بسببها تصريحات من قبيل: سوف نخوض الانتخابات بمفردنا، الحصة المعروضة علينا لا تتناسب ووزن وتاريخ حزبنا، وغيرها من الحجج التى تساق لتبرير غياب التوافق بين الأحزاب المدنية. فى تقديرى أن القضية الجوهرية التى ينبغى على الأحزاب المصرية التركيز عليها حاليا هى كيفية التنسيق فى ما بينها للفوز بغالبية مقاعد البرلمان القادم، حتى تشكل الحكومة وتساعد على تنفيذ برنامج نهوض الوطن، وما المقاعد المخصصة للقوائم إلا خمسة مقاعد للبرلمان، محدد منها سلفًا 78 مقعدًا. لا تتوقفوا أمام محاصصة حزبية على المقاعد المخصصة للقوائم، وتتركوا 420 مقعدًا فرديا دون اتفاق، ائتلاف، تنسيق، أو حتى تفاهم.