رغم شعورى أن الأمر ليس بريئا تماما، فلا السلفى «على ونيس» برىء من تهمة ارتكاب فعل فاضح فى الطريق العام ولا الفتاة المنقبة «نسرين» التى ضبطت معه يمكن التعاطف معها.. حاول هو الكذب بادعاء أنها ابنة أخته وحاولت هى تجميل الواقعة بأنها ستتزوجه.. إلا أنه من الواضح أن الواقعة حقيقية وتباين أساليب الكذب بين الطرفين يضع الأمر برمته فى قائمة الأفعال الكاشفة، حتى ولو كان المسمى القانونى لها فاضحة. توقيت الإعلان عن هذه الواقعة المثيرة لشهية القراء والمشاهدين، وبتلك المساحات الإعلامية المبالغ فيها لا يمكن اعتبارها مجرد صدفة.. أشعر أن هناك استثمارا سياسيا، تشارك فيه أكثر من جهة، الغرض منه هو أن يتحول إلى ورقة لتشويه التيار الإسلامى تستخدم فى لعبة الانتخابات التى من الممكن أن تميل كفتها فى اللحظات الأخيرة لأى طرف. الوجه الآخر للصورة وهو التيار الإسلامى الذى يبدو أنه من الواضح لم يستفد من أى شىء، فهو لم يدرك أن حرصه على الملامح الشكلية، ليس هو عمق الدين، وعليه أن يكف عن اللهاث وراء طول اللحية وشكل الجلباب. إن الله لا ينظر إلى وجوهكم ولكن إلى قلوبكم، مع الأسف هم صاروا أكثر تمسكا باللحية والنقاب. الواقعة تؤكد أن هناك تجاوزات عديدة من الفصيل الإسلامى بشقيه السلفى والإخوانى، ربما الجانب الأخلاقى هو الذى يتم ترويجه باستمرار، لأنه بطبعه هو الأكثر قابلية للتداول وهو يشير بالتأكيد إلى أن درجة المصداقية فى تراجع، وأغلب ما يذكرونه ينكرونه وأغلب ما ينكرونه يفعلونه، وصرنا لا يمكن أن نصدق شيئا مما يعلنونه أو يكذبونه. تعددت الأخطاء التى يرتكبها التيار الإسلامى مثلا عندما لم يقفوا حدادا على البابا، وعدد منهم اعتبروا أن هذا الفعل مخالف شرعا، رغم أن الرسول، عليه الصلاة والسلام، عندما رأى نعشا يمر أمامه همّ واقفا قالوا له إنه يهودى يا رسول الله، أجابهم أليست روحا تصعد للسماء.. إنهم مع الأسف لا يعرفون شيئا عن حقيقة الإسلام! لم تهدأ بعد واقعة أنف «البلكيمى» وتداعياتها الرجل اعترف بخطئه وأعلن اعتذاره إلى الناس إلا أن صورة لحيته لم تغادرنا رغم أن اللحية لا تعنى فى الحقيقة شيئا، ولكنهم أرادوا لها أن تصبح مثل العلامة المميزة ولهذا نحاسب الرجل على علامته المميزة.. التيار السلفى تبرأ منه رسميا وفى توقيت قياسى إلا أن الأمر ظلت له تداعياته على كل أصحاب اللحى مهما اختلفت أشكالها وأطوالها. ازدادت حيرة الناس وهم يرون السلوك المنفلت لعدد من هؤلاء المحسوبين بقوة على الإسلام، وفى نفس الوقت يسعون لحكم مصر، وعلى الجانب الآخر يشاهدون أن البديل رجل تعددت قضايا الفساد التى تلاحقه ومطعون فى شرعيته، ولسانه المنفلت دائما ينطلق باتهامات جزافية على الجميع، وهذا يؤكد فداحة الجرم الذى أقدم عليه المجلس العسكرى عندما اعتقد أن شفيق هو الورقة التى تعيد الأمور إلى نصابها كم كانوا أنانيين وهم يصدرون للناس مقولة شفيق هو الحل. لا يمكن أن نصدق أن التيار الإسلامى يعمل لصالح الوطن ويضع عينه على القضايا الاستراتيجية وهم يتحدثون عن منع الخمور، وهى بالمناسبة لا تشكل خطرا حقيقيا، لأننا نعلم أن عددا من الدول المجاورة التى تمنع فيها بيع الخمور هى أكثر الدول تعاطيا للخمور، الحاكم لا يمكن أن تصبح قضيته الاستراتيجية هى مثل هذه الأمور التى تدخل فى إطار السفاسف وينسى أن البلد على حافة مخاطر اقتصادية وأمنية وسياسية تهدد بقاءه، ورغم ذلك نرى الجهود تتوجه إلى إغلاق محل لتفرغ فيه طاقة الغضب.. الزمن تغير وينبغى أن نعمل على زيادة وعى الناس لكى يختاروا هم النمط الصحيح لحياتهم، ولكن التيار الإسلامى يتدخل فى تفاصيل حياة الناس. لو تتبعت آراء محمد مرسى فى الحريات الشخصية والعامة والإبداع ستجدها رجعية ومتزمته، وتشير إلى ملامح إنشاء دولة دينية. لا لحية ونيس ولا نقاب نسرين، لا شىء من هذا هو الدين فى حقيقته وعمقه ولكن التيار الإسلامى لا يزال أثيرا لتلك القشور والدليل تلك الابتسامة التى تصدرت أمس الصفحة الأولى فى إحدى الصحف لونيس، وهو يشارك فى آخر جلسة لمجلس الشعب، وكأنه لم يرتكب قبل أيام قلائل فعلا فاضحا فى الطريق العام!