قبل الفجر بساعتين أرسلت إلى مريم -أخت محمود عبد العزيز المحبوس فى السجن الحربى مع آخرين من يوم 29 يونيو- رسالة تقول: محمود فى طريقه إلى البيت. اتصلت بها وأخذت أشكك فى المعلومة وأطلب منها أن لا تصدق حتى تراه أمامها. كان محمود وزملاؤه فى المحكمة ظهر الثلاثاء، وتم إبلاغهم وإبلاغ محاميهم بأن جلسة النطق بالحكم فى اليوم التالى صباح الأربعاء. لذلك كان قرار الإفراج الذى صدر فجر الأربعاء الواحدة صباحا غير متوقع، فقلت لمريم: اتصلى بى عندما يصل إلى البيت. كنت أصلى الفجر عندما سمعت رنة التليفون فتوقعت أنها هى وأنه وصل إلى حضن أمه.. لا يهم كيف ومتى.. المهم أن عددا ليس قليلا من الشباب عادوا إلى بيوتهم أمس. لم أسمح لنفسى لحظة بأن أفكر فى حقيقة الموقف، قررت أن أحتفظ بشحنة الراحة حتى اليوم التالى ثم أترك لعقلى أسئلته المنطقية. دعوت الله فجر أمس أن يخرج كل من فى السجون الحربية وكل من ألقى القبض عليهم بعد الثورة، دعوت الله كأن هذه السجون قدر، وهى ليست قدرا. دعوت الله وأنا أعرف أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. دعوت الله لأحتفظ بالفرحة التى منحتنى إياها مكالمة مريم. موضوعات معينة ما إن يقترب منها الكاتب حتى تنهال عليه تعليقات الهجوم بالسباب والكلمات الجارحة، واحد من هذه الموضوعات العلاقه بين المسلمين والأقباط. اعتدت على أن أكتب فى هذا الموضوع واعتدت أن أتقبل الشتائم. لذلك عندما كتبت أول من أمس عمودا عنوانه أم النور عن زيارتى لكنيسة العذراء مريم فى الزيتون كنت متوقعة أننى سأدفع الثمن على الموقع الإلكترونى. ولم تتحقق توقعاتى -والحمد لله- فوجئت بأن التعليقات كلها غاية فى الرقى (هل حجب زملائى المسؤولون عن الموقع التعليقات التى تحتوى على كلمات جارحة؟ لا أعرف ولا أريد أن أعرف، أريد أن يستمر شعورى بالامتنان للقراء الراقين) انقسمت التعليقات الناقدة إلى نوعين: الأول كتبه مسيحيون يوضحون الأسباب التى أدت إلى أن تطلب الكنيسة من الداخلين إبراز هويتهم للتأكد أنهم أقباط. والتى انحصرت فى الخوف مما حدث فى الأعوام السابقة من تفجيرات فى الكنائس. وأكثر من رد يؤكد أن أعوان النظام المخلوع هم من يقومون بهذه التفجيرات وأن شباب المسلمين هم من قاموا بحماية الكنائس بأجسادهم بعد الثورة. والنوع الثانى من التعليقات يعاتبنى بشكل راق على ما ظنّه معتقداتى الدينية. وإليهم أقول (هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة فى بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى). أنا -هنا- لا أرغب فى الرد على التعليقات بقدر ما أرغب فى التعبير عن سعادتى برقى قارئ «التحرير» ورقى المناقشات على الموقع. وربنا يبعد عنى «حملة البلوفر» المقيمة عند محمد فتحى جارى فى صفحة الرأى. عم محمد صديق أميرة أرسل لى عتابا قال لها (قولى لها تكتب على طول هى عايزة تقول إيه، كل حاجة تكتب صاحبتى قالت لى، ما تقول هى على طول). أقلقتنى الرسالة -رغم سعادتى بالاهتمام- فأنا بالفعل أكره الكتابة المباشرة بنفس الدرجة التى أكره بها الكلام غير المباشر فى الحوارات العادية بين البشر. أحب عندما أتكلم مع أحد أن أقول له: ماذا أقصد بوضوح فج وأتمنى أن يبادلنى نفس الوضوح فى الرد. لكن يا عم محمد أحب أن أكتب بطريقة تجعل القارئ يفكر معى. بعد الثورة أنا تغيرت قليلا لصالح المباشرة، ممكن أنت كمان تتغير شوية.