نبرة تحذير واضحة، وغضب مكتوم، بدت فى البيان الذى أصدره شيخ الأزهر أحمد الطيب أمس. التحذير كان لإسرائيل، والمعتدين على الحدود المصرية، من غضب الشعب المصرى، الذى فاض به الكيل من تصرفات العدو الذى لا يراعى العهود ولا المواثيق، وينذره بيوم الحساب على ما اقترف من جرائم فى الماضى والحاضر. الطيب قدم التحية لشباب مصر الثوار الذين انتفضوا لكرامة وطنهم، ودماء إخوانهم، وأبدوا من الوعى الحضارى فى رفضهم التصرفات الهمجية العدوانية ما لفت أنظار العالم إلى روح مصر الجديدة الثائرة، التى سوف تضطر المعتدين إلى أن يحسبوا لها ألف حساب، مؤكدا أن مصر بكل أطيافها، وفصائلها، وأحزابها وائتلافاتها تجتمع الآن يدا واحدة، وصفا واحدا ضد الصلف الكريه الممقوت، والعدوان الجائر الظالم، وقال: «نقول لهؤلاء اللاعبين بالنار إن مصر اليوم غيرها بالأمس، وإنها تقف لهم، بكل قواها شعبا وقادة، بالمرصاد، ليدركوا أن الدم المصرى والعربى أغلى من أن يذهب هدرا بلا قصاص». بيان الأزهر لم يترك الشأن العربى دون تعليق، فقدم التحية إلى الشعب الليبى بما حصل عليه من حرية وقضاء على الديكتاتورية، موجها النصيحة إلى الحكام العرب، طالبهم فيه أن يستجيبوا إلى مطالب شعوبهم وإرادتها فى الحصول على حقوقهم المشروعة، وأن يتذكر الحكام أن كل قطرةِ دمٍ تُراقُ، هى أغلى من كل مناصب الدنيا وسلطاتها، وأن النبى نبه إلى أن كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه، كما يُذكّرُهُم بموقفهم بين يدى رب العالمين ومحاسبتهم عن شعوبهم فردا فردا. الطيب ناشد فى بيانه شعوب العالم العربى، خصوصا فى اليمن وسوريا، وهى تطالب بحقوقها فى حراكها الراهن، أن لا تخرج عن نهجها السلمى الذى بهر العالم وأثمر ثمرته الطيبة فى مصرَ وتونس، مضيفا أن الأزهر يطالب الشعوب العربية، بأن تعمل للحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعى لأوطانهم ويضربوا المثل فى مراعاة العدل والإنصاف وسيادة القانون، بما يتفق مع حضارتهم، ومع روح الإسلام الحنيف، وأن لا يمكنوا المترصدين من أعداء العروبة والإسلام من اختراقهم والعبث بمقدراتهم ومواردهم، مشيرا إلى أن ما تمر به البلاد العربية من منعطفات تاريخية تستوجب اليقظة والحذر، والإخلاص والتجرد، والإفادة من التجارب، والنظرة المستقبلية البعيدة لهموم الأمة وقضاياها الكبرى، ومصائرها التاريخية المهددة.