كتب - د. محمد فياض معظم أحاديثهم لا تخلو من كلمات «نكاح.. حيض.. رفث.. جماع.. إرضاع الكبير» علاقتهم بالمرأة علاقة «متعة» فقط.. وهو نفس طرح سيد قطب بأنها شريكة فى العمل الجنسى لإنتاج النسل الإخوان ينظرون دائمًا إلى المرأة «نظرة منقوصة» بدأت من رسالة حسن البنا إلى المرأة المسلمة فى عالم الجماعات الإسلامية المتشددة يكون هناك دائما جانب مكبوت يدور فى فلك الجنس والفتاوى الجنسية والحور العين، فمعظم أحاديثهم لا تخلو أبدا من كلمات مثل: النكاح والحرث والحيض والرفث واللمس والغائط والجماع وإرضاع الكبير، إن هذه الجماعات فى حقيقة الأمر مستغرقة فى التفكير بكل ما هو سُفلى فى الجسد، أشدّ ما يُغريهم فى الجنة «الحور العين»، وما العدد الذى سيكون متاحا للفرد الواحد منهم. ورغم مظاهر الفضيلة والتقوى الزائدة والزائفة فإن أتباع هذه الجماعات فى حقيقة الأمر دائما وأبدا أسرى لهذه الأفكار المحرّمة التى تسكنهم حتى النخاع. المرأة.. كائن ناقص إن المرأة فى فِكر هذه الجماعات كائن ناقص حائض يجلب الشيطان، فعلى سبيل المثال كان المنطلق الذى فرّق به حسن البنا بين الرجل والمرأة هو تكوين المرأة الجسمانى المختلف عن الرجل، بل تحدّث عن علاقة الرجل بالمرأة بأنها بالإضافة إلى كونها علاقة متعة فإنها أيضا لحفظ النوع, وهو نفس الطرح الذى قال به سيد قطب بأنها شريكة فى العمل الجنسى لإنتاج النسل، أو حسبما عبّر أحد الباحثين أنها مجرد كائن بيولوجى يشارك فى العملية الجنسية دون عاطفة لإنتاج النسل ورعايته. ومن المثير للدهشة أن المرأة التى شكّلت حجر الزاوية فى قوة وممارسات الإخوان يُنظر إليها دائما نظرة منقوصة، تلك النظرة التى بدأت منذ أيام حسن البنا، فها هو يقول فى رسالة المرأة المسلمة إن المرأة ليست فى حاجة للتبحر فى اللغات المختلفة، وليست فى حاجة إلى الدراسات الفنية الخاصة، وإنها للمنزل أولا وأخيرا، وليست المرأة فى حاجة إلى التبحر فى دراسة الحقوق والقوانين، ووظيفتها التى خلقها الله لها تدبير المنزل ورعاية الطفل، بل وطالب بضرورة إعادة النظر فى مناهج تعليم البنات ووجوب التفريق بينها وبين مناهج الصبيان فى كثير من مراحل التعليم، وهى نفس الأفكار التى دعا إليها سيد قطب بعد ذلك. وفى ذات السياق، فإن تلك النظرة الحبلى بالكبت والتفسير الجنسى لكل مناحى الحياة قد تجلّت أيضا فى الرؤية الاجتماعية لحسن البنا، فالاختلاط حتو لو كان فى مجال العمل أمر يعمل على إشعال الشهوة، ويقرّر أحكاما عامة منها أن المرأة التى تخالط الرجال تتفنّن فى إبداء ضروب زينتها، ولا يرضيها إلا أن تثير فى نفوسهم الإعجاب بها، فى سياق لا يخرج عن تلك الرؤية المتوجسة والغارقة فى تفسيرات محض جنسية بعيدة تمام البعد عن أصالة واحترام مجتمعنا. والشيعة أيضًا.. يدخلون على الخط على أى حال فقد كان التفكير فى الجنس مرتبطا دائما وأبدا فى فكر عديد من الجماعات الإسلامية، حتى إن الشيعة أيضا قد دخلوا منذ القدم فى لعبة الاستقطاب الجنسية هذه من خلال زواج المتعة، فإذا طرحنا سؤالا يقول: لماذا يتزوج الشيعى زواج المتعة؟ ببساطة ليس لدينا سوى إجابة واحدة وهى الجنس، فإذا كان لدينا مذهب يشبع رغبات متبعيه ألا يعدّ ذلك استقطابا؟! أليس الجنس الذى لا يتطلّب زواجا طويل الأمد ولا إجراءات طويلة ولا أعباء مالية ولا مجتمعية، هو بندًا اجتماعيًّا يستقطب كثيرين؟! لذا فحسب تحليلنا أن زواج المتعة ليس إلا محض استقطاب مجتمعى لعناصر التشيع، بل وهى ملائمة أكثر لهؤلاء الفقراء والمهمشين الذين يريدون إشباع رغبات قد لا يملكون كلفتها، وهى أمور كفيلة باصطفاف كثير من المحرومين وتشيعهم لأجل هذا الغرض. وفى سياق متصل، فإن خلافة «داعش» الإجرامية، والتى حاولت إحياء فكرة الخلافة لتعيش فقط فى أساطير ألف ليلة وليلة وفى شبق بلاط الخلافة، تعتبر تجسيدا حقيقيا لمثل هذا الطرح، فأكثر ما تطالعنا به أخبار «داعش» بعد جز الرؤوس هو الحديث عن كتائب النساء وكتائب الخنساء التى تحوى آلاف النساء الجاهزات لهؤلاء الإرهابيين الذى يسيل الزبد من أفواههم، ونكاح الجهاد، فيا كل محروم تعالَ وانضم إلى صفوفنا تعالَ وانعم بالمتع المحرمة تحت راية الخلافة، وتحت شرعية نكاح الجهاد وملك اليمين، وكأننا أمام جنة مثل الجنة التى أوجدها «الحسن الصباح» لأتباعه الحشاشين فى العصور الوسطى، وربما نستطيع بذلك حلحلة بعض متاهات الشخصية المتطرفة المكبوتة. صفوة القول أن هذه العناصر المكبوتة تنمو لديها اندفاعات جنسية غير طبيعية، مثل الميول السادية، وتحلّ محل الكيان الحر الجرىء الطاعة والتأثر الشديدان، كما أن الكبت الجنسى وحسب طروحات علم النفس يقتل روح التمرد فى الفرد، ويخضعه لإرادة سيطرة أعلى، وهو ما يتواءم جدا مع هذه الشخصيات المنصهرة فى فكر الجماعة، حيث تنتج نمطا ضعيف القدرة على التساؤل الحر والتفكير المستقل، كما أن هذا الكبت سيدفع هذه العناصر إلى الانحراف والشذوذ، وإلى تكوين ميول إجرامية وعدوانية واستبدادية. فضائح جنسية ل«راسبوتين الإخوان» من الغريب أن هذه التعليمات التى تبدو كأنها ضاربة فى الفضيلة لم تستطِع أن تمنع فضيحة كبرى فى تاريخ الجماعة، قام بها أحد أبرز أعضاء الجماعة وهو عبد الحكيم عابدين، زوج أخت حسن البنا، والذى اشتهر باسم «راسبوتين الجماعة»، فالرجل كانت له مكانة عظيمة فى الجماعة تأتت من فضيلته وتقواه وكونه من أوائل الذين بايعوا حسن البنا، فضلا عن أنه كان أشدّ المتظاهرين بالتدين والالتزام، كل هذه المؤهلات أهلته أن يكون المسؤول عن نظام التزاور والأسر، هذا النظام الذى أوصى حسن البنا بدعمه، بل وبضرورة أن يبيت الإخوان مع بعضهم كل أسبوع أو أسبوعين كشكل من أشكال تقوية أواصر الجماعة. على أى حال، فإن عابدين ذلك التقىّ الورع المتدين قد تورط فى فضائح جنسية مع بعض نساء الجماعة، وقد بدأت أخبار الفضائح تنتشر، ووصل الأمر إلى أن تقدم أربعة رجال بشكوى إلى المرشد العام حسن البنا يتهمون فيها صهره بأعمال شائنة وممارسات غير أخلاقية، وُصفت من قبل بعض عناصر الإخوان أنفسهم بأنها ممارسات يعفّ اللسان عن ذكرها ويشيب لها الوِلدان، وبعد أن أُجريت تحقيقات مطولة كان القرار بفصل عابدين، وهنا ظهرت تساؤلات من بعض المنتمين للجماعة -آنذاك- عن مدى نقاء هؤلاء القادة الإسلاميين، فى لحظة نادرة مارس فيها بعض أعضاء الجماعة فعل النقد والتفكير، مما ترتب على ذلك خروج عديد من هذه العناصر من الجماعة. تاريخ الجماعة ليس نظيفًا هكذا ومما سبق، نرى أن الأفكار المثالية والتظاهر بالفضيلة لم يستطيعا أن يحافظا على تاريخ الإخوان نظيفا من هذه الممارسات على أعلى المستويات، ولم تنقطع تلك النظرة الأسيرة بالعقد الجنسية، ففى محافل سياسية عدة كانت العقدة الجنسية القديمة تطلّ برأسها، فعلى سبيل المثال قام أحد نواب الإخوان فى برلمان 2005 بتقديم سؤال عاجل إلى رئيس مجلس الوزراء بصفته وزير شؤون الأزهر حول فتوى تحريم ختان الإناث، مؤكدا أن ختان الإناث كان موجودا فى عهد الرسول، وأنه يعفّ المرأة من الانزلاق فى هاوية الخطيئة، كما كانت السنة البائسة التى حكم فيها الإخوان كرنفالا لمناقشة بعض الأمور، مثل زواج القصر وختان الإناث، بل إن برلمان ما بعد ثورة 25 يناير صاحب النكهة الإسلامية قد خصّص جلسات مطولة لمناقشة منع المواقع الإباحية، ورغم إقرارنا بمدى فظاعة هذه المواقع وخطورتها على المجتمع فإن أولويات برلمان ثورة قد تكون بعيدة تماما عن مثل هذه الإشكاليات. وفى نفس ذلك المنحى، فإن أصحاب الفتوى المعتبرين لدى هذه الجماعات لم يخرجوا أيضا من سجن العقد الجنسية، فيوسف القرضاوى -على سبيل المثال- يعدّ أحد أبرز الذين تخصصوا فى الفتاوى الجنسية، بل قُلْ الإباحية، ففتاواه على الهواء كانت تمتدّ لأشد الأمور خصوصية، وأكثر الممارسات شذوذا، فأدلى بدلوه فى كل ما يتعلق بالعملية الجنسية، حتى إن نسبة مشاهدة بعض حلقاته على «اليوتيوب» كانت بمنزلة مليونيات حقيقية لما ورد فيها من تفاصيل جنسية قد لا تخطر على بال أكثر المهتمين بالأمر.