سوريا تتوج بجائزة اللعب النظيف في كأس العرب    الداخلية تكشف حقيقة نقل ناخبين بسيارة في المحلة    بيلاروسيا تعلن نشر صاروخ أوريشنيك الروسى الفرط صوتى على أراضيها    نقيب المهندسين ومحافظ الأقصر يشهدان توقيع بروتوكول مشترك    هيئة الاستعلامات: صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل تجارية بحتة وفق اعتبارات اقتصادية    محاربة الشائعات    بنك الإسكندرية يحصل على حزمة تمويل بقيمة 20 مليون دولار أمريكي    الذهب اليوم: عيار 21 عند 5770 جنيهًا    «التضامن» تشارك فى احتفالية ذوى الإعاقة    الجنائية الدولية: عقوبات أمريكا على عضوي المحكمة اعتداء صارخ على استقلال هيئة قضائية    القاهرة الإخبارية: ويتكوف يلتقى مسئولين من مصر وقطر وتركيا حول اتفاق غزة    نازك أبو زيد: استهداف الكوادر الصحية والمستشفيات مستمر منذ اندلاع الحرب في السودان    نازك أبو زيد: الفاشر وكادوقلي والدلنج على شفا المجاعة بسبب الحصار    أراضى المانع القطرية بالسخنة «حق انتفاع»    أمين عمر وعاشور يشاركان في معسكر الحكام المرشحين ل كأس العالم 2026    تقرير: برشلونة لم يتوصل لاتفاق لضم حمزة عبد الكريم    وفد الأهلي يسافر ألمانيا لبحث التعاون مع نادي لايبزيج    الأهلي يرفض بيع عمر الساعي ويقرر تقييمه بعد الإعارة    جدول امتحانات الفصل الدراسى الأول لطلاب النقل والشهادة الإعدادية بالجيزة .. اعرف التفاصيل    الداخلية تضبط سيارة توزع أموالا بمحيط لجان فارسكور    الجيزة: غلق جزئي بمحور أحمد عرابي أعلى محور الفريق كمال عامر غدا الجمعة    قراءات ألمانية في احتفال المكتب الثقافي المصري ببرلين باليوم العالمي للغة العربية    المخرج أحمد رشوان يناشد وزارة الثقافة المغربية التحقيق في أزمة تنظيمية بمهرجان وجدة السينمائي    عضو "شركات السياحة": لا سياحة حقيقية دون منظومة نقل متكاملة    بالصور.. انهيار شقيقة الفنانة نيفين مندور خلال تشييع جثمانها    نازك أبو زيد: الدعم السريع اعتقلت أطباء وطلبت فدية مقابل الإفراج عن بعضهم    إطلاق مبادرة «مصر معاكم» لرعاية أبناء شهداء ومصابي العمليات الحربية والإرهابية    أسرة الراحلة نيفين مندور تقصر تلقى واجب العزاء على المقابر    الداخلية تضبط مطبعة غير مرخصة بالقاهرة    الصحة اللبنانية: 4 جرحى فى الغارة على الطيبة قضاء مرجعيون    جولة الإعادة بالسويس.. منافسة بين مستقلين وأحزاب وسط تنوع سلوك الناخبين وانتظام اللجان    الأرصاد: تغيرات مفاجئة فى حالة الطقس غدا والصغرى تصل 10 درجات ببعض المناطق    صوتي أمانة.. "غازي" عنده 60 سنة ونازل ينتخب بكفر الشيخ: شاركت أنا وعيلتي كلها| صور    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    فوز مصر بجائزتي الطبيب العربي والعمل المميز في التمريض والقبالة من مجلس وزراء الصحة العرب    ضبط عامل بالدقهلية لتوزيعه أموالًا على الناخبين    الترويج لممارسة الدعارة.. التحقيق مع سيدة في الشروق    هل تتازل مصر عن أرص السخنة لصالح قطر؟.. بيان توضيحي هام    عبد اللطيف صبح: 55% من مرشحى الإعادة مستقلون والناخبون أسقطوا المال السياسى    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    الرعاية الصحية: مستشفى الكبد والجهاز الهضمي قدّم 27 ألف خدمة منذ بدء تشغيل التأمين الصحي الشامل    عمرو طلعت يفتتح مقر مركز مراقبة الطيف الترددي التابع لتنظيم الاتصالات    نبيل دونجا يخوض المرحلة الأخيرة من برنامجه التأهيلي في الزمالك    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    الداخلية تضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متنوعة خلال 24 ساعة    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    في خطابه للأميركيين.. ترامب يشنّ هجوما قويا على بايدن    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يحيى حقى يقدّم جيلا كاملا من الأدباء الشباب
نشر في التحرير يوم 23 - 11 - 2014

فى حوار عابر أجرته المحررة الشابة زينب الصيرفى مع الكاتب والأديب رفيع المقام يحيى حقى، فى باب «خمس دقائق»، ونشرته صحيفة «المساء» فى 23 نوفمبر 1959، أثار شجونًا كثيرة لدى كاتبنا الكبير، وتحدث فيه حول السينما والإذاعة والإعلام بشكل عام، وتطرق إلى عدم خروج روايته «قنديل أم هاشم» إلى السينما، وقال: إنها ستثير مشكلات كثيرة، وأشكالًا من اللبس عند القراء، وكان رده بالنص: «هذا عسير جدا، وستدخل فى معتقدات، خصوصًا منظر تحطيم القنديل، فهو عنيف ولا أريد أن يظهر بهذا العنف فى السينما»، هذا الكلام كان قبل أن يتم إعداد الرواية للسينما عام 1968، ويخرجها كمال عطية، ويقوم ببطولته شكرى سرحان وسميرة أحمد وماجدة الخطيب.
وبعيدًا عن كل هذه الأسئلة التى خاضت فى مياه كثيرة، سألته المحررة عن رأيه الخاص فى تشجيع الأدباء الناشئين، كانت إجابة يحيى حقى بسيطة وعملية، وكانت هذه القضية مثارة بشكل واسع، وعقدت عنها جريدة «المساء» ندوة كبيرة، وتحدث فيها -آنذاك- جهابذة الحياة الأدبية، مثل الدكتور على الراعى والدكتور شكرى عياد ومصطفى عبد اللطيف السحرتى ومحمد سعيد العريان، ثم تم التعقيب على حديث هؤلاء كتّاب شباب مثل رجاء النقاش وصبرى موسى وعبد الله الطوخى وفؤاد دوارة، واقترحوا اقتراحات كثيرة بصدد هذه القضية العويصة، ورفض رجاء النقاش تعبير «الأدباء الناشئين»، وطالب بتغييره إلى تعبير «تشجيع المواهب الجديدة» وهكذا.
وفى هذا الأمر قال يحيى حقى: «ليست هناك وسيلة سوى إيجاد ناشر يحصل على ثمن بسيط لبيع الكتاب، علاوة على إيجاد لجنة قراءة حتى لا يرفض كل كتاب من كاتب ناشئ، وهناك حل آخر هو أن يقدم كل كاتب معروف إلى جانبه كتابًا لأحد الكتاب الناشئين بشرط أن يكون الكتاب صالحًا وتقره لجنة القراءة».
كان هذا هو ردّ يحيى حقى البسيط والعملى، والذى لا يحتاج إلى عبقرية خاصة، وتكمن عبقرية هذا الاقتراح فى تنفيذه، وبالفعل أصبح يحيى حقى منذ ذلك الوقت وربما قبله، وبالتأكيد بعده، هو قبلة هؤلاء الكتاب، طوال حياته، وقدّم الأدباء الشباب بأشكال مختلفة، وكانت تجربة كتاب «عيش وملح»، الذى صدر عام 1960، هى أول تطبيق عملى كبير ينفذه يحيى حقى دون أدنى ضجيج وضوضاء، رغم أن الكتاب قوبل بحفاوة شديدة جدا فى الحياة الثقافية.
الكتاب - التجربة، شارك فيه ستة كتاب شباب، وهم السيد خميس شاهين، الشهير ب«سيد خميس» وعباس محمد عباس ومحمد جاد والدسوقى فهمى ومحمد حافظ رجب وعز الدين نجيب، وبغض النظر عن المسارات المختلفة التى ذهب كل واحد من هؤلاء فيها، فإنهم فى ذلك الوقت كانوا موجودين بقوة، ويمثلون القوة الضاربة الشابة فى الحياة الثقافية، وكتب يحيى حقى مقدمة الكتاب، وبدأها هاشًّا باشًّا مرحبًا بمن شاركوا فيها، إذ قال: «هذه المجموعة ما أحبَّها إلىَّ، إنها تنطق بمعان حلوة جمّة، عطر الربيع، وندى الزهر وهبة النسيم تنشط له النفس، يبدد خمولها ويجدد الأحلام، لم تستأثر بها أنانية فرد، يظل يصحبنا -ارتفع أو هبط- من أولها لآخرها، إنما هى عمل جماعى متساند، تعاون عليه ستة من الأدباء فى زهرة العمر، منحها كل منهم خير ما عنده وإن قل»، ويستطرد حقى فى نحت مواصفات للجيل فيقول: «سترى من الكلمات التى تقدم لهم فردًا فردًا أن بينهم جميعًا -وإن اختلفت مسالكهم- شبهًا كبيرًا، فالسن متقاربة، والبيئة تكاد تكون واحدة، ونوع الثقافة ومستواها عند الجميع سواء».
وهذه الصفات والمقاربات التى ساقها لنا يحيى حقى دون فذلكة وتعقيدات نقدية، هى التى تجمع أبناء الجيل الواحد الإبداعى، رغم أن هناك كثيرين من النقاد والأدباء احتاروا فى تعريف الجيل الأدبى، واستندوا إلى مقولات نقدية جامدة، وربما جلبوها من كتابات غربية أو شرقية، ولكن يحيى حقى الكاتب والقلم والإنسان، يعبر عن هذه المقاربات فى يسر وبساطة، ويطلق عليهم مصطلح المدرسة، ويظل يطارد القلم ليكتشف بعضًا وملامح متكاملة أو شبه متكاملة لهذه المدرسة، إذ يقول فى سياق اكتشافاته: «ومن معالم هذه المدرسة أيضًا أنها مع العطف الشديد الذى تبثه فى قلبك على أبطالها فى صراعهم للحياة تبث فى نفسك الإيمان بالخير وبالمستقبل وبمقدرة الإنسان على النجاة، فهى مدرسة متفائلة غير متشائمة، إيجابية غير سلبية».
وبعد هذه المقدمة الشافية والكافية، والتى شكّلت رافعة حيوية ومهمة لمعنويات هؤلاء الكتاب، وجدنا فى الكتاب مقدمات خاصة، كتبها كل كاتب لزميله فى المجموعة، فمحمد جاد كتب تقديمًا لعز الدين نجيب وللدسوقى فهمى، والدسوقى فهمى كتب تقديمًا لمحمد جاد، أما سيد خميس فهو أول من قدم محمد حافظ رجب على المستوى النقدى، أما الذى كتب مقدمة قصص سيد خميس فهو الكاتب عبد العزيز عبد الفتاح محمود.
ورغم أن جيل الستينيات الذى قدمه يحيى حقى، أخذ فى التشكل والتكون والتقدم بعد صدور هذا الكتاب، فإن هذا الكتاب الذى قدمه يحيى حقى يظل هو أول ضربة فأس فى تربة الكتابة القصصية الجديدة فى جيل الستينيات، ونحن بالفعل فى حاجة إلى إعادة نشر هذا الكتاب المهم والذى يمثل البيان الأول فى إعلان هذا الجيل، ولكننى أخشى دومًا أن تذهب كلماتى أدراج الرياح، وهناك من لا يدرك قيمة الغث من الثمين.
ويحيى حقى الذى غامر بتقديم هذه المجموعة من الكتاب، لم يتوانَ فى تقديم الكتاب على انفراد فى مجموعاتهم الخاصة، مثل الكاتب حمد أبو الشيخ، أو إسماعيل ولى الدين، أو عادل أحمد، وكذلك أشرف على عدد استثنائى فى أغسطس عام 1966 من مجلة «المجلة»، التى كان يرأس تحريرها، ونفى الفكرة القديمة التى أشار إليها فى حواره سالف الذكر، فجعل نجيب محفوظ يقدم جميل عطية إبراهيم، وكذلك شكرى عياد يقدم إبراهيم أصلان، ويوسف الشارونى يقدم يحيى الطاهر عبد الله.
وهناك شهادات رائعة كتبت عن يحيى حقى، تحتاج إلى إعادة تأمل وقراءة، خصوصًا ما كتبه محمد روميش ومحمد إبراهيم مبروك، وهناك كتاب فى غاية العذوبة كتبه الأستاذ سامى فريد الذى رافقه فى مجلة «المجلة» سنوات طويلة، وعرفه عن قرب، هذا الكتاب عنوانه «يحيى حقى الذى أعرفه.. أنا.. يحيى!!».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.