لا أعرف بالضبط أين يضع بعض السادة الناشطين، حقوق شهدائنا، الذين يتساقطون كل يوم، برصاص ومدفعية الإرهاب؟ ولماذا لا يمنحون لهؤلاء الشهداء بعضًا من «الحنية» التى تفيض عنهم فى كل خطاب يتشدقون به عن حقوق الإنسان؟ أحيانا أحاول أن أعقل الكيفية التى يرون بها الأمور، وتأخذهم إلى تلك المواقف البعيدة، المستفزة، ومن أين يأتون «بفراغة العين». الأستاذة، الناشطة المحامية، والناشطة السكندرية، التى كتبت فى يوم 6 أكتوبر الماضى، تويتتها الشاذة «سينا رجعت تانى ليهم»، و«تل أبيب فى عيد» وبعض الهلاوس الأخرى. «هذه المغوارة» كافأتها أوروبا بجائزة فى مجال حقوق الإنسان، ولا عتب ولا تسريب، فكل واحد حر فى جوايزه، وكل «دكان» أولى بزباينه. المهم أن الأستاذة المحامية، الناشطة اختاروها لجايزة فى فلورنسا، لا تمنح إلا لمحامى واحد فى السنة، يخدم حقوق الإنسان، وكما أشرت لا دخل لنا بالاختيار، ولا من وقع عليه الاختيار، ولا الجهة التى اختارت، «فالسوق» عامرة بالإغراءات والعرض والطلب، لكن ما يعنينى هو «نوعية الخطاب» الذى يستخدمه جزء من قبيلة النشطاء، فى التوصيف لما يجرى فى مصر، بفجاجة منقطعة النظير. بينما مصر تلملم أشلاء شهدائها، وبعض الدماء لم تجف، تخطب الناشطة وتخاطب جمهورها الغربى بأنها وبكل تواضع إن كانت لا تستحق وحدها الجائزة، فإن هناك أسماء أخرى شريكة فى «الكفاح» يقاسمونها هذا الفخر، وأنهم جميعًا فى طريقهم إلى إسقاط «الرئيس الثالث» لمصر. كما ذكر موقع جريدة «المصرى اليوم»، الذى نشر نص خطاب الجائزة الذى سوف تلقيه أو ألقته الأستاذة المحامية. قالت الأستاذة المحامية، إن السيسى يتلاعب بالجماهير، وإنه أحدث تصدعا فى المجتمع بسجنه الآلاف، وإنه يواصل نهجه الآن بإجلاء الآلاف عن بيوتهم «تحت شعار الإرهاب». الحقيقة أننى أحسد «الأستاذة» على قلبها الجامد، وأشفق على مصر من عمى بصيرة بعض مَن يعيشون على أرضها، ولا أقول أبناءها، فأيًّا ما كان ما تعتقده «الأستاذة» الناشطة، ولا حيثيات معارضتها للسيسى الذى تسعى ورفاقها «لعزله»، ولا المنظور الذى من خلاله رأت السيسى «متلاعبًا» بمصر وناسها، لكن كيف ترى الذين يموتون كل يوم فى سينا من رجال القوات المسلحة ومن رجال الأمن؟ هل هم بشر ولهم حقوق إنسان، مثلهم مثل المحظوظين من النشطاء، يعنى هم يموتون بجد أو تمثيل؟ طيب أين موقعهم بالضبط من الإنسانية الفياضة؟ ولماذا لا ينالهم من «إنسانية» حقوق الإنسان جانب؟ ولّا دول ولاد البطة السودا؟! تقول، لا فُضّ فوها، إن السيسى، المتلاعب بالجماهير -كما وصفته- يجلى الناس من بيوتها بدعوى الإرهاب! طيب ما توصيف الأستاذة الناشطة، بصرف النظر، عن رأيها فى السيسى، لما يجرى فى سيناء؟ هل هو لعب عيال مثلا أو هو ألعاب نارية لزوم التفاريح، أو هو تمثيلية؟ عاوزينها تنورنا. ما حكمها، قبل أن تدغدغ الغرب، بكلامها عن السيسى المتلاعب بالجماهير، على الذين يفجرون أجساد أولادنا، أولاد هذا الشعب، نريد أن نعرف الرؤية الكلية بتاعة الأستاذة الناشطة، اللى رايحة تخطب بها بره؟! يعنى هى شايفة إيه؟ شايفانا بنتدلع مع السيسى؟ وشايفة اللى بيدبحونا دول بيهزروا بس هزارهم تقيل شوية؟! نريد أن نعرف المدى الإنسانى للغرب، لو أنه ذاق من نفس الكأس، «دعوى الإرهاب»؟! يعنى ما يجرى على أرض سيناء من تفجير يومى لرجال الجيش ليس إرهابًا؟ لا أتصور أن مثل هذا الخطاب الاستفزازى يندرج تحت أى لافتة مقبولة من السواد الأعظم من ناس هذا البلد المبتلين (بضم الميم وفتح التاء) ليس فقط بالإرهاب المادى، ولكن «ببعض المصطفين» و«الساعين للانطواء تحت مظلة الاصطفاء». كأنهم فى وادٍ آخر.. وهذا منتهى حسن النية.. منا!