شىء فى كيس المستر كيرى

الكيس البلاستيكى الغريب الذى ظهر وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى يقبض عليه ويحمله بيده، منذ أن ركب الطائرة من قاعدة أندروز الجوية فى واشنطن حتى وصل أول من أمس إلى مطار القاهرة، للمشاركة فى مؤتمر إعادة إعمار غزة، بعدما دمرتها آلة القتل الصهيونية المصنوعة فى بلاده... هذا الكيس البائس الذى كاد الوزير يعضّ عليه بالنواجذ، وظل متشبثا به أمام عدسات التصوير، ولم يُسمح لأى من أعضاء جيش مرافقيه وحراسه بحمله عنه، استقطب اهتمام وأثار فضول ملايين الناس فى أربعة أركان كوكبنا، خصوصا مواطنينا وشبابنا الناشطين فى التدوين والثرثرة على مواقع التواصل الاجتماعى.. الكل راح يسأل ويخمّن: ماذا يا تُرى فى هذا الكيس؟! ولماذا أظهر المستر كيرى كل ذلك الحرص على أن لا يلمسه أو يراه أحد سواه، بمن فى ذلك أقرب وأخلص مساعديه؟! لا بد أنه شىء حساس جدا أو خطير خطورة عظيمة واستثنائية!!
أغلب المعلقين والمتسكعين فى دروب الشبكة العنكبوتية رجحوا أن ما فى كيس الوزير الأمريكى البلاستيكى (الكيس وليس الوزير) هو شىء خاص وشخصى، ومن ثم فإن الخجل والكسوف ربما منعاه من أن يتركه لأحد غيره، قد يعبث فيه ويطّلع على محتوياته التى ممكن جدا أن تكون عبارة عن «حفاضات» من ذلك النوع الذى يستخدمه كبار السن المصابون بداء «التبول اللا إرادى»، أو ساندويتشات همبورجر مع صوص «الكاتشب» وبطاطس مقلية وخلافه.. هكذا قالت أغلبية واضحة من المدونين المخمنين.
لكن بعض هؤلاء المخمنين، وإن شاركوا كثيرا من زملائهم فى ترجيح احتمال الساندويتشات بالذات، فإنهم استبعدوا كونها محشوّة بمادة الهمبورجر، التى تباع فى السوق عادة، وأكدوا أن السيدة والدة السيد كيرى ربَّته تربية صارمة وتقليدية وظلت منذ نعومة أظافره تمنعه وتحذّره من أكل ال«فاست فود» فى الشوارع، لأنه سلوك يليق بالصيّع لا الوزراء والكبراء أمثاله، وعليه فإن أرغفة الساندويتشات التى فى كيس المستر كيرى غالبا تطوى فى أحشائها شرائح من لحم الديك الرومى اللذيذ، الذى تَبرع الست الوالدة فى صنعه وتسهر وتصبر على شوائه فوق نار هادئة، منذ أن كان المستر ابنها ما زال فى المهد صبيا، وقبل أن يشب ويشيب ويصبح وزيرا مرموقا فى حكومة أكثر الإمبراطوريات شرًّا وتدميرا فى تاريخ الإنسانية كله.
ورغم لطف وطرافة احتمال «الساندويتشات» الذى ذهبت إليه غالبية تخمينات وتحليلات إخوانّا سكان «فيسبوك» و«تويتر» بشأن محتويات كيس المستر كيرى، فإن العبد لله كاتب هذه السطور مستعد أن يتجاسر ويتحامق ويخالفهم ذلك الرأى التحليلى التخمينى، وهو يعرف العواقب الخطيرة لحماقة من هذا النوع.. فأنا باختصار، لا أستبعد أن يكون الكيس البلاستيكى فيه ساندويتشات فعلا، لكن عندى بعض التحفظات والتخوفات والشكوك التى تجعلنى أضع بجوار هذا الاحتمال احتمالات أخرى أراها تتمتع بالقوة نفسها.
وأكتفى من فيض التخوفات والشكوك التى تعبث فى صدرى، بأننى مثلا لست واثقا أن السيدة «أم كيرى» ما زالت على قيد الحياة ولم تمت بعد، لهذا فإن الجزم والقطع بأنها هى صانعة الساندويتشات التى فى الكيس مغامرة حقيقية لا تخلو من تهور شديد قوى جدا خالص.
يبقى من الاحتمالات القوية بشأن ما كان مخفيًّا فى كيس المستر جون كيرى البلاستيكى، أن الرجل ربما وضع فى الكيس الخطة العسكرية السرية الفظيعة التى صممتها إدارته لكى «تحجّم» عصابة الست «داعش» لوحدها، ومن دون باقى العصابات المماثلة، ولا تقضى عليها وإنما تمنعها فقط من التمدد خارج حدود الدائرة المطلوب أن تبقى وتعربد فيها، حتى تدمر أمتنا العربية وتغرق أراضيها وأقطارها وشعوبها فى حروب طائفية عبثية لا أول لها ولا آخر.
طيب، هل تسأل لماذا وضع المستر كيرى هذه الخطة فى هذا الكيس البلاستيكى التعبان، وليس فى حقيبته الجلدية الرسمية الفخمة الأنيقة التى كان يحملها فى يده الثانية؟! لأن الحرب خدعة يا أستاذ!!