لما قامت ثورة 1919، تخيل الإنجليز أن العقبة فى شخص سعد زغلول، فلم يجدوا حلًّا للقضاء على هذا الصداع سوى منع المطربين ومشايخ القهاوى من ذكر سعد زغلول فى أغانيهم، بل كان ذِكر اسم سعد زغلول يستوجب الحبس. ولكن الشعب المصرى الجبار لم يستسلم، فى لحظات كان العبقريان بديع خيرى وسيد درويش قد أَخرجا إلى النور أغنية «يا بلح زغلول» التى يقول مفتتحها: (يا بلح زغلول يا حليوة يا بلح يا بلح زغلول/ يا زرع بلدى عليك يا وعدى يا بخت سعدى زغلول يا بلح). وخلال ساعات كانت «يا بلح زغلول» الأغنية الرسمية للشعب المصرى كله.. مش قلنا بلاش سعد زغلول.. طب هوه فين سعد؟ طب هوه فين زغلول؟ إحنا بنغنى للبلح يا حضرة! ما زال صاحب أى سلطة إلى الآن يقتنع أنه بالمنع سينجح فى كبت إرادة الناس، فالإجراءات التعسفية فى الجامعات التى لم تعد تقتصر على طلاب الإخوان -مع أن من حقهم التعبير السلمى عما يريدون- لن تمنع الطلبة أيا كانت اتجاهاتهم من الثورة عليها، ومن التريقة على أى تقييد غبى غير مدروس وغير مفهوم. كل ما يفعله النظام أنه بدلا من أن يقلص معارضيه، فإنه يعادى معظم طلبة الجامعات الذين اكتشفوا أن طوابير مصر قد أضيف إليها طابور دخول الجامعة، وبالتدريج ستصبح يد الإخوانى الذى يلعب لمصلحته مع يد الطالب الآخر الذى من حقه أن يفكر ويعارض ضد أى نظام، لتتكرر الأسطورة الخالدة، نظام ومعه معارضة محسوبة على أنها «إخوان»! الإخوان كانوا دائما هم الأسهل والأقل خطورة فى التعامل مع أى نظام، ولذلك فإن النظام الحالى يخطئ كثيرًا عندما يعادى أيضا غيرهم ممن ليس لهم زعيم ولا مرشد، ولا نسبة فى مجلس الشعب، ولا فارق معاهم حاجة!