أحببت «منصور الحفنى» ولذلك تعاطف الجمهور مع الشخصية تنازلنا من أجل خروج الفيلم إلى النور.. وأى عمل فنى هو محاكاة للواقع خططنا للجزء الثانى بعد الأول بأربع سنوات.. وتأخيره أتاح لنا متغيرات كثيرة وأصبحت الأحداث «ملحمية» أحمد السقا.. فنان عشقه الجمهور من خلال أدائه شخصية «منصور الحفنى» فى الجزء الأول من فيلم «الجزيرة» منذ سبعة أعوام، حيث حقق الفيلم نجاحا ساحقا على المستوى الجماهيرى، وارتبطوا بأحداثه كثيرا، ومنذ علمهم بأنه يستعد لتقديم جزء ثان من الفيلم، والكل كان فى انتظار معرفة ماذا سيحدث فى الجزء الثانى، والتطورات التى مرت بها الشخصيات فى العمل، ورغم أن فكرة عمل جزء ثان من فيلم هى مخاطرة، فإن صُناعه تعهدوا بأن يخرج بأفضل صورة من الأول. النجم أحمد السقا فى حواره ل«التحرير» يتحدث عن تجربة «الجزيرة 2»، والإسقاطات السياسية التى غلبت على الأحداث، والصعوبات التى واجهته فى الفيلم، وأشياء أخرى فى الحوار التالى. ■ فى البداية متى جاء قرار إخراج جزء ثان من «الجزيرة»؟ - فى الحقيقة الجزء الثانى كان مخططا له عقب انتهاء الجزء الأول بثلاث أو أربع سنوات، ولذلك كانت النهاية «مفتوحة»، ولكن بعد ما حدث على الساحة من متغيرات فى الواقع السياسى أجلت الخطوة، وفرضت علينا كصناع فيلم أبعادا أخرى يجب مراعاتها، وهو ما تطرقنا إليه فى الأحداث. وأعتقد أن كل هذه المتغيرات وتأجيل إخراج الجزء الثانى جاءا فى صالحه، بعدما أصبحت هناك أحداث وموضوعات دسمة اشتغل عليها الفيلم منذ البداية، وعمل شكلا ملحميا فى الإطار الذى ظهر فى أحداث الجزء الثانى. ■ بعد سبع سنوات من تجسيدك شخصية «منصور الحفنى».. هل واجهتك صعوبات فى التعايش مع الشخصية مرة أخرى؟ - لا بالعكس.. الشخوص التى يحبها الفنان «تتزرع» فيه، ولا ينساها أبدا، وهذا ما حدث معى؛ لأنى قدمت شخصية «منصور الحفنى» فى الجزء الأول من الفيلم، وأنا أحبها جدا وأصدقها، ورغم عنف الشخصية فإن أغلبية الجمهور تعاطف معها، لأنه عبارة عن «بطل تراجيدى»، أو ما يمكن أن يطلق عليه شخصية «روبنهودية»، ودائما ما تكون فى صراع، إلا أنك تجد نفسك متعاطفا معها وتحبها، ولكن فى النهاية لا بد أن ينال عقابه. ■ لكن البعض عاب على الفيلم كثرة «إسقاطاته السياسية».. ما ردك على هذا الرأى؟ - فى الحقيقة لا أرى أن الإسقاطات السياسية كثيرة، ونحن تعايشنا مع الواقع الذى مررنا به خلال السنوات الأخيرة، فالجمهور كله ليس له حديث سوى السياسة، وأى عمل فنى فى الدنيا هو محاكاة للواقع و«كان لازم يكون هناك الإسقاطات دى»، ولكن مع اختلاف طريقة العرض التى أعتقد أنها جاءت ذكية وجديدة من خلال المبدعين شريف عرفة ومحمد دياب، وأى جملة فى الفيلم جاءت مقصودة وموظفة فى السياق الدرامى. ■ وكيف تم تناول الفيلم وجهات النظر المختلفة؟ - أى دراما فى الدنيا هى انعكاس للواقع، لكن هناك فرق دائما فى كيفية التناول، و«السفسطة» الكثيرة هى التى تعد خطأ، وفى نفس الوقت الانحياز فى وجهات النظر «غلط»، والتخوين هو الخطأ الأكبر، وأشياء كثيرة لا بد أن نتخلص منها. ونحن عرضنا ثلاث وجهات نظر، ولم نفرض أيا منها بشكل أحادى، وأعتقد أن هذه وظيفة الفنان، أو الذى يهوى هذه المهنة «أن يعرض ولا يفرض»، بدلا من أن يتأثر أحد من الجمهور برأيك و«أنا باراعى ربنا فى الحاجات دى». ■ ألم يكن هناك خوف من الانتقادات بسبب الصراع السياسى وتعدد الانتماءات السياسية؟ - فى أى عمل فى الدنيا لا بد أن نتوقع الانتقادات، لأننا لو ظللنا خائفين لن نقوم بعمل شىء، وكل شخص سيجلس فى بيته ولن نصل إلى أى نتيجة، وبذلك سنكون سلبيين. لذا، فلا بد أن يتكلم الجميع، ولكن ما الشكل الذى نتكلم به أو من خلاله، هذه هى النقطة الأساسية، ولا بد أن يكون هناك تبادل فى وجهات النظر وأن تسمعنى وأسمعك. «نحن كنا مفتقدين الحتة دى الفترة اللى فاتت». ■ وما الإطار الأساسى الذى دارت من خلاله أحداث فيلم «الجزيرة 2»؟ - عرض الأيديولوجيات المتصارعة، لأن الفيلم إطاره العام والخط الأساسى له هو عرض حدوتة رومانسية من خلال قصة حب بين «منصور» و«كريمة»، ولكن كل ذلك تحول بسبب الصراع بينه وبين الرحالة، وهناك مشاعر كثيرة فى الفيلم مثل أن منصور وجد ابنه كبر وتربى بعد أن ابتعد عنه 10سنوات، والفيلم به كمية مشاعر كبيرة جدا، ويحتوى على معانٍ كتيرة، بدليل نهايته التى تدل على أن هناك أطرافا كثيرة فى المجتمع، لا بد أن نتعايش كلنا مع بعض بما يرضى الله، الخط الرومانسى ظل موجودا ولكن فى الجزء الثانى أصبح عنيفا بعض الشىء. ■ وهل أثارت أحداث الفيلم فعلا غضب أهل الصعيد؟ - بالعكس أهالى الصعيد سعدوا جدا بالفيلم، وهم أحبائى، وهم «لو صخر الجبل اتبدل الصعايدة ما تبدلشى»، وأنا فخور أنى انتميت إليهم من خلال الفيلم، فعلاقتى بأهالى الصعيد منذ زمن، فهوايتى -وهى ركوب الخيل- جعلتنى ألف الصعيد كله، وأعرف صعايدة كتير جدا وهم جدعان جدا جدا. ■ ما أصعب المشاهد التى واجهتك فى الفيلم؟ - كل المشاهد كانت صعبة، والتمثيل كان صعبا، فلكى تحقق عنصر المصداقية هذا صعب جدا، والتركيز كان أصعب، ولكن مشهد النهاية هو الأصعب، واستغرقنا فى تصويره أسبوعين، كما كان هناك مشهد آخر صعب جدا وهو المطاردة بينى وبين رجالة الرحالة فى موقف السيارات، بعدما تم خطف ابنى على، لأنى كنت أجرى فوق السيارات، وكان التصوير شاقا جدا، واستغرقنا فى تصوير هذا المشهد يومين. ■ هناك من اعتقد أن «الرحالة» الذين يقودهم المرحوم خالد صالح فى الفيلم قصد بهم الإخوان.. ومع ذلك ليس هناك ما يدل بشكل قاطع على هذا التفسير.. ما رأيك أنت؟ - الرحالة ليسوا الإخوان، ولو يتذكر الجمهور جملة قالها خالد صالح فى الفيلم وواضحة جدا، عندما سأله أحد الأشخاص «هل إنتو إخوان؟ فرد خالد صالح نحن نختلف عنهم كثيرا، ونتفق معهم فى بعض الأشياء»، وهذا الرد جاء مقصودا ومن خلاله سعينا إلى توصيل معنى، وكل واحد يتلقى هذا المعنى كما يريد، والمعنى فى النهاية «فى بطن الشاعر» زى ما بيقولوا، ولكن لا أستطيع أن أحسم ذلك، لأنى عنصر فقط من عناصر العمل، ولا أقدر أن أحدد فكرة تجاه معنى بعينه، فذلك يكون خطأ فى حقى وحق المتلقى. ■ لماذا استغرق تصوير الفيلم أكثر من سبعة أشهر كاملة؟ - الفيلم استغرق وقتا طويلا بالفعل، ولكن ليس بسبب أى أزمات إنتاجية أو أزمات من نوع آخر، وإنما بسبب أن الظروف كانت صعبة، فكانت هناك مشاهد خارجية كثيرة، ومن أجل تصويرها فى الظروف المحيطة وقتها ستكون مأساة، بالإضافة إلى أن هناك أياما يكون معنا ممثلون يصل عددهم إلى 400 أو 500 فى تصوير مشاهد المعارك، والله يعلم أننا شفنا أياما ما يعلم بيها إلا ربنا، فى التصوير الخارجى بالواحات وغيرها من الأماكن الصعبة. ■ هل تعتقد أن «الجزيرة 2» فيلم يحمل الجودة التجارية والفنية فى نفس الوقت لتحقيقه إيرادات مرتفعة بمحتوى فنى عال حتى الآن؟ - فى رأيى لا توجد مسميات كفيلم تجارى أو فيلم مهرجانات، مع كل احترامى للآراء التى تختلف معى، ولكنى أقول وجهة نظرى الشخصية البحتة، لأن الفيلم هو رأس مال يتم وضعه عن طريق منتج، ولا بد أن يعود مرة أخرى للمنتج، لأنه لو لم يحصل عليه مرة أخرى فلن ينتج أى أفلام، والوظيفة الرئيسية للفنان فى أعماله أن يمتع المتلقى من خلال فيلم جيد، به حدوتة، سواء كوميدية أو تراجيدية أو رومانسية، والمهم أن يذهب الجمهور ويخرج مبسوطا. ■ نهاية الفيلم جاءت مفتوحة مثل الجزء الأول.. ما دلالتها؟ وهل جاءت مقصودة بغرض إخراج جزء ثالث أم ماذا؟ - النهاية أن الشخصيات الثلاث التى دار بينها صراع ما زالوا أحياء، وهذه لها دلالة طبعا، فالصراع قائم ومستمر ما دامت أسبابه وعناصره موجودة، وهذا بالطبع قد يشير إلى احتمالية وجود جزء ثالث، لكنى لا أستطيع الجزم بذلك، وإن كنت أتمناه، لو أن المحتوى خلال الفترة القادمة سمح لنا بذلك. ■ بعد أن غيب الموت الفنان القدير خالد صالح قبل أن يشاهد الفيلم.. فماذا تقول له؟ - أولا خالد صالح قدم دورا مهما جدا وبشكل متميز كعادته، وفى الحقيقة شهادتى فى خالد ستكون «مجروحة»، لأننا لسنا زملاء عمل فقط، ولكنه بالنسبة إلىّ كان أكثر من أخ، وهو كان حقيقة بجد محترم وكريم فى أخلاقه وفنه وقلبه، وترك فراغا كبيرا فى حياتنا جميعا، ولكن فى النهاية «لا يغلى على من خلقه»، ولا يسعنى إلا أن أقول له «الله يرحمك» ويصبر عائلتك. ■ ماذا عن أعمالك الجديدة؟ - أخوض السباق الرمضانى القادم بمسلسل «ذهاب وعودة» من تأليف عصام يوسف وإخراج أحمد شفيق وإنتاج صادق الصباح، ومن المقرر أن أبدأ تصويره بداية شهر نوفمبر القادم، وأحداثه مستوحاة من قصة حقيقية حدثت فى عام 2010. وبالنسبة إلى السينما، هناك مشروع يجمعنى بصديقى وأخى كريم عبد العزيز، من المقرر أن يكتبه عباس أبو الحسن ويخرجه مروان حامد، ولكن المشروع من المبكر جدا الحديث عن تفاصيله، أو أى شىء فيه، لأننا لم نستقر من الأساس على الفكرة.