بعد الاستقبال الحار الذى لقيه الرئيس السيسى فى الأممالمتحدة، وما حققته الزيارة من نتائج مبهرة أعادت مصر إلى وضعها القيادى ومكانها الطبيعى على مستوى العالم والمنطقة، وأكدت الاعتراف الرسمى من المنظمة الدولية والقوى الكبرى بثورة 30 يونيو، باعتبارها ثورة شعبية، وليست انقلابًا كما زعمت وروّجت القوى المعادية مصر، وعلى رأسها التنظيم الدولى لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وفرعها فى مصر وقوى إقليمية أخرى. تأكد بما لا يدع مجالا للشك ضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية فى موعدها المحدد سلفًا، وهو قبل نهاية العام، وذلك باعتبارها الخطوة الأخيرة فى خارطة الطريق، التى أطلقتها ثورة 30 يونيو. ولا يخفى على أحد أن هذه الخطوة سوف تؤكد لدول العالم أن ثورة 30 يونيو ثورة شعبية استجاب فيها الجيش المصرى لرغبة الشعب فى التخلص من نظام الإخوان الإرهابى. ولذلك فإنه على الحكومة المصرية الإسراع فى اتخاذ الخطوات اللازمة لإجراء الانتخابات البرلمانية التى سيكون لها أعظم الأثر فى رسم صورة براقة لمصر، خصوصا إذا جرت فى جو من الشفافية والنزاهة والحياد بين كل الأطراف كما يتوقع العالم. وحسنًا فعل الرئيس السيسى عندما أكد فى أكثر من مناسبة أمام الإعلام العربى والدولى أنه لا تأجيل للانتخابات، وأنها ستتم قبل نهاية العام الحالى، فهو يثبت بذلك تمسكه التام بخارطة الطريق. وأنه يدرك أهميتها فى تأكيد مصداقية ثورة 30 يونيو أمام العالم بأسره، وما ستحدثه هذه الانتخابات من تغييرات فى مواقف عديد من الدول والمنظمات الدولية، سواء السياسية منها أو الاقتصادية، وفى مقدمتها صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، وهو ما سيكون له أعظم الأثر فى تحسين صورة الاقتصاد المصرى أمام العالم، ويوفر له الثقة من جانب العالم ومنظماته الاقتصادية، ويدفع المستثمرين فى كل الدول إلى الإقدام على ضخ استثماراتهم فى مصر، حيث إن وجود المجلس التشريعى، الذى يقوم بالرقابة وسن التشريعات الجديدة التى تضمن لهم كل حقوقهم وعدم تعرض مصالحهم للمخاطر. وبعد التقدم على صعيد الاستقرار الأمنى وما حققته الدولة بواسطة الشرطة والجيش من نجاحات، وبعد أن وجهت ضربات موجعة إلى الجماعة الإرهابية وأنصارها وحلفائها من المتطرفين والإرهابيين، سواء داخل البلاد أو فى سيناء، بحيث لم تعد تخيف أحدا، فإنه لم يعد هناك تخوف من أن تتمكن من عرقلة الانتخابات وإفشالها. وأصبح الطريق ممهدا لظهور البرلمان الجديد إلى النور، خصوصا أنه سيكون من أهم البرلمانات فى تاريخ مصر نظرا لما ينتظره من مهام رقابية ودور هام فى مكافحة الفساد فى ظل النظام الجديد، فضلا عن مهام المجلس التشريعية، خصوصا المتعلقة بتمهيد الطريق أمام الاستثمارات الأجنبية، التى تسعى الدولة لجذبها، حيث إنها تعول عليها الكثير فى الانطلاق نحو نهضة اقتصادية شاملة يتطلع إليها الشعب بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو التاريخيتين، وكذلك تهيئة المناخ أمام المستثمرين المحليين للاندفاع نحو المشاركة فى تنفيذ المشروعات القومية العملاقة التى تتبناها الدولة، لتنطلق بمصر نحو آفاق التقدم والنهضة والتطور فى مختلف المجالات. ولعل خبراء الاقتصاد والسياسة يدركون الأهمية القصوى لوجود برلمان مصرى جديد يتم اختيار أعضائه من خلال انتخابات حرة نزيهة، تشارك فيها كل التيارات دون إقصاء لأى أحد، وذلك قبيل انعقاد المؤتمر الاقتصادى الهام، الذى دعت السعودية إلى عقده لدعم مصر ومساعدتها اقتصاديًّا بعد ثورة 30 يونيو. والمقرر عقده فى فبراير القادم فى مصر، الذى تشارك فيه أمريكا وأوروبا واليابان والصين والهند ودول مجلس التعاون الخليجى، فضلا عن المنظمات الإقليمية والدولية ورجال الأعمال والمستثمرين من كل بقاع الأرض، الذى سيكون بمثابة مشروع مارشال للنهوض بالاقتصاد المصرى. وانطلاقا من أهمية المؤتمر الاقتصادى القصوى فإننا يجب أن نهيئ له المناخ المناسب للنجاح، وتحقيق أعظم الفوائد من ورائه، ولن يتحقق ذلك إلا بوجود برلمان محترم مع الإعداد الجيد للمؤتمر، وتحديد ما تحتاج إليه مصر من مشروعات التنمية.