وسط تصاعد حدة الغضب فى واشنطن من مداهمات السلطات المصرية عددا من المنظمات الأهلية، الأجنبية والمحلية على السواء، من بينها المعهدان الجمهورى والديمقراطى الأمريكيان، وبالتزامن مع زيارة وفد عسكرى مصرى إلى الولاياتالمتحدة لبحث تأمين «المعونة»، طيَّرت تقارير صحفية أمريكية أول من أمس (السبت) ما انفردت به «التحرير» فى طبعتها الثانية أمس عن نبأ فسخ شركة اللوبى الأمريكية «بى إل إم» التى تتكون من 3 مجموعات ضغط نافذة، تعاقدها مع الحكومة المصرية للترويج لسياسات النظام السابق، ومن بعده المجلس العسكرى الحاكم، الأمر الذى اعتبرته دوائر إعلامية أمريكية خسارة لجنرالات مصر فى مرحلة حساسة. وفيما يبدو محاولة للتقليل من أهمية هذه الخطوة والتغطية على وجود توتر فى العلاقات الأمريكية-المصرية، قالت وزارة الخارجية المصرية إن الشركة الأمريكية ليست هى من أنهى التعاقد، وإنما جاء الإلغاء من جانب القاهرة فى إطار مجموعة الإجراءات التى تتخذها الحكومة لترشيد إنفاقها. لكن الغضب من سياسات المجلس العسكرى وصل إلى درجة الغليان فى واشنطن بالفعل، بعد أن رفضت السلطات المصرية فى 26 من هذا الشهر، السماح ل«سام لحود» نجل وزير الاتصالات الأمريكى راى لحود بمغادرة البلاد، مع 5 مواطنين أمريكيين آخرين يعملون مع المنظمات غير الحكومية، بعد المداهمات التى وقعت نهاية ديسمبر الماضى. حاولت الشركات تبرير هذه المداهمات، حسبما انفردت «التحرير» بمتابعة هذا الموضوع، ووزعت بالفعل مذكرات داخل الكونجرس تقول إن هذه المنظمات تعمل خارج إطار القانون، وغير مسجلة لدى حكومة مصر، وهو ما زاد من سخط أعضاء الكونجرس، وفى مقدمتهم السيناتور جون ماكين الجمهورى عن ولاية أريزونا المرشح الرئاسى السابق، وزميله المستقل عن ولاية كونيتيكت جو ليبرمان. وتخبطت جماعات الضغط الأمريكية تحت الضغوط الشديدة من قيادات الكونجرس، حسب مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية، حيث أدرك مسؤولو الشركة أنه لن يكون بمقدورهم تبرير أفعال المجلس العسكرى فى هذه الحالة، وأن علاقتهم بجنرالات الحكم تضر بصورتهم داخل الكونجرس. وتظهر وثيقة لوزارة العدل الأمريكية، حصلت «التحرير» على صورة منها، أن شركة «بى إل إم» كانت تحصل بموجب تعاقدها مع الحكومة المصرية فى 2007 على مبلغ قدره مليون و100 ألف دولار أمريكى سنويا، أو ما يزيد على 4 ملايين دولار منذ ذلك الوقت، نظير دفاعها عن الدعم العسكرى الأمريكى لمصر، البالغ 1.3 مليار دولار سنويا، وأن تضغط داخل الكونجرس، من أجل أن يتم إنفاق الدعم غير العسكرى عن طريق الحكومة، وأن لا يذهب مباشرة إلى المنظمات المستقلة، كما يطالب نشطاء الديمقراطية. والعقد الذى وقع عليه سفير مصر فى واشنطن فى هذا الوقت، نبيل فهمى، وممثلو الشركات ال3، بوب ليفينجستون وتوبى موفيت وتونى بوديستا، يلزم الشركة بالحفاظ على اتصالات دائمة مع الجهات التنفيذية فى الولاياتالمتحدة، خصوصا الإدارة والكونجرس ل«حماية مصالح مصر ومستويات الدعم لها وتسهيل الموافقة على صفقات السلاح التجارية والمدعمة بين الحكومتين ولتحسين شروط المعونة». كما كانت الشركة تعمل بمثابة جهاز إنذار مبكر للنظام المصرى، حيث كانت تسعى لرصد أى تراجع فى صورة النظام داخل الكونجرس والإدارة بشكل سريع، وتقدم نصائح كيفية التعامل مع هذه الحالات. العمل على استقطاب أصدقاء للنظام داخل الكونجرس كان أيضا على أولويات التعاقد، حيث كانت تسعى لدعم العلاقات مع أعضاء الكونجرس ومساعديهم، خصوصا هؤلاء المسؤولين عن ملف المساعدات لمصر. من ناحية أخرى، ما زالت تفاصيل جدول زيارة الوفد العسكرى المصرى لواشنطن غير واضحة، وتنقل صحيفة «شيكاجو تريبيون» عن مصادر فى واشنطن قولها إنه من المتوقع أن يناقش الوفد قضية المنظمات الأهلية فى الكونجرس، حيث حذر عدد من أعضاء مجلس الشيوخ بأن المساعدات لمصر ستكون فى مهب الريح إذا استمرت أفعال الحكومة فى القاهرة ضد هذه المنظمات. وعبر رئيس لجنة المخصصات بمجلس الشيوخ دانيل إنويى يوم الجمعة عن دعمه لفرض شروط على المساعدات العسكرية لمصر.