لا أسخر أو أستهزئ أو أتهكم إذا طلبت نقل لجنة المسابقات هذا الموسم إلى وزارة الداخلية، فهذا هو الأوقع والواقع الحقيقى الذى نعيشه على الأرض الآن، حيث لا يمر أسبوع إلا ويرسل الأمن طلبا لتأجيل مباراة أو مباراتين وانتهى إلى تأجيل أسبوع بكامله، من أجل ذلك وتوفيرا للوقت والجهد والارتباك والورق والمراسلات والاجتماعات الصورية للجنة المسابقات فى اتحاد الكرة أقترح أن يتم نقل تبعيتها إلى وزارة الداخلية وتعقد اجتماعاتها فى باب اللوق ويرأسها مدير الأمن العام على الأقل سنجد من نحاسبه وننتقده. أما أن تتوه مسؤولية إفساد المسابقة بين الاتحاد والأمن وظروف البلد فهذا كلام ماسخ وبايخ ويصب فى اتجاه تأكيد أن النظام الحاكم يسعى إلى تتويه المسؤولية فى كل شىء حتى لا نجد من نحاسبه من أول قاتل الشهداء وحتى أتفه الأمور وهو جدول مسابقة الدورى الممتاز. إن تأجيل الأسبوع الماضى فى الدورى بناء على طلب الأمن لم يكن هدفه الحفاظ على أرواح المواطنين أو الخوف من اندلاع الشغب فهذه أوهام من خيال القائمين على الحكم، ولكن الهدف هو إرهاب الناس وبث الرعب فى نفوسهم حتى لا ينزلوا إلى الميادين لاستكمال ثورتهم فى ذكراها الأولى، والإيحاء بأن هناك أحداث عنف وقتل وحرق ستقع، وعلى الجميع أن يلزموا منازلهم ويكتفوا بما تحقق، وهو بالمناسبة فتات الفتات، إلا أن هذه الحملة المسعورة التى استخدمت فيها كل أنواع الدعائم السوداء والحمراء والصفراء لم تفلح ولم تثن الشعب عن النزول، فهو لم يقم بها من أجل انتخابات نزيهة فقط، بل قام للقضاء على الفساد وأعوانه ورجاله، وحتى هذه اللحظة ما زال الفساد مستشريا وأعوانه يعملون بحرية أكبر بدليل ما يحدث فى الوسط الكروى، حيث إن كل رجال مبارك والحزب الوطنى وحوارييهم هم الذين يقودون الاتحادات والأندية والمجلسين «القومى للرياضة» و«الشباب». كلهم بلا استثناء قطعة من حكم مبارك، والدليل أن حسن حمدى فى الأهلى يقاوم بكل قوته بند السنوات الثمانى، وسمير زاهر يجلس تحت قدم وزارة الداخلية لتنفيذ أوامرها، بينما باقى أعضاء المجلس وزوجاتهم سافروا يوم 25 يناير إلى شرم الشيخ للتفاوض مع مسؤولى شركة «أديداس»، وما أدراك ما التعاقد مع «أديداس»! وجميع الأندية راكعة لا تفتح فمها بدعوى الظروف الأمنية، إنهم جميعا متحالفون مع النظام الحاكم من أجل امتصاص ثورة الشعب وغضبه وبث الرعب فى النفوس، وهم يستخدمون كل الوسائل والأساليب والطرق بما فيها كرة القدم، التى يتم إيقافها عمدا حتى يُشعروا الناس بأن الثورة والثوار هم العصا فى العجلة. وما نراه فى الإيقاف غير المبرر للرياضة يحدث فى جميع مناحى الحياة، فالعمل متوقف، والاقتصاد متأزم، والسياحة متعطلة، والأمن لا يعود، والوزارات والمصالح تعمل بربع كفاءتها، والبنزين مقطوع، وأنابيب البوتاجاز ممنوعة الصرف. إنهم يشلون حركة الحياة مع سبق الإصرار والترصد حتى نكفر بالثورة مع عامها الأول. تخيلوا سنة كاملة مرت ولم يحاكَم شخص واحد على قتل المتظاهرين السلميين! عام مر ولم تستكمل المحاكمة فى قضية فساد واحدة.. أين العدل والعدالة؟ من الذى يعطلهما؟ الثورة والثوار أم حاكمو البلد؟ خرج الشعب يوم 25 يناير 2011 مطالبا بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة والمواطنة فمر عام فلا يجد رغيف العيش أو البوتاجاز أو البنزين وقريبا قد لا يجد الماء الذى يشربه. فمن ذا الذى فعل ذلك؟ هل الثورة والثوار هم الذين يحكمون حتى نحاسبهم؟ هل هم الذين عطلوا العدالة؟ هل هم الذين قطعوا البنزين والبوتاجاز؟ هل هم الذين أوقفوا عجلة الإنتاج؟ هل هم الذين طلبوا تأجيل الدورى؟ هل هم الذين حملوا السلاح وقتلوا الأبرياء فى «ماسبيرو» و«محمد محمود»؟ هل هم الذين أطلقوا البلطجية والباعة الجائلين وأطفال الشوارع لاحتلال ميدان التحرير حتى يسقطوا رمز الثورة ويشهروا به؟ الآن وفى الذكرى الأولى للثورة التى لم تكتمل عاد الميدان إلى أصحابه ليظل هو صوت الشعب الحقيقى والمعبر عن مطالبه المشروعة فى العيش والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية.