التمريض: مدرسة تمريض خالفت قواعد القبول.. وملف كامل أمام الشؤون القانونية ب"الصحة"    وزير الشؤون النيابية عن قانون الإدارة المحلية: «لا توجد عقدة فيه»    مع تعثر محادثات السلام.. ترامب يرفع حدة خطابه تجاه حرب روسيا وأوكرانيا    البرازيلي خوان ألفينا أفضل لاعب في لقاء الزمالك ومودرن سبورت    بسمة داود "صحفية" في حكاية "just you" بمسلسل "ما تراه ليس كما يبدو"    خام النفط يرتفع مع قوة الطلب الأمريكي    «رغيفنا» الأفضل فى العالم    عبد المنعم السيد: هناك تحسن فى الاقتصاد المصرى ونتوقع انخفاض الاستيراد بنسبة 15%    في مؤتمر صحفي.. قائمة المستقبل تعلن عن مرشحيها وبرنامجها لخوض انتخابات نقابة الأطباء    قاضي قضاة فلسطين: المسجد الأقصى سيبقى إسلاميًا وعلى العالم الإسلامي حمايته    وحدة الصف| دلالات لقاء الرئيس السيسي والأمير محمد بن سلمان    «ULA» تكثف جهود تطوير قابلية إعادة استخدام صاروخ فولكان    كامل الوزير يرد عن المنتقدين لإنشاء مصنع للزبيب: «عيب ولا حرام؟»    مصر تحصد 9 ميداليات في ختام منافسات بطولة إفريقيا لرفع الأثقال للشباب والناشئين    عنف وفوضي وعاهة مستديمة تقود عصابة مسلحه للسجن المشدد 15 سنة بالوراق    إحالة 10 من العاملين بالإدارات الاجتماعية بالقاهرة للمحاكمة التأديبية    قناع الجدعنة الوجه الزائف ل«بعرور البحيرة».. وأهالي الضحايا: المتهم كان يتظاهر بالطيبة وخدعنا كلنا    وزير البترول يشهد حفل زفاف نجل الشهيد خالد شوقي بطل انقاذ مدينة العاشر من الحريق..صور    محمود فوزي: الحكومة لن تسمح بأن يضار مواطن بسبب تطبيقات الإيجار القديم    بدرية طلبة تمثل أمام لجنة مجلس تأديب من 5 أعضاء.. اعرف التفاصيل    الإعلام مدارس    بالصور.. دينا الشربيني تخطف أنظار الجمهور في أحدث ظهور بفستان قصير    خالد الجندي: الدفاع عن الوطن وحماية مصالحه من تعاليم الإسلام    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    وكيل صحة شمال سيناء يحيل المتغيبين عن وحدات الرعاية ببئر العبد للتحقيق    نائب وزير الصحة: الحضانات تكلف مصر 87 مليار جنيه سنويا بسبب الولادة القيصرية    وكيل وزارة الصحة بالمنيا ينهي عمل بعض العاملين في مستشفيات بسبب الاهمال    بعد قرار مارسيليا ببيعه.. فوت ميركاتو: جوناثان روي إلى بولونيا    مرموش في رد مفاجئ : رييس جيمس أصعب مدافع واجهته فى الدورى الإنجليزى    مواكب المحتفلين تجوب شوارع الأقصر في ختام صوم العذراء (صور)    مصدر ب"التعليم" يوضح موقف معلمي المواد الملغاة في الثانوية العامة    خلافات أسرية تتحول إلى مأساة بالدقهلية: مقتل سيدة وإصابة ابنتها طعنًا    7عروض أجنبية في الدورة 32 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    تُطلقها السكة الحديد اليوم.. ما هي خدمة ""Premium"؟    تنسيق الجامعات.. برنامج متميز بكلية التربية جامعة حلوان يؤهلك لسوق العمل الدولي    سلوت: نيوكاسل من أفضل فرق البريميرليج.. وهذه مزايا ليوني    أسعار سيارات ديبال رسميا في مصر    تصعيد إسرائيلي واسع في غزة.. وضغوط تهجير مضاعفة في الضفة الغربية    متصلة: بنت خالتي عايزة تتزوج عرفي وهي متزوجة من شخص آخر.. أمين الفتوى يرد    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    لا أستطيع أن أسامح من ظلمنى.. فهل هذا حرام؟ شاهد رد أمين الفتوى    «العربية للعلوم » تفتح أبوابها للطلاب بمعرض أخبار اليوم للتعليم العالي    محافظ شمال سيناء يبحث مع نائب وزير الصحة تعزيز تنفيذ خطة السكان والتنمية    الإسماعيلي يتلقى ضربة جديدة قبل مواجهة الطلائع في الدوري    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده (صور)    مصدر ليلا كورة: أعمال استاد الأهلي مستمرة والتربة الصخرية لا تعيق الحفر    لو كنت من مواليد برج العقرب استعد لأهم أيام حظك.. تستمر 3 أسابيع    الجيش الروسي يحرر بلدة ألكسندر شولتينو في جمهورية دونيتسك الشعبية    وكيل مجلس النواب: زيارة الرئيس السيسي للسعودية تعكس عمق العلاقات بين البلدين    أحكام ب8 سنوات حبس.. استمرار التحقيقات مع رجب حميدة بكفر الشيخ    الرئيس اللبنانى: ملتزمون بتطبيق قرار حصر السلاح بيد الدولة    "جهاز الاتصالات" يصدر تقرير نتائج قياسات جودة خدمة شبكات المحمول للربع الثاني    فحص طبى ل 150 من العاملين بديوان عام مديرية الزراعة بالإسماعيلية    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    الزمالك يناشد رئيس الجمهورية بعد سحب ملكية أرض أكتوبر    جامعة أسيوط تعلن مواعيد الكشف الطبي للطلاب الجدد    في جولة مفاجئة.. عميد طب قصر العيني يطمئن على المرضى ويوجه بدعم الفرق الطبية    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربيع الديكتاتور
نشر في التحرير يوم 23 - 01 - 2012

أوهام فريد الديب تكمل الفيلم الكوميدى الذى كتبه سيناريست السلطة.
السيناريست كتب لكلٍّ دوره على طريقة السينما التقليدية، وفريد الديب اندمج فى الدور كأنه ممثل يعلن عن نفسه بطريقة «أوفر أكتنج» كما يسميها أهل التمثيل.
الديب أكثر احترافا فى كوميديا السلطة من جوقةٍ انطلقت فى الفضائيات على طريقة حضْرات الذِّكر، «الجيش حمى الثورة، الجيش حمى الثورة».
وحتى إذا كان هذا صحيحا، فهل هذا يبرر جرائم ما بعد إزاحة مبارك؟
هل هذا يبرر محاولة إعادة بناء ديكتاتورية جديدة عبر العسكر؟
الديب مضحك، لكن جوقة المجلس مثل الدواء منتهى الصلاحية يوهم بالعلاج، بينما هو يحمل الموت.
ما كل هذا النفاق؟
يمكنهم أن يعلنوا عن تأييد المجلس وديكتاتوريته الجديدة، دون أن يتهموا المختلف معهم بالعمالة والخيانة والتخريب، لكنهم مخلصون، فالديكتاتورية تعنى إلغاء الآخرين وتحويلهم إلى فريسة، ولن تنجح محاولة المجلس إلا بشيطنة الثورة.
إنهم يبحثون عن فريسة. البصاصون وناشرو الروايات المثيرة ينتشرون فى كل مكان. يطاردون الروح التى ولدت منذ أقل من عام، يتابعون أماكن انتشارها ليعثروا هناك على فريستهم. الشيطان الذى يستحضرونه ليكون بطل روايتهم القديمة الجديدة. الفريسة صعبة، ففد اختفت المراكز القديمة. والثورة تنشطر كل جزء منها فى مكان، وكلما تصور العسكر بعقلهم القديم أنهم عثروا على الفريسة اكتشفوا أن سر الثورة ليس عندها، وكلما خرج صياد منهم عاد منهكا، ومصابا باللعنات، فالزمن اختلف والفضاء لم يعد ملك القبضة الواحدة. أصبح الهتاف فى كل مكان بسقوط حكم العسكر، مندوب المجلس العسكرى لم يستطع استكمال كلمته فى احتفال الثورة الليبية بدار الأوبرا بسبب مقاطعة الجمهور بهتاف ضد العسكر.
الهتاف لم يعد مجرد صرخة، لكنه أيقونة صوتية ومرئية، تتجسد فيها الروح ضد عودة الديكتاتور إلى شبابه، أو بحثه عن ربيع يعود به إلى الحياة بعد تغيير جلده وتلوُّنه بألوان الثورة.
«قول ماتخافشى، المجلس لازم يمشى» الهتاف يعلو ويعلو ضد ربيع الاستبداد المتخيل بعد أن حشد العسكر آلاتهم القديمة ليخطفوا الثورة فى احتفال يرتبونه على كتالوجهم الكلاسيكى، بينما الثورة تبقى فى الشارع بدون سند.
من البيوت، كما ولدت، غريبة، محاصرة بالقلق. هذا هو مخطط الديكتاتور فى عودة الروح إلى الشرايين المتيبِّسة.
الديكتاتور يبحث عن ربيعه. هل يمكن أن تكتمل الثورة بدون تغيير قواعد السلطة؟ بدون تحقيق العدالة؟
بدون خيال لا يستسلم للواقعية الثقيلة؟
الواقعية تقول إن العسكر والإخوان سيتفقان لإعادة بناء ديكتاتورية، قلبُها عسكرى وواجهتُها دينية، هذه معادلة تجديد الدولة التسلُّطية.
الثورة تعنى أن هناك قوانين جديدة لا تجعل الواقعية تنتصر انتصارها الكاسح، لم يعد مقبولا دولة يديرها عسكر مقتنعون بالمدنية ويضعون شعبا فى حالة طوارئ 30 عاما كاملة.
النسر الجريح الذى يدافع عنه المحامى الكوميدى، لم يعد له مكان فى دولة لا تنتظر أبطالا وهميين، لكن المحامى يريد الاستفادة من صراع المجلس العسكرى وجوقته لتوقيف خيال الثورة. يريد أن يكون واقعيا أكثر من المجلس نفسه، وهذا ما فجر الكوميديا.
وسيفجرها أكثر من يتصور أن هذا أوان الدولة الدينية، أو حلم الإخوان القديم فى إقامة دولة الخلافة فى مصر. لا عسكرية ولا دينية، لا مجال إلا لدولة تبنى برامجها على تحقيق الحياة السعيدة للفرد العادى.
لا تقديس ولا مزايا للجنرال ولا للشيخ، والشرعية الجديدة لمن يلبى مطالب المصريين، فى دولة تحترم الفرد وتحقق العدالة للجميع، وتضمن الحرية لكل من يعيش على أرضها.
هذه الدولة هى حلم المصريين -ثوار وكنبة- ممن لا مصلحة لهم مع استعادة الديكتاتور لربيعه، وقد يختلف الوعى أو تتباين القدرة على الحركة، لكن الثورة فتحت نوافذ على الخيال الجديد لدولة بلا وصاية عسكرية أو دينية.
الدولة لم تعد كيانا متعاليا يعمل الجميع فى خدمته ويحدد الكهنة مصالحه. الدولة تدير المصالح لا تحددها. ولا مكان لكهنة يرتدون الكاكى أو يطلقون اللحى. الدولة هى فضاء يتسع للجميع بلا وصاية، والشرعية الوحيدة لمن يحقق الحرية والأمان للفرد العادى.
من يغلق الفضاء المتسع ضد الخيال الجديد يثير الرعب طبعا، لكن نهايته لا تخلو من كوميديا مثل مبارك ومحاميه، وقريبا مثل المجلس وجوقته، إنهم جميعا أبناء واقعية تشبه من تصوروا الراديو علبة عفاريت. وها هم الآن فى عصر السرعات الفائقة للتواصل الاجتماعى، إنها لحظة سقوط واقعية الديكتاتور، حتى لو بحث عن ربيعه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.