5 فرص عمل للمصريين في مجال دباغة الجلود بالأردن (شروط التقديم)    وزير التعليم العالي: مليون طالب يدرسون في 185 معهدا خاصا بمصر    بالصور- رئيس جامعة أسيوط يتفقد لجان امتحانات كلية الآداب    محافظ بورسعيد: المحافظة ظلمت بسبب إدراجها ضمن المدن الحضرية    جامعة القاهرة تستقبل وفدا صينيا بمستشفى قصر العيني الفرنساوي    مصر للتأمين الراعي الماسي لمنتدى «أفريقيا تنمو خضراء» للتمويل المناخي    حملات مكبرة لغلق مغاسل السيارات المخالفة في الغردقة    افتتاح المتحف المصري الكبير.. أحدث صور لأعمال التطوير    توريد 544 ألف طن من الذهب الأصفر لشون وصوامع محافظة الشرقية    شقق متوسطى الدخل هتنزل بكرة بالتقسيط على 20 سنة.. ومقدم 100 ألف جنيه    تشديد للوكلاء ومستوردي السيارات الكهربائية على الالتزام بالبروتوكول الأوروبي    الأمم المتحدة: امرأة تستشهد كل ساعة في غزة    عبدالرحيم علي ينعى الكاتب الصحفي محمود التهامي    اتهام فلسطيني لإسرائيل بمحاولة تصفية قادة الحركة الأسيرة بالسجون    "أونروا": المنظمات الأممية ستتولى توزيع المساعدات الإنسانية في غزة    باكستان تؤكد التزامها بزيادة حجم التجارة مع الولايات المتحدة خلال السنوات القادمة    عبدالمنعم عمارة: شركة سعودية تخطط للاستثمار في الإسماعيلي    فرج عامر: لابد من إعادة مباراة القمة .. وإلغاء الهبوط «قرار حكيم»    الزمالك يتأهل لنصف نهائي كأس الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    موعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك في دوري سوبر السلة    سالم: نجهز ملف كامل حول أزمة القمة قبل الذهاب للمحكمة الرياضية.. ومتمسكون بعدالله السعيد    باو فيكتور: لم أفكر في مستقبلي مع برشلونة.. وسأتخذ القرار المناسب    جمال العدل: عقوبة الأهلي بعد انسحابه مهزلة.. والدوري المصري أصبح أضحوكة    كلوب يفاجئ الجميع.. أوافق على تدريب هذا الفريق    الأرصاد: طقس الغد حار نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمي بالقاهرة 31    ب48 مصنعاً.. وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات أصبح ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    استمارة التقدم على وظائف المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026    الأرصاد: طقس غداً الأربعاء حار نهاراً معتدل ليلاً    شوفنا الدم على هدومه.. جيران يكشفون تفاصيل ذبح أب على يد ابنه بأسوان    عامل يشرع في قتل صاحب ورشة بسبب الخلاف على أجرة إصلاح موتوسيكل بسوهاج    ذكرى رحيل سمير صبرى وسمير غانم فى كاريكاتير اليوم السابع    نيللي كريم تبدأ تصوير فيلم «بروفة فرح»    دراما إف إم.. ماسبيرو يطلق أول إذاعة للمسلسلات في العالم العربي    الصور الأولى من كواليس فيلم «بنات فاتن» ل يسرا وباسم سمره    موعد أول سحور فى ذى الحجة.. وقت أذان الفجر وحكم صيام العشر الأوائل    الأزهر للفتوى يوضح حجم الحجر الأسود وفضل استلامه ومسحه    إنجاز طبي بمستشفى أطفال مصر: إنقاذ رضيعة بتوسيع الصمام الأورطي بالبالون    طريقة عمل القراقيش بالملبن بخطوات بسيطة    سبق اتهامه فى عدة قضايا.. أمن الأقصر يضبط تاجر مخدرات    التعريب وثقافة الهوية.. أحدث إصدارات هيئة الكتاب    جامعة سوهاج تعلن انطلاق الدورة الرابعة لجائزة التميز الحكومى العربى 2025    تجارة عين شمس تقترح إعداد لائحة دراسية لبرنامج تكنولوجيا الأعمال    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى ترُد    المغرب: حل الدولتين الأفق الوحيد لتسوية القضية الفلسطينية    الجيش السوداني: نقترب من السيطرة الكاملة على الخرطوم    قبل امتحانات آخر السنة 2025.. ما هو الاختيار الأفضل لتحلية الحليب لطفلك؟ (أبيض ولا أسود)    مستشفى أطفال مصر يجرى عملية توسيع للصمام الأورطى بالبالون عن طريق القسطرة لطفلة حديثة الولادة    أنطلاق فيلم المشروع x بطولة كريم عبد العزيز ويامسين صبري بدور العرض السينمائى    نقابة الفنانين السورية تنعي بطلة «باب الحارة»    برواتب تصل ل15 ألف جنيه.. فرص عمل جديدة تطلب 5 تخصصات بشروط بسيطة    دينزل واشنطن يوبخ مصورا قبل حصوله على السعفة الذهبية الفخرية في مهرجان كان    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    بعد تداول فيديو.. ضبط قائد سيارة حاول الاصطدام بسيدة على محور 30 يونيو    جامعة جنوب الوادي تدعو طلابها للمشاركة في "مسرح الحياة" لتعزيز الدمج المجتمعي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    نتنياهو: أدين بشدة تصريحات يائير جولان ضد إسرائيل وجيشها    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فنّان
نشر في التحرير يوم 25 - 08 - 2014

طويلة هى رحلة الحب التى جمعتنى بخطوط مصطفى حسين الكاريكاتورية، تعود إلى أوائل السبعينيات مع أروع مطبوعات أطفال عرفتها مصر، وفى الفترة الذهبية لدار الهلال مع العظيمة نتيلة راشد (ماما لبنى أو مامانا). عندى ترجمة رشيقة لرواية (بلا عائلة) الشهيرة لهكتور مالو. رسمها فنان شاب اسمه مصطفى حسين. لم انس الاسم قط لجمال الرسوم ورشاقتها، دعك من الدقة البالغة من فنان قرأ القصة حرفًا حرفًا، ويمكنك فهم القصة كاملة لو اكتفيت بمشاهدة رسومه، وقد قضيت ساعات طويلة فى طفولتى أحاول تقليد هذه الرسوم البارعة. بعد هذا ظهر ألبوم من نفس الدار اسمه (التنين الضاحك) – ما زال عندى على فكرة – فيه منافسة رسم مذهلة بين أسماء مثل التهامى وحلمى التونى ومصطفى حسين الذى احتفظ بقدم راسخة بين هؤلاء الجبابرة، وكل منهم يرسم قصة أطفال عالمية كما يراها. أذكر كذلك غلاف مجلة آخر ساعة الذى رسم عليه أفراد أسرة التحرير بشكل متميز ساخر، ومن بينهم رجل أبيض الشعر يقف بالقميص وربطة العنق يتثاءب.. هذا الرجل هو أحمد رجب الذى سيرتبط مصيره بالفنان لعدة عقود. رسم مصطفى حسين نفسه وهو يضع توقيعه فى ركن الصفحة. الشاب فارع الطول بالغ النحول الذى يتدلى شعره على كتفيه.
كانت السبعينيات هى فترة توهج نجم مصطفى حسين، حيث سيرتبط مع مؤسسة أخبار اليوم منذ عام 1974 ويصير علامة لها. بزغ كالشمس مع الوقت، وخاصة مع تلك الشخصيات التى ابتكرتها قريحة رفيق عمره أحمد رجب وريشته الساحرة. صار قاسم السماوى وعزيز بيه الأليت وكمبورة ضيوفًا فى كل بيت. وفى كل مكتب كان الكلام يدور أولاً مع شطائر الفول والشاى حول ما قاله قاسم السماوى أو كمبورة اليوم، وماذا فعلت الوزارة فى المغارة.. وأعتقد أن 90% من قارئى الصحف كانوا يبدءون برؤية كاريكاتور مصطفى حسين ونص كلمة احمد رجب ثم يطالعون صفحتى النعى بسرعة، وغالبًا لا يقرءون حرفًا بعد هذا. هناك شخصيات ظريفة جدًا لكنها لم تلق النجاح الكافى، ومنها كابتن أوزو لاعب الكرة البلطجى الذى يلبس شبشبًا بصباع، والذى يمزق الحكام بمطواة قرن غزال، وسيد كانتللو المسئول المرتشى الذى يملك أكبر درج مكتب شمال فى العالم لتلقى الرشوة فيه، ويجرى مناقصات لتوريد أدراج مكتب شمال أوسع.
فى نفس الفترة كان هناك عبقرى آخر راسخ المكانة هو صلاح جاهين، وكان يرسم أفكاره الخاصة طبعًا، لكن ظل صلاح جاهين أقرب لذوق الصفوة والمثقفين والانتلجنسيا، بينما كان مصطفى حسين أقرب لذوق المواطن العادى الذى لا يقرأ. إن المقارنة بين العبقريين تشبه المقارنة بين محمد عفيفى وأحمد رجب.. الأول يخاطب نفس العقول التى تحب أوسكار وايلد ومارك توين، بينما الآخر أقرب للمزاج الشعبى. بالتالى كانت رسوم مصطفى حسين الأكثر انتشارًا ونجاحًا، ولفترة طويلة كان كل من يرسم الكاريكاتور يقلد مصطفى حسين بذات شخصياته، بينما لا يحضرنى مثال لشاب واحد يقلد صلاح جاهين. إنه هو السهل الممتنع.. مصطفى حسين نفسه قال أمامنا فى ندوة إن هناك رسامًا يقلده بشدة لدرجة إنه يطلق عليه (مصطفى حسين تقفيل تايوان). لكن تذكر أن أحدًا لم يرسم ميكى ماوس قبل ديزنى.. أى طفل يستطيع بإصبع واحدة أن يعزف (أهواك) لكن أحدًا لم يعزفها قبل عبد الوهاب..
أى فنان حقيقى يعرف جيدًا قيمة مصطفى حسين، وقد قال لى صديق رسام موهوب: «لقد خلق مصطفى حسين أنماطًا وحلولاً بصرية لا سابق لها.. وبالنسبة لرسم البورتريه هو الفنان الوحيد على مستوى العالم الذى نجح فى نقل روح صدام حسين لا ملامحه فقط.. إنه الأستاذية تمشى على قدمين..». هناك مشكلة لدى كل رسامى العالم فى نقل ملامح صدام حسين يرحمه الله، لكن مصطفى حسين ببضع ضربات بالفرشاة جعله يوشك على الكلام. تذكر لمسات كادر كمبورة بجفونه المنتفخة من الحشيش، وعبعزيز الوغد بشاربه الرفيع الذى يمكن أن يفعل أى شيء.. والمرأة الخليعة شبه العارية أو حذاءها الملقى بإهمال على الأرض. لم أر قط من يرسم (الصيع) وأصحاب السوابق والمشبوهات مثله، وهذا مدح على فكرة.
كان مصطفى حسين موهبة مذهلة، لكنه بالتأكيد لم يصطدم بالسلطة قط ولم يكن معارضًا جريئًا يصعب إسكاته مثل عم حجازى أو عمرو سليم. أعنف نقد مارسه هو فلاح كفر الهنادوه الذى كان يرسمه جالسًا أمام رئيس الوزراء، ثم يخرج بالون عملاق من فم الفلاح فيه مقال يوجه النقد للحكومة بأسلوب (الحكومة الفاشلة لا تنفذ تعليمات السيد الرئيس جيدًا). أحببت كل خط رسمته يد مصطفى حسين، لكنى بالتأكيد أحبه أكثر عندما يبتعد عن السياسة.
فى الحقيقة كانت طبيعة الصحف القومية تجعلها موجهة فقط لشخص واحد تحرص على رضاه. وإذا كانت أعمال مصطفى حسين مع أحمد رجب قد وصلت للجمهور الواسع برغم هذا فلأن موهبتهما مذهلة. كان انور السادات يكره مجلة روز اليوسف بشدة عندما كانت إدارتها شيوعية، فلما تغير طاقم التحرير سألوه عن رأيه فى مسار المجلة الجديد. قال باسمًا: «ممتاز كده.. أنا ما بقيتش أقراها !».. شخصية قاسم السماوى هى استجابة لكلام السادات عن (مجتمع الحقد)، و(عزيز بك الأليت) هو استجابة لكلام السادات عن البهوات والأفندية الأرذال. عندما قال السادات إن القذافى مجنون صارت كل رسوم القذافى تظهره بالكسرولة على رأسه وهو جالس على قصرية.. فى أيام مبارك كان هناك ذلك الرسم الذى يظهر المعارضة تنبح كالكلاب بينما رجل يقول للآخر إنهم شموا رائحة الديمقراطية فأصابهم السعار.. ويقال إن هذا الكاريكاتور الذى اغضب المعارضة هو اعتذار من الفنان عن كاريكاتور سابق أظهر فيه مصر امرأة انتفخ بطنها بالديمقراطية، وتساءل إن كان هذا حملاً كاذبًا أم لا. فى كل زمن كان بوسعك أن تدرك الاتجاه الرسمى للحكومة عندما ترى الكاريكاتور الذى رسمه.
لكنى بصراحة لا أبالى بهذا.. هناك من يحملون رأيًا مشابهًا بالنسبة لمحمد حسنين هيكل أو الأبنودى، لكن لم تتناطح شاتان فى كون هؤلاء جميعًا موهوبين بلا حدود.
فى 16 اغسطس 2014 فقدت مصر فنانًا من الصعب أن يتكرر.. وبالتأكيد لن يظل فن الكاريكاتور فى مصر من بعده كما كان من قبله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.