" يا رب حياة مصطفي حسين بين يديك، إنا نتوسل ونستجدي، ونطمع في قدرتك يا من تعطي بلا حساب، يا أرحم الراحمين.. شكرا يا رب لكل ما تشاء" هذا ما كتبه الكاتب الكبير أحمد رجب داعيا الله أن يشفي صديقه ورفيق عمره رسام الكاريكاتير الأول مصطفي حسين.. والذي خرجت شائعات منذ أيام حول وفاته ولكنه أكد كذبها وأنه يتلقى العلاج بأمريكا... فادعوا له بالشفاء... ومصطفي حسين ولد في 7 مارس 1935 أبدع في رسم كاريكاتير يومي في الأخبار، وصاحب أشهر الشخصيات الكاريكاتيرية التي تحولت إلى مسلسلات تليفزيونية كوميدية منها مسلسل قط وفار وناس وناس. .. التحق بكلية الفنون الجميلة قسم تصوير بجامعة القاهرة عام 1953 وتخرج منها عام 1959، بدأ حياته الصحفية في دار الهلال 1952 وكان يشارك في تصميم غلاف مجلة "الاثنين"، وفى عام 1956 عمل رساماً للكاريكاتير بصحيفة المساء وظل بها حتى عام 1963، ثم انتقل للعمل في صحيفة "أخبار اليوم" ومجلة "آخر ساعة"، ومنذ عام 1974 وهو مستمر في العمل بصحيفة "الأخبار". .. شكل مع الكاتب أحمد رجب ثنائي هائل عملا سوياً لأعوام فكان أحمد رجب صاحب الأفكار وكان مصطفى حسين صاحب الريشة .. أما عن الشخصيات الكاريكاتيرية التي أبدعها مصطفى حسين فهي المواطن- كيف تعيش- سيسى مان- عزيز بك الأليت- أسلوب حياه- مطرب الأخبار- عباس العرسة- علي الكومندا- قاسم السماوي .. وقد فاز بالعديد من الجوائز منها التقديرية فى عهد كل من السادات و مبارك ومرسى، وذكر اسمه في موسوعة أبرز الشخصيات المصرية، وحصل على الجائزة الفضية في مهرجان "إكشهير" بتركيا، عام 1974, ونوط الامتياز من الطبقة الأولى عام 1985، و جائزة الدولة التشجيعية من المجلس الأعلى للثقافة، عام 1985، وشهادة تقديرية من جامعة المنيا، عام 1997، و الجائزة الثانية في الملتقى العالمي بإمارة دبى، و شهادة تقديرية من جامعة مصر الدولية، عام 2000، وتم تكريمه في المهرجان الدولي للثقافة، عام 2001، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون من المجلس الأعلى عام 2003. ..
وقد كان أحمد رجب هو من أقنع مصطفى حسين بالتحول من تصميم المجلات إلى الدخول في عالم الكاريكاتير الساخر، فكان أحمد رجب هو من أقنع صديقه بموهبته في الأدب الساخر، فقد أصبح من أهم الركائز التي دعمت مصطفى حسين خلال مسيرته الساخرة. .. وفي حوار سابق له قال: الهدف الرئيسي للكاريكاتير كما أراه هو تسليط هالة من الضوء علي مشاكلنا الاجتماعية وتنبيه الرأي العام لخطورتها والمسئولين كذلك، وليس وظيفة رسام الكاريكاتير أبداً، أن يقدم الحلول لكنه يقدمها بشكل ساخر يتقبله الناس ويفكرون فيه والحاكم يعتبر الكاريكاتير مرآة يري فيها نفسه ومدي معاناة الناس، لكن مسألة أنه يسقط حكومات بتأثيره القوي ربما يحدث هذا إذا كان علي مستوي الحدث فلابد أن يكون الكاريكاتير قوياً ومعبراً ومؤثراً وصادراً من رسام له ثقله ومكانته وعلي مستوي المسئولية و المسئولين ومحل ثقة يعني ليس أي كاريكاتير يؤثر مهما كان بالإضافة إلي مدي استجابة المسئولين فالكاريكاتير مفروض أنه يسقط حكومات .. لكن هل المسئول يستجيب أم لا؟ مثله في هذا مثل المقال السياسي أو خطأ تقع فيه الحكومة أو تصرف ولكن الحقيقة هذا غير وارد عندنا لأننا ناس طيبون.
وعن المتاعب السياسية للكاريكاتير قال: في فترة الستينات كانت لي بعض الرسومات التي جرت علي المتاعب وكان الكاريكاتير حينها يفسر، و إذا وضع محل تفسير أو تفتيش فقد الإحساس به وقيمته تكمن في الانطباع الأول المباشر الطازج وحدثت بعض المتاعب في السبعينيات أيضاً أما في السنوات الأخيرة فلا يحدث هذا لكن لا ننسي أن الفنان العظيم رخا اعتقل و دخل السجن بسبب أحد رسومه كما كان الكاريكاتير يستخدم في الحرب بين الأحزاب وبعضها علي مستوي أخبار اليوم و روز اليوسف و الأخبار.
وعما يفعله عندما يلتقي بالوزراء الذين ينتقدهم في رسوماته بشكل يومي قال: يحدث دائماً أن تجمعنا بعض اللقاءات لكن هذا لا يفسد للود قضية، وأتذكر أنه أثناء الحفل الذي أقامه مبارك لتكريم الأديب الكبير الراحل نجيب محفوظ بمناسبة فوزه بجائزة نوبل فوجئت بالزميل الصحفي الكبير محسن محمد يجذبني من ذراعي قائلاً: تعال معي دقيقة واحدة، وتصورت أنه سيقول لي شيئاً خاصاً و سرت معه، وإذا بي أجد نفسي واقفاً أمام الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء الأسبق ولم أكن حتي تلك اللحظة قد تعرفت عليه أو قابلته وجها لوجه وملأني الإحراج والتوتر ولم أكن أعرف رد فعله كيف يستقبل كاريكاتير "فلاح كفر الهنادوة ، فتخلصت من الحرج وسألته عن رأيه في فلاح كفر الهنادوة والمناقشات التي يديرها مع البيه عاطف، فإذا به يتحدث بإعجاب شديد عن الكاريكاتير، فاكتشفت أن الدكتور عاطف صدقي شخصية ذات وعي كبير وسعة صدر تتقبل النقد بصدر رحب وفهم شديد وعقل متفتح، وأنا لا أنتقدهم بشكل شخصي، فالهجوم علي الوزير الفلاني كشخصية عامة وعلي وظيفته وصفته كوزير و ليس كإنسان و أحرص علي ألا أتدخل في رسومي لتصرفاته الشخصية أو أسرته وبيته لكن طالما يحمل صفة وزير فمن حقنا أن نضعه علي المشرحة ونقوم بتشريحه كوزير ومحاسبته. ويقول: كنت أحب السينما والتمثيل أثناء مراهقتي وكنت أحب التشبه بالفنان العظيم أنور وجدي وهو كان فتي الشاشة الأول، وفي هذه السن يكون للسينما تأثير شديد فكل واحد يتمني أن يكون هو مكان البطل لكني كنت أحب الرسم أيضاً حتي أنني بدأت العمل بالصحافة كرسام قبل دخولي كلية الفنون الجميلة في مجلات دار الهلال بعد أن أعطاني اميل وجورجي زيدان فرصة للرسم في مجلة "الاثنين والدنيا" سنة 1952و رغم حداثة سني قمت برسم أحد أغلفة المجلة مما أعطاني دفعة للأمام. أما عن أحمد رجب فقال: لعل الجميع يعرفون أنني والزميل الكاتب الكبير أحمد رجب نعقد اجتماعاً يوميا منذ يناير 1974 بعد أن اقترح علي ومصطفي أمين أن نشترك معاً في وضع فكرة الكاريكاتير وهذه حقيقة لا يجب أن نغفلها لأن أحمد رجب كاتب ساخر كبير، وأنا أستفيد من جلوسي اليومي معه لأننا نثري أفكار الكاريكاتير ونتناقش معا فيها وهو له الفضل في إثراء رسومي الكاريكاتيرية لا جدال في هذا، ويعتبر عبد الروتين هو أعرق شخصياتي وظهر عام 1974 نتيجة لتفشي الروتين بشكل قاس ووقوفه حجر عثرة أمام مصالح الناس، وشخصية كمبورة وجدت أثناء انتخابات المحليات لتؤكد أن بعض المرشحين هدفهم مالي ومكاسب شخصية وليست الخدمة العامة وتطور كمبورة ودخل مجلس الشعب فهو شخصية انتهازية، تبيع أباها لأجل قرشين أما مطرب الأخبار فقد عاش أكثر مما توقعنا فظللنا أكثر من 12سنة ونحن نقدم هذه الشخصية وهي تدور حول موضوع واحد وهو ما يجعلها شاقة في تقديم الجديد كل يوم، ثم كانت الشخصية التي تحيا في برج عاجي وبعيدة عن مصالح الناس وهي (عزيز بيه الأليت) الذي يعيش في غيبوبة، وقد حدث لقاء بينه وبين (الكحيت) الرجل الفقير المعدم ليبدو التناقض بين الطرفين علي المستوي المادي، لكن (الكحيت) يحرص علي أن يضع رأسه برأس (الأليت) و هذه مصيبته، و(قاسم السماوي) وبلغة السينما قماشته ضيقة لأن طبيعة الحقد التي يتسم بها مجال واحد من مجالات المشاعر الإنسانية وبهذا لا يظهر إلا قليلا.