فى وقت سابق، وافق مجلس الوزراء برئاسة المهندس إبراهيم محلب، على مشروع قانون التصالح مع مخالفات البناء، وذلك بعد تعديل بعض مواد القانون، ليشمل جميع مخالفات البناء بكل القوانين المنظمة له، وعدم اقتصاره على الأعمال التى ارتكبت بالمخالفة لأحكام قانون البناء الموحد الحالى، ما فتح الباب أمام تعديات جديدة على الأرض الزراعية، وظهور مجتمعات وعشوائيات جديدة تطالب بخدمات ومرافق جديدة أيضًا، خاصة على أطراف المدن الجديدة والمحافظات. القانون هو الأول من نوعه للتعامل مع بعض مخالفات البناء، التى زادت خلال السنوات الثلاث الماضية، وذلك لمدة 6 شهور فقط، يتم خلالها استقبال الجهات المعنية لطلبات المخالفين لتقنين أوضاعهم.. بالرغم من أن وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، الدكتور مصطفى مدبولى، قال إن مشروع القانون لن يسمح بالتجاوز عن المخالفات التى تُشكل خطرًا على الأرواح، أو الممتلكات أو تتضمن خروجًا على خطوط التنظيم، أو تجاوزا لقيود الارتفاع المقررة قانونا، وكذا المخالفات التى تتعارض مع شؤون الدفاع عن الدولة، أو ضوابط وقواعد الاستغلال التى تقررها القوات المسلحة. وفقا لمشروع القانون يجوز التصالح فى الأعمال التى ارتكبت بالمخالفة لأحكام القوانين المنظمة للبناء قبل العمل بهذا القانون، على أن توقف الإجراءات التى اتخذت أو تتخذ ضد المخالف، ويتم البت فى المخالفة بواسطة لجنة فنية برئاسة مهندس استشارى وعضوية إثنين من المهندسين المتخصصين من غير العاملين بالجهة الإدارية، ويصدر بتشكيل وتحديد مكافآتها قرار من المحافظ أو رئيس الهيئة المختص. تصدر اللجنة قرار بالتصالح فى المخالفات، إذا ثبتت لها السلامة الإنشائية للمبنى، وتحدد المادة الثانية التصالح فى المخالفات، مقابل أداء مبلغ يقدر بمثل قيمة الأعمال المخالفة، وتوزع حصيلة هذه المبالغ على النحو التالى: 55% لحساب تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادى بوزارة الإسكان، و20% لوزارة التطوير الحضارى والعشوائيات، و20% للخزانة العامة للدولة، و5% للوحدة المحلية أو الهيئة المختصة يصرف منها على نفقات وأبحاث ومعاينات ومكافآت اللجنة المختصة. لا شك أن أساس أى إصلاح سياسى أو اقتصادى، يجب أن يكون من الجذور خاصة وأن حجم الفساد في المحليات، وصل إلى معدلات خيالية من الاختلاسات والسرقات والاستيلاء على الممتلكات العامة، والحكومية، ومخالفات البناء والتعديات على أراضى الدولة والأراض الزراعية، وإذا كان الهدف الوصول إلى حكمٍ رشيٍد، فالمحليات تعتبر من العناصر الأساسية فى الدول المتقدمة. وأثار القانون استياء وغضب مواطنين، باعتبار أن المصالحة تفتح بابًا واسعا أمام تكرار الخروج على القانون، وإهدار حق الدولة والمجتمع، مشددين على أهمية معاقبة المخالفين. وذهب البعض إلى رفض التصالح شكلاً وموضوعًا، وسط تأكيدًا على أن التصالح لن يكون رادعا لغيرهم، وسيستمر الاعتداء على الأراضي الزراعية، والمفترض أن القرار يكون في صالح الاقتصاد، بمعنى أن يصدر حكم بالغرامة التى لا تقل عن 100 ألف جنيه، أو استصلاح 100 فدان تحددها الدولة وعلى حسابه الخاص (كمثال) رادع، وفى نفس الوقت لم يؤثر على الإنتاج الزراعي. يبدو أن القانون يكرس كارثة البناء على الأراضى الزراعية وينذر بتفاقمها، اذ سرعان ما يتم تقنين الأوضاع الجديدة والتصالح معها، والنتيجة هى زيادة العشوائيات، والضغط على المرافق والخدمات، والقضاء على الأرض الزراعية. ويؤكد الخبراء أن هذا القانون يعد حلاً مسكنًا، يفتح الباب لمخالفات جديدة، وعلى الحكومة البحث عن حل جذرى لمشكلة التعدى على الأراضى الزراعية. تثبيت نسبة محددة للجنة الهندسية، قد يدفع اللجنة من جهة أخرى، إلى المغالاة فى قيمة التعويضات المطلوبة للحصول على مبالغ أكبر، أو إلى غض الطرف عن المخالفات الجديدة لتتمكن من الاستفادة بمكافآت أكثر، مطالبة بضرورة استحداث نظام جديد لتحديد حصة اللجنة الهندسية من التعويضات يختلف عن تحديد نسبة ثابتة لها. تخصيص 5% من الغرامة لصالح اللجنة الفنية، يفتح الباب للفساد من خلال محاولات إغراء اللجان الفنية، بدلا من محاولات تحجيمه، وتخصيص %80، من حصيلة التعويضات للإسكان الاقتصادى، أمرًا يستحيل تطبيقه، نظراً لأن الحكومة لن تتمكن من تحصيل تعويضات تذكر جراء القانون.