بعد إعلان نتيجة الثانوية العامة، اتصلت بى إحدى السيدات ولى أمر نجلها، تطلب منى مساعدتها فى الحصول على شهادة من وزارة الشباب والرياضة للحصول على درجات «الحافز الرياضى»، ليرفع مجموع ابنها ليتمكن من دخول كلية الهندسة، فقلت لها وهل مارس الرياضة أو مسجل فى أحد الاتحادات الرياضية وشارك فى بطولات للجمهورية أو الدولية حسبما أعرف؟ فقالت: لا. فقلت لها: مستحيل ذلك، حيث إننى لا أتدخل إلا فى حالة وجود عقبات تحول دون الحصول على حق للشخص، وما عدا ذلك يدخل فى بند الإخلال، بمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص، بل وفى بند «التزوير العمدى» الذى يصل إلى حد الفساد والجريمة، فقالت: دا الشهادات صادرة من الوزارة على «قفا من يشيل.. وبالفلوس يا دكتور»، فكرتك حتساعدنى! فرددت عليها بحسم: الفساد ليس طريقى، وأنصحك بعدم السير فى ذلك، وانتهت المكالمة، بعد أن قالت بسخرية هادئة: متشكرين يا دكتور!! تلك هى المكالمة التى تذكرتها بعد أن قرأت ما نشرته جريدة «التحرير» وانفردت به، عن فساد فى الحافز الرياضى، بدأ باستخراج شهادات «مزورة» لعدد من الطلاب، بموجبها اعتمدتها وزارة الشباب ثم وزارة التعليم، ثم وزارة التعليم العالى.. والمؤكد أنه طالما اكتشفت اليوم، فإنها كانت تستخرج أمس، رغم قيام الثورتين!! فقد نشرت جريدة «التحرير» يوم 12 أغسطس الماضى، موضوع التلاعب فى نتائج الثانوية العامة باسم «الحافز الرياضى»، حيث أشارت إلى ضم (70) طالبًا إلى كشوف المستفيدين من الحافز بعد إعلان نتيجة الثانوية العامة، وتعديل درجات آخرين قبل نتيجة المرحلة الثانية!! وتتالى النشر فى اليوم التالى تحت عنوان: فضيحة درجات الحافز الرياضى تتوه بين 3 وزارات (الشباب والرياضة - التعليم - التعليم العالى)، ودخل على الخط الكاتب المتميز والمثقف الوطنى الصديق إبراهيم منصور، فى عموده اليومى، ليكشف المستور تحت عنوان «فساد التعليم»، تناول فيه الموضوع مؤكدًا أن الفساد وليد الفشل للوزراء الثلاثة، يوم 13 أغسطس. ثم تابعت الجريدة فى عدد 15 أغسطس تنشر رد «الشباب والرياضة» بأنها قد منحت الحافز الرياضى للطالب وفقًا لقرارات وزارية، ورفضت الاعتراف بالتزوير والفساد!! وردت الجريدة فى نفس اليوم بتحميل وزارتى الشباب والرياضة والتعليم العالى المسؤولية، وتساءلت الجريدة مرة رابعة فى عدد 16 أغسطس، تحت عنوان: «هل ينهى النائب العام مهزلة الحافز الرياضى؟»، مؤكدة أن الحقيقة تائهة بين الوزارات الثلاث، والتى تتبرأ جميعها من الفضيحة ب«النفى»!! إلا أن الغريب أن الجريدة تنشر أن وزارة التعليم العالى تتراجع عن إضافة درجات الحافز الرياضى إلى 68 طالبًا، وردت أسماؤهم بعد إعلان النتيجة!! وذلك يوم 17 أغسطس 2014، تحت عنوان: ونجحت حملة «التحرير» فى معركة التلاعب بدرجات الحافز الرياضى. والأمر يستدعى وقفة حاسمة، وليس محاولة طمس الموضوع لتضيع المسؤولية، فالموضوع الذى أثارته جريدة «التحرير» وهو درجات «الحافز الرياضى» التى تم التلاعب فيها بإعطاء شهادات غير حقيقية أى مضروبة، أى أنها صدرت مقابل أموال مدفوعة!! أى أننا أمام قضية فساد متكاملة الأركان، وأن من يحاول دفن الموضوع، يشارك بوضوح فى استمرار مسلسل الفساد فى هذه الوزارات الثلاث «الرياضة - التعليم - التعليم العالى»، تستدعى التحقيق العاجل عن طريق النيابة العامة وتحميل الوزراء الثلاثة المسؤولية السياسية التى تستدعى العزل الفورى من مناصبهم دون مواربة أو مجاملة، فإنه اعتبر وسيلة لتشجيع الطلاب على ممارسة الرياضة، وإزاء ذلك: فإنه لا يمكن لهذه القضية أن تمر كغيرها لأسباب عدة: - نحن أمام واقعة فساد متكاملة الأركان «تلاعب وتزوير ورشوة». - نحن أمام واقعة إفساد لشباب بالحصول على ما لا حق لهؤلاء فيه. - نحن أمام واقعة إخلال بمبادئ دستورية منها المساواة وتكافؤ الفرص وإهدار هذه المبادئ لدى أجيال الشباب الصاعدة. - نحن أمام واقعة تكريس ما كان سائدًا قبل ثورة 25 يناير 2011م. الأمر لا يمكن أن ينتهى بقرار وزير التعليم العالى بإلغاء درجات 68 طالبًا، بل إن التحقيق العاجل والفورى وإنزال العقوبة بكل من ارتكب وشارك وتستر على هذه الجريمة وتحميل المسؤولية السياسية للوزراء الثلاثة بالعزل الفورى والسؤال: لماذا يستمر الفساد فى هذه الوزارات الثلاث معًا؟! الإجابة الحاسمة لأن هؤلاء الوزراء الثلاثة من رموز نظام مبارك وأعضاء فى الحزب الوطنى وفى لجنة السياسات، ولا ينتظر ممن شاركوا فى تخريب الوطن وإفساده، الأمر الذى قاد الشعب إلى الثورة على نظام مبارك ورموزه، أن يأتوا للشعب بالخير، بل بنفس السياسات وآليات الفساد، ولن يتقدم المجتمع بهم مطلقًا، فأفكارهم توقفت عند 24 يناير 2011م، وليس بغريب على هؤلاء وغيرهم الإتيان بنفس الوجوه التى كانت تعمل فى نظام مبارك!! بل إن بعضهم يبتدع آليات جديدة للإتيان بوجوه الحزب الوطنى الفاسد والمنحل، وبالتالى هذه الواقعة الفساد فيها ليس بغريب على هؤلاء، وما خفى كان أعظم، وما زال فى الجعبة الكثير، فضلًا عن أننى أطالب بإلغاء «الحافز الرياضى» نهائيا وقفًا للفساد وسدا لثغراته، وحماية لشباب الوطن من الشعور بإهدار مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص على أيدى معدومى الضمير ورموز الفساد.