ها هو عام قد مر على أجمل أيام العمر، أيام الثورة المدهشة، حين هب شعبنا الحليم، وثار ثورته الأعظم على طول تاريخه، وتخلص فى أيام معدودة من عصابة لصوص كانت تحكمنا بالحديد والنار، وأسقطنا طاغية ربض فوق صدورنا ثلاثين عاما! أحال فيها مصر العظيمة إلى عزبة خاصة له ولأسرته الفاسدة. فهل بعد مرور عام كامل يمكن لنا أن نقول إننا حققنا ما كنا نصبو إليه من نتائج لثورتنا النبيلة؟ إذ كنا نهتف: «الشعب يريد إسقاط النظام»، فهل حقا سقط نظام عائلة مبارك؟ وإذ كنا نردد شعارات حماسية عن: «الخبز، والحرية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية»، فهل حققنا شيئا من هذه الأهداف الثورية الرائعة؟ وهل استرد المواطن المصرى المغلوب على أمره حقوقه المسلوبة؟ وهل عادت للمصرى الطيب كرامته المهدرة على مدى عقود ستة تحت نظم حكم عسكرية مستبدة ظلت تحكمنا بقوة السلاح؟ لن أقدم إجابات عن هذه الأسئلة المطروحة، لأننا جميعا نعلم حقيقة ما وصلنا إليه بعد عام من التراجع إلى الخلف، والتخبط والتوهان، واللف والدوران الذى أدمنه المجلس العسكرى. عام ملىء بالأحداث الجسام، والمعارك العنيفة، والاشتباكات الدامية، لكن يا ترى بعد سقوط مبارك، كانت المعارك بين الثوار من جهة، ومن كان يقف على الجبهة الأخرى؟! هل يمكن لك أن تتخيل أن من يزعمون أنهم حموا الثورة، هم أنفسهم من كانوا يقفون دائما فى مواجهة مسلحة مع الثوار العزل؟! فى أيام الثورة الأولى، فى يناير، سقط منا شهداء أبرار، وأصيب منا آلاف الجرحى، وفقد أبطال عيونهم الغالية، وفى شهر فبراير، تواصلت المعارك، وزاد عدد الشهداء والمصابين، حتى سقط الطاغية فى 11 فبراير، لكن رحيله لم يوقف شلال الدم المتدفق من شرايين الأحرار، كما أن رحيله لم يوقف تدفق طابور الشهداء! ففى كل شهر من شهور سنة الثورة كان يسقط منا شهداء جدد، ومعهم مصابون بالمئات والآلاف! فإذا كان مبارك والعادلى وأعوانهما قد قتلوا شهداءنا وأصابوا أبطالنا فى بدايات الثورة، فمن كان يقتل الثوار بعد رحيلهم؟ ومن كان مصرا على الاستمرار فى نفس سياسة فقء عيون أبطالنا بعد سقوط الديكتاتور وعصابته؟ ومن قام بعمليات كشف العذرية على بناتنا؟ ومن انتهك حرمتهن وعراهن وسحلهن فى الشوارع؟ ومن قال إن ما شاهدناه بأعيننا غير حقيقى؟! هل تعرف الإجابة عن هذه الأسئلة المؤلمة يا صديقى؟ سواء كنت تعلم، أو تحاول أن لا تعلم، فالإجابة معروفة، إذ لا يصح أن نلقى بكل هذه الجرائم فقط على عساكر ينفذون التعليمات، ولا على ضباط صغار مغرر بهم، فالمسؤول الأول عن كل هذه الجرائم هو المشير شخصيا، ومعه مجلسه العسكرى. والآن بعد مرور عام، هل حققنا حكم القصاص الواجب النفاذ فورا؟ أين المحاكمات العادلة السريعة لقتلة الشهداء؟ وأين القصاص ممن فقء عيون شبابنا؟ ولننظر إلى أسر الشهداء، والمصابين، والجرحى، هل عاملناهم بطريقة لائقة؟