قائد ب«الخدمة»: كُتب له الفوز وكُتب علينا معارضته.. وإعلامية مصرية بإسطنبول: قضى على كل مَن يمكنه منافسته.. إسطنبول- محمو عبد الرازق جمعة: بعد صراعات سياسية طويلة، وجدل مقعَّد شمل المجتمع التركي كلَّه، بدأ اليوم الأحد منذ الساعات الأولى للصباح سباق انتخابات الرئاسة التركية بين رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان مرشَّح حزب العدالة والتنمية الحاكم، وأكمل الدين إحسان أوغلو، المرشَّح التوافقي لأحزاب المعارضة التركية، الأمين العامّ الأسبق لمنظمة الوحدة الإسلامية. ووسط توقُّعات على نطاق واسع بفوز أردوغان بهذه الانتخابات بفارق كبير في عدد الأصوات، بدأت لجان الانتخابات استقبال الناخبين منذ الثامنة صباح اليوم بشكل منظَّم ووسط هدوء اعتاده المواطنون الأتراك في الانتخابات، ووسط مشاركة يُتوقَّع أن تزيد على خمسين في المئة من الناخبين، بسبب ما يعبِّر عنه الخبراء ب"حرص المواطن التركي على رسم مستقبَل بلاده". الانتخابات الرئاسية التركية تُعتَبَر الفرصة الأخيرة لأردوغان للمشاركة في حكم تركيا وفي المشهد السياسي العالَمي، لأن العام الحالي هو الأخير في آخر فترة له في رئاسة الوزراء، لهذا فهو يخوض انتخابات الرئاسة بكل قوَّته، وسط توقّعات بسعيه لتغيير الدستور بحيث يجعل له -في حالة فوزه بالانتخابات الرئاسية- السيطرة على البلاد بدلًا من رئيس الوزراء. ومنذ فضائح السابع عشر من ديسمبر 2013 التي اتُّهم فيها أردوغان وخمسة من وزرائه وبعض رجال الأعمال الموالين له ورجل الأعمال الإيراني رضا ضراب، بالفساد والرشوة، بدأ أردوغان حملة أمنية وإعلامية وسياسية ضخمة لتشويه جماعة "الخدمة" ورئيسها الشرفي المفكِّر الإسلامي محمد فتح الله كولن، واتِّهامها بتكوين دولة أو حكومة موازية في تركيا، وبالعمالة لأمريكا وإسرائيل. وفي إطار هذه الحملة أُلقِيَ القبض على آلاف من ضباط ورجال الشرطة، كما أُقِيل أو نُقل كل نواب العموم والقضاة الذين حقَّقوا في هذه القضية. وقد صرَّح أحد قادة حركة "الخدمة" ل"التحرير" بأن "المتوقَّع أن يفوز أردوغان بالانتخابات بنسبة كبيرة، لأنه قضى على كل مَن كانوا يصلحون لمواجهته، إما بمحاكمتهم وإما بضمِّهم إلى صفه، خلال السنوات الماضية، ونحن نعلم أنه فاسد وأن الفساد يستشري في الحكومة وفي الحزب، وكنا نتمنى أن نتخلص من فساده، ولكننا كُتب علينا أن نواجه فساده مدة أطول"، مشيرًا إلى أن "أكمل الدين إحسان أوغلو رجل صالح وتاريخه مشرِّف، ولكنه ليس في تاريخه ما يجعله قائدًا سياسيًّا بارعًا". وفي تصريح مشابه قالت الإعلامية المصرية المقيمة في تركيا، كريمة عوض، إن "أردوغان وحزبه باعا كثيرًا من أصول تركيا، كشركة الكهرباء وكثير من الأراضي، بمئات الملايين والمليارات، ولكن هذا تَحوَّل إلى أموال سائلة في خزانة الدولة لا تُدِرّ ربحًا اقتصاديًّا، فأصبح الاقتصاد التركيّ هشًّا، لهذا فإن أردوغان غير مستعدّ لترك الحكم، لأنه إذا تركه فسوف يُكشَف كل فساده ويُحاكَم. ولكنه في المقابل عمل خلال الأعوام الماضية على التخلُّص من كل مَن يمكن أن يكون منافسًا له، كما نافس في الانتخابات البلدية الماضية بأفضل وأنصح نماذج في حزب العدالة والتنمية ليُحكِم قبضته على تركيا، ويسيطر على الإعلام ووسائل النشر فيضمن الفوز في الانتخابات"، مشيرةً إلى أنه "يعتمد على الخطب الجوفاء والصوت العالي، ولكن هذا ما يجعل له كاريزما تؤدي إلى تصديق المواطنين له وتعلُّقهم به وربط آمالهم وأحلامهم باستمرار الأمان الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع التركي". وفي أحد المراكز التجارية في مدينة إسطنبول، قال أحد العاملين بإحدى الصرافات، إنه سينتخب أردوغان "لأن أكمل الدين إحسان أوغلو تابع لمحمد فتح الله كولن، وكولن تابع لأمريكا وخائن وعميل"، وهو الرأي الذي انتشر بين كثير من الأتراك بسبب الحملة الإعلامية التي تشنُّها الحكومة التركية ضد "الخدمة"، على الرغم من عدم رفع أي قضية خلال تسعة أشهُر منذ بدأ أردوغان عمليات التشهير ب"الخدمة". والمنتظَر أن تظهر نتيجة الانتخابات يوم الأربعاء المقبل، وفي حالة فوزه يصبح أردوغان رئيسًا للجمهورية التركية، ويتولى نائبه رئاسة الوزراء بشكل مؤقَّت حتى إجراء انتخابات رئاسة الوزراء، وفي حالة فوز أوغلو يبقى أردوغان رئيسًا للوزراء حتى إجراء انتخابات رئاسة الوزراء. وفي سياق متصل، نشر "فؤاد عوني"، الناشط السياسي التركي على "تويتر"، الذي لا يعرف هُوِيَّتَه أحد، والذي فضح كثيرًا من مخططات وفضائح أردوغان وحزبه وحكومته حتى اضطرَّهم إلى إغلاق حسابه على "تويتر" منذ عدة أيام، تغريدةً اليوم قال فيها إن أردوغان "سيعمل على تنفيذ عملية اغتيال مزيَّفة لنفسه، لتجسيد ما سمَّاه (الدولة الموازية)، ليوسِّع بعدها حملة الاعتقالات التي يشنُّها ضد حركة (الخدمة) وكل مَن يعارضه"، قائلًا إن "حكومة العدالة والتنمية عاجزة بلا شك، حتى إنهم يخططون لمثل هذه المؤامرة ضد جماعة لم تضرّ ولو نملة، ليتهموها بمحاولة اغتيال".