بمشاركة نخبة من الخبراء في مختلف التخصصات.. كلية الطب بالقوات المسلحة تنظم المؤتمر الطبي الثاني    واعظات الأوقاف يقدمن لقاءات توعوية لمكافحة العنف ضد الأطفال بشمال سيناء    «الوطني الفلسطيني»: غزة جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية    «250 جنيهًا في الجرام».. انهيار مفاجئ في أسعار الذهب لليوم الثاني على التوالي    مدبولي: افتتاح المتحف الكبير سيسهم في المزيد من الحركة السياحية    شقق شركة مدينة مصر تبدأ بمقدم 140 ألف جنيه وقسط شهري 5 آلاف فقط.. تفاصيل المشاريع وفرص الاستثمار العقاري    وزيرة التخطيط: تهيئة بيئة الاستثمار لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص    البرلمان يناقش اتفاقية دعم الاقتصاد ب4 مليارات يورو من الاتحاد الأوروبي    محافظة أسوان تنفذ حملة لرفع 500 حالة إشغال ومراجعة تراخيص المحلات    محافظ الفيوم يتفقد المركز التكنولوجي بطامية ويوجه بتسريع وتيرة العمل في ملفات التصالح    زيلينسكى: مستعدون للسلام دون التنازل عن أراضٍ    الرئيس اللبناني: انتصرنا على الإرهاب بالمواجهة الفكرية والثقافية والأهلية    كروس مدافعًا عن فينيسيوس بعد مشادة الكلاسيكو.. مشاعر طبيعية    موعد مباراة أتالانتا وميلان في الدوري الإيطالي    حسم موقف آدم كايد من مباراة الزمالك والبنك الأهلي    رابطة الأندية: لا تأجيل لمباراتي بيراميدز.. وطولان لم يقدم برنامج إعداد المنتخب الثاني    «الأرصاد»: طقس خريفي معتدل خلال الأسبوع الأخير من أكتوبر    صانع محتوى يدّعى تعرضه للسرقة لزيادة المشاهدات.. والأمن يكشف الحقيقة    اعترافات صادمة لقاتل مقاول كفر الشيخ.. أمه غسلت هدومه من دم الضحية    حملات أمنية مكبرة بكافة قطاعات العاصمة.. صور    هذا هو موعد عرض مسلسل كارثة طبيعية بطولة محمد سلام    تقترب من 19 مليون جنيه.. إجمالي إيرادات فيلم «أوسكار عودة الماموث»    الإفتاء توضح الحكم الشرعي لتقنية الميكرو بليدينج لتجميل الحواجب    عشرات شاحنات المساعدات تغادر رفح البري متجهة إلى غزة عبر كرم أبو سالم    مقتل ثلاثة أشخاص في جامايكا أثناء الاستعدادات لوصول إعصار ميليسا    جراجات مجانية لأعضاء النادي في انتخابات الأهلي    "القومي للمرأة" يشارك في احتفال اليوبيل الماسي للهيئة القبطية الإنجيلية    استشهاد ثلاثة فلسطينيين برصاص الاحتلال بالضفة الغربية    رئيس جامعة سوهاج يعلن تكليف 1113 أخصائي تمريض لدعم المستشفيات الجامعية    3 وزارات تناقش تأثير تغير المناخ على الأمن الغذائي في مصر    الشبكة هدية أم مهر؟.. حكم النقض ينهى سنوات من النزاع بين الخطاب    ذكرى رحيل عميد الأدب العربى طه حسين    جامعة القناة السويس تنظم قافلة شاملة بقرية أم عزام بمركز القصاصين    دراسة: زيارة المعارض الفنية تُحسن الصحة النفسية    ب«الشيكولاتة والعسل والتوت».. طريقة عمل ال«بان كيك» أمريكي خطوة بخطوة    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    صحيفة إسبانية: الملك فيليبى يشارك فى افتتاح المتحف المصرى الكبير    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع رقص ب«ملابس خادشة» في الإسكندرية    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ومستشار الرئيس الأمريكي لبحث تطورات الأوضاع في السودان وليبيا    «بسبب فاترينة سجائر».. «أمن القليوبية» يكشف ملابسات مشاجرة بين طرفين في شبرا الخيمة    شيخ الأزهر للرئيس الإيطالي: ننتظر إعلان إيطاليا الاعتراف بدولة فلسطين    ضبط 3 أطنان دقيق في حملات مكثفة لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28-10-2025 في محافظة الأقصر    موعد مباراة بوروسيا دورتموند وآينتراخت فرانكفورت في كأس ألمانيا والقنوات الناقلة    ميسي يكشف عن موقفه من المشاركة في كأس العالم 2026    الصين تحقق مع نائب برلماني تايواني للاشتباه في قيامه بالدعوة للانفصال    وزير الداخلية التركي: لا خسائر بشرية جراء زلزال باليكسير    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    رابط حجز تذاكر دخول المتحف المصري الكبير    تأكد غياب رباعي الأهلي عن السوبر.. وموقف إمام عاشور (تفاصيل)    نزلات البرد وأصحاب المناعة الضعيفة.. كيف تتعامل مع الفيروسات الموسمية دون مضاعفات؟    وزارة الصحة تكشف خطتها للتأمين الطبي لافتتاح المتحف المصري الكبير    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    لترسيخ الانتماء الوطني.. انطلاق مبادرة «تاريخ بلادنا في عيون ولادنا» بالأقصر    استقرار اسعار الفاكهه اليوم الثلاثاء 28اكتوبر 2025 فى المنيا    خالد الجندي: في الطلاق رأيان.. اختر ما يريحك وما ضيّق الله على أحد    بعد حلقة الحاجة نبيلة.. الملحن محمد يحيى لعمرو أديب: هو أنا ضباب! أطالب بحقي الأدبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شوية فلسفة «كورليونى»
نشر في التحرير يوم 10 - 08 - 2014

لم أسافر إلى أمريكا أبدًا، لكننى أعيش فيها، وتستهوينى متابعة التفاصيل فى بلد العجائب، لم أفكر فيها كمكان للعيش، ولكن كملحمة سيتوقف التاريخ أمامها طويلا، كما توقف أمام الإمبراطورية الرومانية.
أذكر أننى عندما كنت صبيا، تربيت فى أجواء اعتبرت كتاب «أمريكا الضاحكة» لمصطفى أمين قرينة على اتهامه بالجاسوسية.. وشعرت أن أى إعجاب بأمريكا هو درجة من درجات الخيانة الوطنية، والانبهار بالإمبريالية (يومها لم أكن أعرف بالضبط ماذا تعنى هذا الكلمة).
مرت السنوات، وكتبت فى مجلة «سطور» المحترمة مقالا بعنوان: «رسالة إلى بهاء.. هذه أمريكا التى أحب»، تحدثت فيه عن السينما، والموسيقى، والحريات الفردية، ووالت وايتمان، وشتاينبك، وجينسبرج، وتشومسكى، وعشرات الأشياء التى أحبها فى هذا البلد الذى عشت أكرهه، وأردد مع جارودى أنه «طليعة الانحطاط».
ولما تكررت مشاهدتى لثلاثية «الأب الروحى» لماريو بوزو وفرانسيس كوبولا، توصلت إلى مفهوم أكثر واقعية لأمريكا.. إنها هذا الخليط الساحر المصنوع من خوف المهاجر من الجوع ومن الغد، وحلمه الأنانى فى التطلع إلى الثراء والنفوذ والوصول إلى ألدرادو الذهب الذى خلب عقول الجميع.
مع مرور الزمن لم تتغير هذه الخلطة، تطورت طريقة صناعتها، وتعبئتها، وتوزيعها، وتصميم شعاراتها، وحملاتها الدعائية، وسن القوانين التى تبيح تداولها لصالح الأقوى والأقدر.
آآآآه.
الأقوى والأقدر.. هذا مربط الفرس (ليس عند راعى البقر وحده، ولكن عند كل الناس)، فالقوة هى المفهوم الأساسى الذى قامت عليه الحياة الأمريكية، إنها مثل دراكولا تتغذى على الدم وتنشط فى الظلام!
يا سلام؟!.. طيب ما الحياة الإنسانية كلها كده، تقوم على ثنائية «الدم والظلام»، حتى إن أساطير الخلق جميعها لا تخلو من هذه الثنائية، فالعالم فى كل أساطير الشعوب ولد من (الكاوس) وأنت حر تترجمها عماء، ظلام، فوضى، هيولة، ضباب، ماء سرمدى، وبعد هذا الكاوس جاءت القوة والقدرة على إضافة ما يسمى «نظام» وقواعد، وإرادة، وهى عوامل بشرية تنطلق من رغبات أفراد خارقين، وقدرتهم على قيادة التطور حسب استجابتهم للتحديات التى يواجهونها.
قصة الحياة فى أصلها إذن مباراة بين طبيعة خام موجودة، وإرادة إنسانية تسعى إلى قيادة وتوجيه هذه الطبيعة من أجل تحقيق رغباتها ومصالحها وانتصاراتها، ومع تطور الإنسان واختراع أدوات جديدة تيسر عليه الصعوبات، ولحظات الاسترخاء بين صراع وآخر، تظهر الحاجة إلى الحب والرفاهية، والمعاملات المهذبة، واللغة الناعمة، والابتسام، وتنشط صناعة الأخلاق وشعارات حقوق الفرد، ولا فرق بين حديث نيتشه الذى يرى أن الضعفاء هم الذين صنعوها كوسيلة للتخفيف من بطش الأقوياء بهم (اعطف على الصغير، وارحم الضعيف، وكده)، وبين حديث ماركس الذى قال إن الأقوياء هم الذين صنعوها لحماية مصالحهم والحد من تمرد وغضب الضعفاء (احترم الكبير، واللى مالوش كبير، وكده).
طبعًا ماركس ونيتشه (مولودين على راس بعض)، والخلاف بينهما عنيد، فالمفهومان موجودان فى الواقع ويعملان بطريقة متداخلة، ما يعنينا منها أن الأخلاق «مصنوعة وليست أزلية»، فهى تتغير من عصر إلى عصر حسب الظروف، كما يعنينا أن «الصراع» عمود أساسى فى الحياة، لكن موقفنا من هذا الصراع هو الذى يتغير، فمرة نكون نحن الأقوياء، فنتحدث بلغة دون كورليونى بعد أن صار العراب، ونعيد توظيف كل شىء لصالحنا ونقدم إلى الآخرين «عرضا لا يمكن رفضه (ده العادى)، ومرة نكون ضعفاء، فنتحدث بطريقة (خد كل فلوسى وسيبنى أعيييييش)».
لكن هل جربنا أن نفكر من الضفة الأخرى؟ هل جربت وأنت ضعيف أن تفكر كما يفكر القوى، لكى تجد جسرًا للفهم والتواصل، وتستطيع أن تفهم دوافعه وتؤثر فى قراراته؟ وهل جربت وأنت مسؤول قوى وقادر أن تفكر كما يفكر المواطن الغلبان، وتفهم ظروفه لكى تجد أيضا جسر التواصل والتأثير؟!
فكر براحتك، لكن المهم تعرف إن مافيش بطل ظهر فى التاريخ إلا وامتلك هذه القدرة على فهم الآخر ومعرفة ظروفه، وتبنى مصالحه، فالبلطجة والغطرسة تنتهى بانتهاء قوة صاحبها، أما البطولة فتعيش حتى بعد موت البطل.
وغدًا نعود إلى كلينتون و«داعش».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.