حمزة.. والتلامذة!    فيفا يعلن عن إيقاف قيد جديد للزمالك لمدة 3 فترات    بالصور.. محافظ المنيا يتوجه إلى موقع انهيار عقار بحي غرب    القاضى أحمد بنداري يدعو الناخبين للمشاركة: أنتم الأساس فى أى استحقاق    وزارة الداخلية: ضبط 40 شخصاً لمحاولتهم دفع الناخبين للتصويت لعدد من المرشحين في 9 محافظات    نتنياهو يعلن رسميًا المصادقة على اتفاق الغاز مع مصر بمبلغ فلكي    الرقابة المالية توافق على التأسيس والترخيص ل 6 شركات بأنشطة صندوق الاستثمار العقاري    41 مؤشرًا لقياس أداء المدن الجديدة للتحول نحو مدن خضراء مستدامة    نتنياهو يعلن الموافقة على صفقة الغاز مع مصر    إطلاق حملة لدعم الأشقاء فى غزة خلال الشتاء ضمن جهود التحالف الوطنى    حكومة نتنياهو تجتمع غدا لمناقشة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة    رسميًا.. إنتر ميامى يجدد عقد لويس سواريز حتى نهاية موسم 2026    الإسماعيلية تحت قبضة الأمن.. سقوط سيدة بحوزتها بطاقات ناخبين أمام لجنة أبو صوير    وكيل تعليم القاهرة في جولة ميدانية بمدرسة الشهيد طيار محمد جمال الدين    السلاح يضيف 7 ميداليات جديدة لمصر في دورة الألعاب الإفريقية للشباب    السعودية تلغي المدفوعات على العمالة الوافدة في المنشآت الصناعية    ضبط شخص يوزع أموالا على الناخبين ببركة السبع    عرض حفلات الأوسكار على يوتيوب بدءا من عام 2029    رسالة مفاجئة من ياسر جلال لمصطفى أبو سريع بعد انفصاله عن زوجته    نجوم الفن فى عزاء إيمان إمام شقيقة الزعيم أرملة مصطفى متولى    رئيس إذاعه القرآن الكريم السابق: القرآن بأصوات المصريين هبة باقية ليوم الدين    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهى عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    إصابة شخصين في حادث تصادم 3 سيارات أعلى الطريق الأوسطي    "جبران" يلتقي وزيرة العمل الإيطالية لتعزيز التعاون المشترك    يسري نصر الله: باسم سمرة فنان كبير رغم عدم امتلاكه لغات أجنبية    الحكومة تستهدف استراتيجية عمل متكامل لبناء الوعى    بين الحرب والسرد.. تحولات الشرق الأوسط في 2025    حين تغرق الأحلام..!    خالد الجندي: من الشِرْك أن ترى نفسك ولا ترى ربك    محافظ الجيزة: زيادة عدد ماكينات الغسيل الكلوى بمستشفى أبو النمرس إلى 62    جلسة صعود وهبوط: 6 قطاعات فى مكسب و10 قطاعات تتراجع    السيسي يرحب بتوقيع اتفاق الدوحة للسلام الشامل بين حكومة وتحالف نهر الكونغو الديمقراطية    محمود كارم: خطاب الكراهية أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة    البنك الزراعي المصري يسهم في القضاء على قوائم الانتظار في عمليات زراعة القرنية    مستشار رئيس الجمهورية: مصر تمتلك كفاءات علمية وبحثية قادرة على قيادة البحث الطبى    أرفع أوسمة «الفاو» للرئيس السيسى    تأجيل محاكمة 10 متهمين بالخلية الإعلامية لجلسة 7 فبراير    جامعة الدول العربية تطلق المنتدى العربي الأول للإنذار المبكر والاستعداد للكوارث    التموين تنتهي من صرف مقررات ديسمبر بنسبة 73%    الصحة: إجراء جراحة ميكروسكوبية دقيقة لطفل 3 سنوات بمستشفى زايد التخصصى    جوائز مالية ضخمة للمنتخبات المشاركة في كأس العالم 2026    تأييد حبس الفنان محمد رمضان عامين بسبب أغنية رقم واحد يا أنصاص    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    مكتبة الإسكندرية تشارك في افتتاح الدورة العاشرة لملتقى القاهرة الدولي لفن الخط العربي    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    اليونيفيل: التنسيق مع الجيش اللبناني مستمر للحفاظ على الاستقرار على طول الخط الأزرق    أوكرانيا تعلن استهداف مصفاة نفطية روسية ومنصة بحر القزوين    المحمدي: ظُلمت في الزمالك.. ومباريات الدوري سنلعبها كالكؤوس    اتجاه في الزمالك لتسويق أحمد حمدي في يناير    إقبال على التصويت بجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بالسويس    ضبط 8 متهمين في مشاجرة دندرة بقنا    المصرف المتحد يرعى المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الثانية والثلاثين    إصابة سيدة وابنها صدمتهما سيارة بقرية فى أبو النمرس    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    الدخان أخطر من النار.. تحذيرات لتفادى حرائق المنازل بعد مصرع نيفين مندور    شادي محمد: حسام حسن قدم مباراة فنية كبيرة أمام نيجيريا.. وكلنا في ضهر منتخب مصر    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن: حسن فؤاد.. الأسطورة الفنية والصحفية
نشر في التحرير يوم 03 - 08 - 2014

عندما رحل الفنان العظيم حسن فؤاد فى يوليو 1985، اهتزّت بالفعل الحياة الفنية والثقافية، تقديرا واحتراما لدور هذا الفنان على مدى أربعين عاما من العطاء، وأسفا شديدا على رحيله الفاجع، وكان قد حقق أسطورة الفنان الذى تركت بصمات غير عادية على فن البورتريه، وصناعة الصحف والمجلات والأغلفة، وقد كتب كثيرا مقالات ودراسات عن الفن ما زالت حتى مطوية فى صحف ومجلات عقدى الخمسينيات والستينيات.
وأنا لا أعرف كيف لا تلتفت المؤسسات الثقافية المصرية الكبرى، والتى تعاقبت على إدارتها شخصيات كبيرة ذات ثقافة عالية، ولا تهتم بجمع التراث النقدى الفنى لهذا الرجل العظيم، فضلا عن أن له كتابا مهما عن الفنان بيكاسو، وكان يقدّمه مسلسلا فى مجلة «صباح الخير»، هذا عدا قراءاته النوعية والعديدة، التى كان يقدمها فى مجلة «روزاليوسف» على مدى سنوات طويلة، وبشكل أسبوعى، ورغم أنه فى عام قيام ثورة يوليو 1952 كان عمره لا يزيد على ستة وعشرين عاما، فإن الكاتب أحمد حمروش اختاره لإخراج أوَّل مجلة تمثّل لسان حال ثورة يوليو، وهى مجلة «التحرير»، وقد أخرجها بشكل جديد وثقافة جديدة، وحساسية تناسب العهد الذى انبثق بعد قيام الثورة، وقد طبع من العدد الأول 100 ألف نسخة، وكان هذا الرقم كبيرا جدا، وشبه مبالغ فى ضخامته، لكن ثقة حسن فؤاد فى ما ذهب إليه، كانت كبيرة فى تاريخية العدد، الذى لم يغطِ احتياجات القارئ، فطالب بزيادة العدد المطبوع.
وكان حسن فؤاد قبل هذه التجربة قد مارس الإخراج الصحفى فى جريدة «المصرى» برئاسة تحرير أحد الصحفيين الكبار والمغامرين، وهو الكاتب الصحفى الراحل أحمد أبو الفتح، ولم يكتفِ فؤاد بتجربة «التحرير» فقط، بل أصدر مع عبد الرحمن الشرقاوى وصلاح حافظ مجلة «الغد الثقافية»، والتى كانت مفاجأة فى الإخراج الصحفى للمجلات الثقافية، كذلك المادة الثقافية التى تعبّر عن مناخ سياسى وفكرى جديد، لكن مجلة «الغد» كانت تنتمى بتركيبة مشرفيها إلى اليسار، وكانت مجلتا «الرسالة» و«الثقافة» على وشك الإغلاق، فجاءت مجلة «الغد» لتملأ المساحات الفارغة التى تركتها المجلتان الراحلتان، وفى تلك المرحلة أصبح اسم حسن فؤاد كبيرا، للدرجة التى راح البعض يقارنه بحسين بيكار وأقرانه من الفنانين الكبار فى ذلك الوقت، وبعد أعوام قليلة فى يناير 1956 صدرت مجلة «صباح الخير» التى رأس تحريرها الكاتب أحمد بهاء الدين، ومعه مجموعة من الكتاب والأدباء الشباب، مثل صلاح جاهين ومحمود أمين العالم ومصطفى محمود ولويس جريس وصبرى موسى.. وغيرهم، وكذلك مجموعة فنانين شباب، وعلى رأسهم الفنان حسن فؤاد الذى صنع غلافا للعدد الأول كان مذهلا للجميع، وكان قبل ذلك قد نشر مجموعة بورتريهات لرواية «الأرض» التى كانت تنشر مسلسلة فى جريدة «المصرى»، وبعدها تربَّع حسن فؤاد مع الفنانين الكبار على عرش صاحبة الجلالة فى الإخراج الصحفى، وقدَّم فنانين وتلاميذ كبارا، تركوا بصماتهم على هذا الفن المهم، وعلى رأسهم الفنان الكبير الراحل محيى الدين اللباد، والذى أخرج كتابا عنه، صدر بعد رحيله مباشرة، وكتب له مقدمة فى غاية الأهمية، تلقى أطرافا مهمة من الأضواء على مسيرة حسن فؤاد، وقد كتب عددا من الكُتَّاب مرثيات مؤثرة، منهم يوسف إدريس وصلاح حافظ ومحمود أمين العالم وسامى السلامونى ومحمد بغدادى وصبرى موسى وسمير فريد وفيليب جلاب وسكينة وفؤاد ولويس جريس وأحمد حمروش وغيرهم، لكن الذى لفت نظرى البورتريه الذى كتبه العم خيرى شلبى فى مجلة «الإذاعة والتليفزيون» بتاريخ 3 أغسطس 1985.
وبعيدا عن أهمية حسن فؤاد العظمى، والتى لن يختلف عليها اثنان، راح خيرى شلبى يضرب فى المساحة الإنسانية العالية لحسن فؤاد، فقدّم للقارئ بورتريها فريدا من نوعه لأحد الفنانين العظام، يقول خيرى شلبى: «فى الفن كان (حسن فؤاد) مدرسة، وفى أى مدرسة كان عائلة بمفرده، بل كان مجتمعا كاملا، وكان أنسا وبهجة وفرحا.. تراه يجلس إلى مكتبه فى مجلة (صباح الخير) يتثاءب فى ملل أو يقرأ فى سأم قد لا ينتبه إلى وجودك المفاجئ، رغم أنه يكون قد ردّ عليك السلام نطقا ومعانقة باليد، وقد يرقبك من تحت زجاج النظارة فى شرود لبُرهة، فيبدو أنه فريسة لشعور دائم بالكآبة، هذا إذا لم تعرفه جيدا، أما إن كنت تعرفه فإنك تُوقن أن بداخله مهرجان فرح وحيوية وإنسانية، ولسوف يغمرك المهرجان بعد بُرهة وجيزة»، ولأن خيرى شلبى وصّاف من طراز فريد، فهو يحتاج إلى مساحة واسعة فى الشخصية التى يرسمها ويصفها، وهو يأخذ راحته تماما فى الذهاب والإياب فى رسم محبِّيه، فخيرى شلبى من أعمق مَن كتبوا البورتريه فى مصر، وربما فى العالم العربى.
وهو امتداد طبيعى ومركّب لعبد العزيز البشرى من ناحية، ولإبراهيم عبد القادر المازنى من ناحية أخرى، وكما أن المؤسسة الثقافية مقصِّرة فى جمع كتابات وبورتريهات حسن فؤاد، فكذلك يتكرَّر هذا الأمر مع خيرى شلبى الذى له من الكتابات المتناثرة فى المجلات ما يكفى مجلدات، غير ما جمعه هو ونشره فى أواخر حياته، خصوصا البورتريهات التى تنطوى على فرادة مذهلة، اقرأ ما يقوله عن حسن فؤاد: «وحين تجلس مع حسن فؤاد فأنت فى نفس الوقت تجلس مع ابن بلد مئة فى المئة، فإذا أنت زرته فكأنك مع موظف بسيط يستقبلك فى منزله مرتديا جلبابا من الزفير المقلّم، وفوق رأسه طاقية من نفس القماشة.. وإذا أنت مع تاجر حبوب أو غلال يجالسك فى صدر متجره لابسا جلبابه الصوفى، ومن تحت الصديرى الشامى، وفوق رأسه طاقية صوفية، وفى قدميه مركوب بنى دون شراب، يعرض عليك عيّناته وتحت شاربه ترتعش ابتسامة تفاخر، وهو يلفت نظرك إلى أن هذه الحبوب من نتاج أرض مصر الصغيرة، وأن هذه البيعة لقطة، وفيها لقمة عيش طريّة، فلا تضيعها»، ويظلّ خيرى العظيم يتجوّل فى حسن فؤاد العظيم، ونشعر كأننا نقرأ مقطوعة من الموسيقى الغزلية الراقية، لا يكتبها إلا نبيل عن نبيل يُشبهه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.