بدأت فكرة التحالفات مع الاستعداد للانتخابات البرلمانية عام 2011، حيث تمخَّضت عنها 4 تحالفات رئيسية: التحالف الديمقراطى الذى قاده حزب الحرية والعدالة، والتحالف الإسلامى الذى قاده حزب النور، وتحالف الكتلة المصرية، وتحالف الثورة مستمرة. رغب حزب الحرية والعدالة فى تشكيل تحالف موسّع لا يضم شخصيات محسوبة على نظام مبارك، إلا أن ما حدث هو أن عديدا من الأحزاب قد خرجت من هذا التحالف، وقامت بتكوين تحالفاتها الخاصة، وعلى رأسها حزب الوفد، وذلك نتيجة للخلاف حول عدد مقاعد كل حزب عضو فى التحالف فى الانتخابات البرلمانية، حيث خرج حزب النور من التحالف لاستشعاره قدرته على قيادة تحالف خاص به، بينما قرَّر حزب الوفد نزول الانتخابات استنادا إلى ما يملكه من قاعدة حزبية واسعة، وهو ما تحقق بالفعل، فقد أسفرت نتائج الانتخابات -آنذاك- عن حلول التحالف الديمقراطى فى المركز الأول، ثم التحالف الإسلامى، وجاء الوفد فى المركز الثالث. رغم تغيُّر الظروف فى عام 2014 فإن هناك تشابها بين ما حدث فى التحالفات التى تشكَّلت عام 2011 والتحالفات التى تتشكَّل حاليا، فقد كان التحالف الديمقراطى يهدف إلى مواجهة فلول نظام مبارك، وها هى التحالفات الحالية تتشكَّل وفى ذهنها التخوف من عودة الإسلاميين والخوف على مدنية الدولة، أى أن القضية تتعلق فى الحالتين بالسعى إلى استبعاد مجموعة معينة أو فصيل بعينه وهزيمته فى الانتخابات، كما يتشابه حزب المصريين الأحرار فى 2014 مع تجربة حزب الوفد فى 2011، فحتى الآن لم يعلن «المصريين الأحرار» عن انضمامه إلى أى تحالف انتخابى، إذ يبدو أنه سيخوض الانتخابات القادمة منفردا، خصوصا أنه يمتلك من القدرات المادية ما يؤهله لتمويل الانتخابات، فضلا عن امتلاكه للأداة الإعلامية التى مكَّنت تحالف الكتلة المصرية من تحقيق مكاسب لافتة للنظر فى انتخابات برلمان 2011، كما أنه يعتقد أن الحزب سيُركِّز أكثر على المقاعد الفردية. وفى ما يتعلق بالتحالفات الحالية يمكن القول بأن الدافع الأساسى من ورائها يرجع إلى قانون الانتخابات الحالى الذى أجبر الأحزاب على الدخول فى تحالفات انتخابية، خصوصا فى ما يتعلق بفكرة القائمة المغلقة المطلقة، والتى لا بد أن تتضمَّن تمثيلا لفئات بعينها أقرَّها الدستور، حيث يصعب على أى حزب تكوين قائمة منفردة تلبّى هذه النسب، لكن هل ستستمر هذه الأحزاب فى تحالفاتها خصوصا فى ما يتعلق بنسبة كل حزب فى القائمة؟ نعتقد أن فكرة «المحاصصة» ستدفع بعض التحالفات إلى الانفجار والتفتت مثلما حدث فى 2011. تكمن الصعوبات الأخرى التى تواجه التحالفات الحالية فى فكرة إقناع القواعد الحزبية، خصوصا مع حزب مثل حزب النور الذى يجد صعوبة حقيقية فى اختيار مرشحين أقباط، ومن ثمّ عليه الدخول فى تحالف انتخابى لا ينتمى إلى التيار الإسلامى، خصوصا بعد تأييد الأحزاب الإسلامية لمحمد مرسى ورفضها للمسار الحالى، ففى عام 2011 كان التحالف أسهل بالنسبة إلى حزب النور، ذلك لوجود أحزاب إسلامية أخرى تشترك معه فى نفس الرؤية، وهو الوضع الذى تغيَّر فى 2014، ووفقا لجريدة «المصرى اليوم» بتاريخ 12 يوليو 2014، تسبَّبت المفاوضات الدائرة بين أشرف ثابت وفلول الحزب الوطنى فى غضب القواعد الحزبية لحزب النور، أيضا الأحزاب التى دخلت فى تحالف سياسى مع المرشح الرئاسى حمدين صباحى وقت الانتخابات الرئاسية، هل ستنضم إلى تحالف مثل التحالف الذى يشكّله الوفد؟ من المشكلات الأخرى التى تواجه التحالفات الانتخابية والتى ستؤثر على أدائها فى البرلمان هى فكرة الالتزام الحزبى، مثل مدى التزام الأعضاء فى الأحزاب المختلفة بما يقرّه التحالف، خصوصا فى مسألة وضع بعض الأسماء فى القوائم من عدمه؟ وهل سيتسبَّب ذلك فى حدوث انشقاقات داخلية فى الأحزاب، خصوصا أن القانون الحالى يمنع تغيير الصفة التى ترشح وفقا لها العضو للانتخابات، حيث لا يجوز تغييرها بعد دخوله البرلمان، وقد ظهرت هذه المشكلة مع حزب النور، إذ أعلنت مصادر داخله عن تهديد بعض الأعضاء بالانشقاق عن الحزب، وخوض الانتخابات البرلمانية كمستقلين بعد رفض المجلس الرئاسى للحزب ترشيحهم. رغم الصعوبات التى تواجه الأحزاب فى ما يتعلق بالمقاعد على مستوى القائمة فإنها ستواجه صعوبات أكثر على مستوى المقاعد الفردية، حيث لم يتم حتى الآن الإعلان عن تقسيم الدوائر، مما يعرقل عملية اختيار المرشحين داخل كل حزب، سواء فى القائمة أو فى الفردى.