وعدت قيادات مصر العسكرية واشنطن بوقف مداهمة المنظمات غير الحكومية ومطاردتها مع عودتهم لممارسة نشاطهم فى مجالى حقوق الإنسان والديمقراطية، هذا ما أكده مسؤولون أمريكيون كبار فى تصريحات وبيانات اهتمت بها وبتبعاتها منظمات تعمل فى مجالَى حقوق الإنسان والديمقراطية وتابعتها وسائل الإعلام الأمريكية. وحسب ما ذكرته الخارجية الأمريكية والبنتاجون (وزارة الدفاع) فإن كلا من ليون بانيتا وزير الدفاع وآن باترسون السفيرة الأمريكية لدى مصر تحدثا يوم الجمعة مع قيادات بالمجلس العسكرى لإبلاغهم من جديد بقلق واشنطن البالغ تجاه ما حدث من مداهمات ومصادرات لمقرات منظمات المجتمع المدنى يوم الخميس. وأعلن البنتاجون أن وزير الدفاع الأمريكى ليون بانيتا قد اتصل تليفونيا بالمشير طنطاوى وأعرب عن «قلقه العميق» تجاه المداهمات التى تمت لمكاتب منظمات المجتمع المدنى. وقد ذكر أن المكالمة امتدت ل25 دقيقة شدد فيها بانيتا على أنه أمر حيوى لمصر أن تمضى قدما فى الطريق نحو انتقال ديمقراطى، حسبما جاء فى بيان للسكرتير الصحفى للبنتاجون جورج ليتل، وقال ليتل إن بانيتا شكر المشير طنطاوى على قراره السريع بوقف المداهمات. وأكد من جديد أهمية العلاقة الأمنية الأمريكية المصرية وأوضح أن الولاياتالمتحدة تظل ملتزمة بالشراكة الاستراتيجية مع مصر ومستعدة للتعاون معها وهى مستمرة فى انتقالها الديمقراطى. أما السفيرة آن باترسون فقد تلقت تأكيدات من السلطات المصرية، حسب ما قالته فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، أن المداهمات سوف تتوقف والممتلكات المصادرة سوف تعود لأصحابها. وقالت نولاند إن باترسون وافقت على أن تشارك فى حوار مع مسؤولين مصريين من أجل شرح أفضل لطبيعة وعمل المنظمات غير الحكومية العاملة فى مصر. وأنها طلبت من المسؤولين المصريين «أن يُسمح لتلك المنظمات أن تعمل بحرية كما تفعل فى دول أخرى فى العالم من أجل دعم الديمقراطية والانتخابات الحرة». ولاحظ مراقبون ومراسلو الصحف الأمريكية أن هذا التأكيدات تأتى فى وقت تشن فيه وسائل الإعلام المصرية الرسمية حملة لتشويه سمعة تلك المنظمات وتسليط الضوء على «نشاطهم المشبوه» وملايين الدولارات التى خُصصت لتمويل نشاطاتهم. ومن ثم يظل الأمر مبهما وجديرا بالمتابعة لمعرفة ما ستسفر عنه هذه المواجهة الأخيرة بين واشنطن والمجلس العسكرى. صحيفة «نيويورك تايمز» من جهتها ومع متابعتها تفاصيل وتطورات الأحداث فى مصر خصصت يوم أمس (السبت) افتتاحية لها لما حدث للمنظمات الحقوقية وتخاطب فيها بلغة شديدة اللهجة المجلس العسكرى، أو من تصفهم وتختارهم عنوانا للافتتاحية «جنرالات مصر المعرقِلون». وقالت: «إن إدارة أوباما تحدثت بشدة ضد المداهمات الأخيرة .. وعليها أن تواصل الضغط وأن توضح أن هذه الانتهاكات لو استمرت فإن جزءا من ال1.3 مليار دولار من المعونة العسكرية الأمريكية السنوية سيتم حجبه. وإن الاتحاد الأوربى عليه أيضا أن يعيد النظر فى مساعداته». افتتاحية «نيويورك تايمز» بعد أن استعرضت ما حدث يوم الخميس وأيضا خلال الفترة الماضية من مواجهات ومصادمات قالت: «المصريون يواصلون الاحتجاج لأن الجيش أوضح عزمه على التمسك بالسلطة السياسية إلى أجل غير مسمى وعلى التحكم فى المزايا الخاصة به فى الاقتصاد، ولا يهم كم عدد المواطنين الذين يتم اعتقالهم أو قتلهم». واختتمت بالقول «جنرالات مصر يدّعون أنهم يحمون بلادهم، والحقيقة أنهم مهتمون فقط بحماية سلطتهم والامتيازات الخاصة بهم. إن قمعهم المتواصل هو التهديد الحقيقى للاستقرار فى مصر ومستقبلها». الصحيفة نفسها وفى تقرير عما حدث وقد يحدث ذكرت «لأول مرة خلال عشرات السنين سيتعرض مصير المعونة الأمريكية لمصر التى تقدر ب1.3 مليار دولار لمداولات فى الإدارة، وذلك بسبب اشتراط جديد أقره الكونجرس فى أثناء اعتماده الميزانية، فالخارجية يجب أن تقر وتعتمد أن حكومة مصر ملتزمة بالديمقراطية، ومن ثم لم يتم إرسال أى أموال إلى مصر منذ بداية السنة المالية الجديدة فى أكتوبر الماضى، وإن هذا الاعتماد (وهو ليس متوقعا قبل يناير المقبل كأقرب توقيت) سوف يكون من الصعب تبريره بعد ما حدث يوم الخميس الماضى».