والمصدر هنا هو كتاب «ما لا يجوز فيه الخلاف بين المسلمين» للشيخ الراحل عبد الجليل عيسى، وهو من قامات الأزهر الشريف، وما أطرحه الآن هو رد واضح على كل من يعتقد أن أمور الدين لا تقبل المناقشة والخلاف، وليس فى الفرعيات فحسب، بل العبادات نفسها بفروضها وبأركانها. الغريب أن بعض الأمور اختلف العلماء فيها اختلافًا شديدًا فجعلها البعض فرضًا، وجعلها البعض حرامًا.. فمن نتبع؟ خد عندك: «رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام» حرام عند الزيدية، لا يستحب، روايةً عن مالك، مستحب، روايةً أخرى عن مالك، واجب يأثم المصلى بتركه ولا تبطل صلاته عن الإمام أحمد بن حنبل، واجب تبطل الصلاة بتركه عند الأوزاعى، وابن يسار وابن خزيمة، والأخيران من أعلام الشافعية. - قراءة الفاتحة فى صلاة الجنازة بعد التكبيرة الأولى: ركن تبطل الصلاة بعدم قراءتها عند الشافعية والحنابلة، حرام يأثم المصلى إذا قرأها عند الحنفية، مكروهة قراءتها عند المالكية. هذان المثالان غيض من فيض، وهناك الكثير مما يلطم المتعصبين لآرائهم الدينية على عقولهم، ويبين السبب فى تغيير فقه الشافعى حين أتى إلى مصر، فلو لاحظت الصلاة الواحدة لأى مصرى ستجده يبدأ صلاته كابن حنبل، ويركع كأبى حنيفة، ويسجد كالشافعى، ويجلس للتشهد كمالك، أو العكس.. وعندما تحدث الشيخ عبد الجليل عيسى عن أسباب هذا التباين الشديد فى آراء العلماء قال: «هما سببان: إما أن الأمر الواحد فعله الرسول بأكثر من طريقة وكلها مباحة، وإما أن الأمر كان من التفاهة لدرجة أن لا يهتم به من اتبعوا الرسول الكريم، مثل نكتة السير فى الجنازة، هل أمام النعش أم خلف النعش؟ وللأسف النكتة حدثت بالفعل». كفاية تفاهة بقى!